الكوميديا السورية تفقد جمهورها

طارق العبد

لا يمكن أن يمر موسمٌ من دون أن تحجز المسلسلات الكوميديّة حيزاً كبيرًا في الدراما السورية. لكنّ ضعفاً واضحاً يعتري هذه الأعمال في السنوات الأخيرة، فقدّمت في الموسم الحالي أعمالٌ بلا بريقٍ يشد الجمهور للمتابعة.
بضعة مسلسلات كوميديّة عرضت هذا العام، أهمها «الطواريد» (كتابة شادي دويعر ومازن طه وإخراج مازن السعدي)، إضافة إلى الجزء الثاني عشر من «بقعة ضوء» (تأليف مجموعة من الكتاب وإخراج سيف الشيخ نجيب). وعلى الرغم من الاستعانة بكبار نجوم الدراما ورصد ميزانية عالية إلا أن الحلقات الأولى في العملَين بدت باهتة.
في صحراء يفترض أنها سوريّة (تم التصوير في الإمارات) تدور أحداث مسلسل «الطواريد» عن طفلَين «خلف ومهاوش» (محمد حداقي ومحمد الأحمد) يربيهما الشيخ «طرود» (عبد الهادي صباغ) وتتكفل كل نساء القبيلة بإرضاعهما، فيصبحان «إخوة بالرضاعة» لكلّ فتيات القبيلة.
عندما يقرّر البطلان الزواج يكتشفان أن «وضحة» (نسرين طافش) هي الخيار الوحيد لكليهما، فيتنافس «خلف ومهاوش» على ابنة شيخ القبيلة التي تضع شروطاً قاسية بذكاء وتطلب منهما مبارزتها بالسيف.
حتى الآن تحمل القصّة حساً فكاهياً معقولاً، لكنّ الحلقات الأولى كشفت عن نصّ متواضع وحوارات مخلوطة بين اللهجة البدوية الركيكة والشامية. أما المسألة الأغرب فهي إصرار بطلات العمل نسرين طافش وجيني اسبر ومديحة كنيفاتي على الظهور بمكياج صارخ لا علاقة له بالبادية أو بسياق الأحداث، ليصبح الصراع الأدق على إظهار «اللوك» الأفضل بغضّ النظر عن المشهد وضروراته.
هذه العناصر مجتمعة، أضعفت العمل الذي خصّصت له شركة «كلاكيت – قناة أبو ظبي» ميزانية عالية شملت الاستعانة بالنجوم وتقديم العمل بصورة عالية الجودة بصريًا. كذلك لم تتمكّن أسماء مثل أيمن رضا ومحمد حداقي ووائل زيدان وقاسم ملحو وعبد الهادي صباغ من رفع مستوى النص أو تشكيل حالة بديلة بالاتكال على الارتجال أو كوميديا الموقف.
على الضفة الأخرى يستمر مشروع «بقعة ضوء» في جزئه الثاني عشر متّكلاً على عودة نجوم الأجزاء الأولى أمثال باسم ياخور وأيمن رضا وأمل عرفة وصفاء سلطان وعبد المنعم عمايري وجرجس جبارة. بدوره يتكئ المسلسل على مواقف تتقاطع مع الحالة السورية بعد خمس سنوات من الحرب كالحواجز وقذائف الهاون والهجرة واللجوء في الخارج وانتشار الجماعات التكفيرية والمقاتلين الأجانب. لكنّ العمل وقع في مطبَّين، الأول هو استعادة ما طرح في مواسم سابقة من «بقعة ضوء»، والثاني هو تحوّل النص من الكوميديا أو السخرية من المواقف القاسية إلى وعظٍ وتسويقٍ لمواقف وطنية وإنسانية لا مكان لها في مسلسل كوميديّ، أقّله بالفجاجة التي تقدّم بها.
الإنتاجات الكوميدية الأخرى ليست أفضل حالاً، والقاسم المشترك بينها هو الاعتماد على التهريج والابتذال في النص. وقد فشلت محاولات أبطال بعضها مثل عبد المنعم عمايري في «سليمو وحريمو» (تأليف وإخراج فادي غازي) لإنقاذ هذه المسلسلات من ورطة التكرار الممل.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى