مشروع 1.1 الثقافي.. الفنون ليست حيادية في الحرب

كمال شاهين

ينطلق مشروع «1 فاصلة1» (1.1) الثقافي لمقهى «قصيدة نثر» في مدينة اللاذقية السورية من حقيقة مرعبة: إنّ إجمالي ما تطبعه الدول العربية من الكتب يساوي 1.1 في المئة من الإنتاج العالمي لا أكثر. وبرغم أن عدد سكان الوطن العربي قد قارب 400 مليون نسمة إلا أن كل عشرين عربياً يقرأون كتاباً واحداً، بينما يقرأ كل بريطاني مثلاً سبعة كتب في المتوسط، أي ما يعادل ما يقرأه 140 عربياً، تكفي هذه المعلومات لإدراك الواقع الثقافي الذي نحياه.
يحاول مشروع المقهى أن يساهم في تحريك الساكن هذا عبر المساهمة في دفع نصف تكاليف طباعة عدد من الكتب لمبدعين لم يتمكنوا بسبب ظروف كثيرة من الوصول إلى عتبات النشر، الحرب وحدها زادت تكاليف الطباعة ثلاثة أمثال على الأقل، يشرح صاحب أقدم مقهى ثقافي في اللاذقية «رامي غدير» الفكرة في حديث لـ «السفير» قائلاً: «المشروع يتشارك مع المبدعين بهدف إتاحة الفرصة لدعم أكبر عدد ممكن من المبدعين، ومع طباعة كل كتاب سيروّج المقهى للكتاب والكاتب ويُوزّع المنتج الثقافي وفق ما هو متاح في ظل الظروف الراهنة».
يعتبر «رامي» – الفائز بجائزة المسابقة الدولية لنصوص المونودراما العربية في الفجيرة 2014 – أن الأدب لا يمكن أن يكون حيادياً في الحرب، من هنا فإن الحرب وانعكاساتها على كل المستويات الإنسانية والاجتماعية ستكون موضوع الكتب التي ستطبع، أحد الاقتراحات التي قدمت هي عن العنف الموجه للأطفال في الحرب السورية. عدد الكتب المقدرة قد يكون قليلاً (16 كتابا) ولكنها كبداية جيدة عملياً لمشروع ينطلق من نقطة الصفر.
تم طرح المشروع على الشبكة العنكبوتية لدعوة المهتمين للتبرع، وهذه الطريقة جديدة ولكن معاناة السوريين منها على أكثر من صعيد، فهناك انعدام لإمكانية إرسال التبرعات من الداخل السوري إلى الموقع مباشرة، مع ضعف لانتشار البطاقات المالية (مثل ماستر كارد وكاش يو وغيرها) في البلد، حلت المشكلة بالتبرع الفردي المباشر في مقهى قصيدة نثر نفسها.
ستقوم لجنة قراءة، تضم خبراء في مجالات المشروع، بمراجعة الأعمال المقدمة واختيار الأعمال المناسبة للطباعة وفقاً لمعايير فنية تضمن السوية الجيدة. أيضاً، سيتيح المشروع فرصاً متكافئة للجنسين للمشاركة بتقديم النتاج الإبداعي.
«قصيدة نثر» مقهى ثقافي انطلق في العام 2008 محققاً حضوراً لافتاً في المدينة شكل ظاهرة شملت لاحقاً كل المقاهي التي نشأت بعده محاولة تقليد فكرته ومحققة كلها أدواراً مختلفة، جعلت المدينة ككل تحيا حياتها الثقافية بشيء من الطمأنينة، أقله في النوع الذي شمل طيفاً واسعاً من مسرح المونودراما إلى السينما والشعر والرقص.
حقق المقهى سمعةً طيبة سمحت له باستضافة مبدعين سوريين وعرب من الصف الأول وثقتها حيطان المقهى الصغيرة بصور التقطت في لحظات إلفة جمعت أحلاماً مشتركة لكثيرين في الحياة وفي الإبداع، حل ضيفاً هنا، مارسيل خليفة وعادل محمود ومحمد مظلوم وغيرهم، يوماً ما شهد المكان الصغير قصص حب تُوّجت بالفقد، وأخرى توّجها الرحيل.
إلى جانب طباعة الكتب سيتضمن المشروع إقامة ورشة عمل مدتها ثلاثة شهور بإشراف مختصين لتدريب كوادر وتأهيلها من أجل العمل في البناء النفسي للطفل داخل سوريا بعدها سيتم إطلاق الكوادر المدربة للعمل ميدانياً مع الأطفال الذين هم ضحايا للحرب والعنف أساسا وتحت إشراف مختصين.
إلى اليوم ينتظر صاحب المشروع أن يتحول المشروع إلى واقع، يدرك أن ظروف السوريين قاسية، وأن الثقافة واﻹبداع ليسا بالأمر الهيّن عليهم في ظل ظروفهم الاقتصادية الراهنة، مع ذلك يعول «رامي» على تكامل المشهد الثقافي الذي يطمح اليه المقــهى في حاضره ومــستقبله.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى