انصاف الغربي .. يأسرها الحنين والوجد تجاه الذكرى والأمكنة

شمس الدين العوني

يتأمل الفنان المشهد وهو يتحسس شيئا من قماش طفولته. كيف يقول بهاؤه ووداعته بضروب الفن ليبرز ما تعلق به من ألفة مع العالم والآخرين ويمكث لأطول فترة في حياته العابرة تحت شجر الحنين والانتظار.

نعم .. الحلم أغنية تحت شمس الانتظار. هكذا نمضي في عوالم التلوين مع الرسامة التي خبرت لغة التلوين وأخذتها الشواغل وأشياء الحياة لفترة حوالي عقدين وها هي الآن تطل بلوحاتها الفنية وفي قلبها شيء من الحنين.

الفنانة التشكيلية انصاف الغربي درست بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس في التسعينيات، وتلقت دروسا في الرسم الزيتي بالمركز الثقافي الايطالي والمركز الثقافي الروسي وبمركز المنزه السادس، وذلك الى جانب المشاركة في ورشات مع فنانين تونسيين من أصحاب التجارب المهمة.

كما شاركت في تربصات في الرسم على الزجاج والقماش والحرير وتلقت تكوينا فنيا بمشاركة الفنان الجزائري محمد غزالي بن شريفة.

شاركت انصاف الغربي في عدد من المعارض الجماعية، كما كانت لها معارض فردية خاصة بها، وهي تعد الآن لمعرض خاص وقد تمت دعوتها للمشاركة في فعاليات تشكيلية بالجزائر.

الفن بالنسبة الى الفنانة انصاف الغربي جزء من كيانها فهي تشعر بأنها تكتظ بالمشاهد والذكريات والحنين وترى ذلك في ما يتيحه لها خيالها من مواضيع رسمت بعضها وتسعى للإمساك ببعضها الآخر في قادم أعمالها.

هي تعود بعد عقدين ولديها أعمال ولوحات تعمل على إنجازها.

من قليبية أرض الينابيع كانت ألوانها تحاور البرج في شموخه وجماله وعنفوان تواريخه وهي التي قضت طفولتها وكبرت على إيقاع النظر باتجاهه. هي مأخوذة المدينة والأبواب والأزقة والأقواس وبكل ما يشي بجوهر المكان ومنه المدينة التونسية العتيقة.

التراث يحضر في لوحات الرسامة انصاف الغربي من ذلك اللباس البدوي الذي يبرز في لوحة المرأة باللباس التقليدي. والطبيعة الصامتة حاضرة أيضا في القنينة وصندوق الحلي والمزهريات، هي وغيرها عناصر التلوين لدى رسامة يأسرها الحنين والوجد تجاه الذكرى والأمكنة.

المراكب في البحر تحضر في لوحت الغربي بما تعنيه من شغف بالسفر والحوار المفتوح مع البحر ضمن ما يقترحه من حالات وألوان وعناوين أبرزها الجمال.. جمال البحر وما يعبره من زوارق تفننت في ابتكار حضورها وتلوينها.

هكذا هي عوالم الرسم لدى انصاف الغربي وهي تتواصل بعد سنوات مع ذاتها الملونة بالحلم والشجن والحنين. والفن فسحة متعددة العناوين، وهنا تعنون الرسامة هذه الرحلة الجديدة المتجددة والمستعادة مع الرسم. وهي لا تلوي على غير البوح بما يعتمل لديها من كلمات ملونة كالقصائد.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى