”الكومبارس’ .. زمانان في زمن واحد هو ثورة يناير

تسير رواية “الكومبارس” للروائي المصري ناصر عراق، في خطين متوازيين يتفرع عنهما عدة خطوط متداخلة ومتفاعلة بعضها مع بعض.

الخط الأول يستعرض حياة الممثل الموهوب عبدالمؤمن السعيد الذي يكابد أوضاعًا نفسية بالغة الصعوبة منذ صغره، فوالده الفقير قتل أمه أمام عينيه عندما اكتشف خيانتها، وموهبته لم تشفع له في الحصول على المكانة والشهرة والمجد الذي يحلم بها كل ممثل، وهكذا انطفأ في أدوار صغيرة غير مؤثرة، كما أنه لم يستطع الاحتفاظ بالفتاة التي عشقها حد الجنون أيام دراسته في معهد الفنون المسرحية، إذ هجرته وتزوجت زميلهما قليل الموهبة ابن الأثرياء.

ورغم زواجه من فتاة أخرى وإنجابه ابنتين غير أنه ظل مكتئبًا سابحًا في الظل، لكن المأزق الوجودي الأكبر في حياته وقع له عندما مات ابنه الطفل الذي تعلق به كثيرًا في حادث سيارة. هنا انقلبت حياة عبدالمؤمن تمامًا، ففقد إيمانه بكل شيء، وفي لحظة يأس مزلزلة هجر بيته وأسرته ورحل إلى إحدى القرى الهامشية في ريف مصر وعاش متنكرًا بين أهلها، وتورط في العمل مع أكبر تاجر مخدرات في المنطقة لتتصاعد الأحداث بجريمة قتل.

أما الخط الثاني، في الرواية الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، فيستعرض أحوال زوجة عبدالمؤمن وابنتيه بعد أن هجرهن، والمشكلات التي تعرضن لها قبل وبعد ثورة يناير 2011، فالابنة الكبرى تزوجت من ضابط شرطة اتهم في قتل المتظاهرين في الثورة، والصغرى شاركت بكل جوارحها في الثورة، بينما ارتبطت الأم بعلاقة غرامية مع مثقف ثوري مقيم بباريس لكنه عاد قبيل الثورة ليستقر في مصر ويشارك في الثورة أيضًا.

وهكذا تتناسل الأحداث في مشاهد قصيرة متواترة تنهض على الربط بين زمنين الأول يمتد من عام 1966، والثاني من عام 2008، ليلتقي الزمانان في زمن واحد هو ثورة يناير وما بعدها بقليل.

“الكومبارس” رواية ترصد أزمة الإنسان المعاصر عندما يشعر بالضيم والظلم الشديدين في مجتمعه رغم موهبته، فتضغط على عقله الأسئلة الوجودية الكبرى دون أن يجد لها إجابة مقنعة من جهة، ومن جهة ثانية يفوح من أحداثها المتلاحقة اللاهثة أريج الأمل في مستقبل أكثر عدلًا وحرية وجمالًا.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى