عيد سعيد رغم كل شيء

خاص ( الجسرة )

  • إبراهيم العامري

ها نحن نعلن قدوم العيد وكل ما في بالنا أن يمضي بسلام دون كارثة جديدة دون انفجار أو عملية انتحارية أو حتى انتحار ما لرب أسرة لم يستطع شراء ملابس العيد لأبنائه الخمس، ببالنا أن يمر بعد أن يكمل الطفل المزهو بملابسه ربط حذائه وتلوين وجهه وجمع ” العيدية” من الأقارب والمارة، نتمنى أن يمضي دون أن يراق الدم وتلتصق الأعضاء البشرية على نوافذ السيارات والشوارع دون أن نسمع ذاك الدوي المرعب ونشتم تلك الرائحة التي يخلفها الديناميت واحتراق الوقود المختلط بشواء اللحم البشري، صرنا نرجو الحد الأدنى في كل شيء حتى في مفردة يفترض أن تكون دلالة فرح وغبطة وكعك تخبزه الأمهات والعاب نارية وأطفال مدججين بالفرح والضحك اللذيذ.
الواقع لا يحتاج لأي عناء لتوصيفه في بلاد العرب، والأخبار طازجة دوما ساخنة جراء الحرائق والانفجارات والعمليات الانتحارية التي تفجر يوميا ما انتخبت من بشر وتقدمهم أضحية للخراب بدم بارد ، لا تحتاج سوى أن تفتح نافذة التلفاز لتندلق الجثث ويسيل الدم وتسمع عن فنون القتل والخيبة التي باتت سمة هذا العصر في بلاد لا تحتفي بالإنسان قدر احتفالها بالفرقة والهدم ، المخيمات تعج بالفقر والبكاء والفقد والمعونات المعلبة والمنمقة بكذب الحرب و الاستعراض، ما حولك لا يظهر سوى حالة سوداوية ظلامية فرضها الزمن ومن يتاجر بالأيدولوجيا في كل توصيفاتها المجحفة، من يتاجر باللحم البشري وبأحلام يستمتع باصطيادها باسم الله والحرب والخراب.
عيد لا يشبه اسمه قطعت يده وتشوه وجهه يختلف من سنة لأخرى وفي كل مرة يتعرض بها إلى اعتداء بالهراوات أو بسيارة مفخخة أو هجوم مسلح لا يميّز طفل من شيخ من عجوز من مائدة وضع عليها كعك سمي باسمه من مسدسات بلاستيكية يفرح بها الصبية أو ألعاب نارية تضيىء سماء غاب عنها الفرح كثيرا، أصبح العيد مفردة للتذكر الباكي لاستذكار من استشهد جنديا كان أو مدنيا وأصبح كعك العيد ممزوجا بالدم والذكريات المؤلمة.
.
.
وبالرغم من أن الإرهاب تشابه علينا ومن سؤال المتنبي حين قال: بأي حال عدت يا عيد فإننا نصر على الحياة نصر على الأمنيات السعيدة والغد الأجمل نقاتل لننتصر لنا للحب والفرح ما زالت أمي تصنع العيد وكعكه وما زلت أمر على بيوت الحي أفرح مع الأطفال وأحرص على توفر العملة النقدية المعدنية لتوزيعها عليهم ما زلت أفرح في صباح العيد وأذهب للمقبرة للسلام على الموتى الذين أحبهم ما زلت أمارس العيد رغم كل شيء.
كل عام والعيد بألف خير رغم أنف القذائف والمدافع رغم أنف دعاة الخراب والدم والظلام، رغم أنف السواطير والمشانق عيد سعيد رغم أنف الطغاة والقتلى الذين يحتفلون بطعم النار والانفجارات ويقدمون لنا كل صنوف الألم دون هوادة، كل عام وأنت بهي أيها العيد رغم كل شيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى