إيران تودع أيقونتها السينمائية عباس كياروستامي

زهير حمداني

منح المخرج الراحل عباس كياروستامي (1940-2016) السينما الإيرانية منجزات مثل “طعم الكرز”، وطبع اسم إيران في المحافل السينمائية الدولية لا سيما في مهرجان كان، وصنع أمجادا سينمائية سار على هديها مخرجون إيرانيون كثيرون اقتنصوا جوائز دولية كبيرة.
كان فيلم “طعم الكرز” -الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان عام 1997- الأيقونة الكبرى للسينما الإيرانية ولمخرجه كياروستامي، لكن العدسة الإيرانية لم تعدم منجزات هائلة رغم التضييقات الأمنية والسياسية على الإبداع والمحافظة التي يتسم بها المجتمع الإيراني.
وظل كياروستامي في إيران بعد الثورة الإيرانية عام 1979 يعمل في الحقل السينمائي ببلاده قبل أن يستقر في بعض الفترات لاحقا بفرنسا التي شهدت أروع إنجازاته السينمائية ويتوفى في عاصمتها يوم 4 يوليو/تموز الجاري عن عمر ناهز 76 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
ويعد كياروستامي جزءا من موجة جديدة من السينما الإيرانية بدأت في ستينيات القرن العشرين، واشتهر بقصصه الواقعية التي ركزت على حياة الأشخاص العاديين بمشاكلهم وإحباطاتهم وأحلامهم وخيباتهم.

الإنسان والوجود
وعلى عكس تلميذه المشاكس سياسيا جعفر بناهي، حرص كياروستامي على أن يبتعد عن الأفلام السياسية المباشرة وأن يقدم الإنسان في حركة الوجود و”الحياة ولا شيء سواها” كما في فيلم له بنفس العنوان (1992).
وفي رصيد كياروستامي -الشاعر والتشكيلي أيضا- نحو أربعين فيلما من بينها “التجربة” (1973) و”مسافر” (1974) و”أين منزل صديقي” (1987) و”كلوز آب” (1990) و”عشرة” (2002) و”نسخة طبق الأصل” -من بطولة الممثلة الفرنسية جولييت بينوش- (2010) و” كشخص عاشق” (2012) وغيرها.
ورغم قصصه المحلية غالبا، فقد تفاعل الجمهور العالمي والنقاد مع أفلامه، وقال المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي عن أعماله بأنها تمثل “أعلى مستوى من البراعة الفنية في السينما”.
وظل كياروستامي “المعلم الأول” في السينما الإيرانية المعاصرة رغم بروز مخرجين آخرين كبار من أمثال أصغر فرهادي وجعفر بناهي ومجيد مجيدي ومحسن مخملياف وسميرة مخملياف وبهمن قبادي ومرضية مشكيني وغيرهم ممن قدموا أيضا منجزات مهمة في السينما الإيرانية.
وحاز فيلم أصغر فرهادي “انفصال نادر وياسمين” أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2011. ونال المخرج جعفر بناهي -وهو تلميذ كياروستامي- جائزة الدب الذهبي لمهرجان برلين السينمائي العام الماضي عن فيلمه “تاكسي”.
ولعل شخصية كياروستامي وتميزه باعتباره مدرسة سينمائية قائمة بذاتها وأكثر المخرجين الذين يتم الاحتفاء بهم خارجيا، هي التي جعلت الفن السابع في بلده يبلغ هذه المنزلة، وينجب مخرجين كبارا يحملون المشعل من صانع “طعم الكرز”.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى