حلب على مسرح صور في افتتاح مهرجاناتها

حسين سعد

خالفت «الملكة ضيفة خاتون» قناعاتها وقررت الزواج من حاكم حلب الظاهر غازي كرمى لعيون حلب، لأن الطامعين بها كثيرون، غير آبهة بما حل بوالدها الملك العادل الذي أبعد عن مدينته الى مصر بمرسوم من قبل السلطان.
جسدت هذه المرأة في تلك المرحلة التي تعود الى مئات السنين، هوية هذه المدينة العريقة بتاريخها وثقافتها وثقلها الاقتصادي وتنوعها الاجتماعي.
لكن صرخة «خاتون» التي نجحت آنذاك وجنّبت حلب الطامعين، لم تصل الى الزناد التي تدك حلب ليل نهار بالبارود والنار، إلا ان إرادة أعضاء الفرقة الذين جاؤوا من الشام وحلب والسويداء الى صور، قاطعين مئات الكيلومترات، ما زالت تؤمن بأن حلب ستعود الى عهدها ورونقها متحدية النار بالفرح والحياة.
حلب
باكورة مهرجانات صور الدولية، التي غابت ست سنوات متواصلة قسريا جراء الأوضاع والأحداث الامنية، عكست تلاقي الإرادات، حيث قدمت فرقة «انانا للرقص المسرحي» التي تأسست عام 1998 وتضم في صفوفها حوالي مئة راقص وراقصة محترفين، عرضا مسرحيا مبهرا على مسرح المدرجات الرومانية في مدينة صور بحضور وزير الثقافة روني عريجي ورئيسة المهرجان رندة عاصي بري وفعاليات، الى جانب حشد من المهتمين والمتابعين الذين تفاعلوا تفاعلا كبيرا مع العرض المسرحي بكل تفاصيله.
الى جانب الفقرات الراقصة، التي تماهت فيها ملابس الراقصين مع خلفية المسرح، تصاحبت صور عرضت عبر شاشتين كبيرتين، تحكي عن قلعة حلب التاريخية وأماكنها الدينية والتراثية، بغاية ربط الجمهور مع حاضر الأحداث والأماكن، التي كان يجري الحديث عنها في سياق العرض المسرحي الذي دام قرابة الساعتين، تخللتهما إبداعات للراقصين والراقصات تمثلت بالجرأة في الملابس في بعض المقاطع والأداء المميز في المولوية الحلبية وسوها.
حضرت حلب ايضا، التي أراد مخرج ومؤسس الفرقة جهاد مفلح، إيصال رسالة مفادها العزيمة ومواجهة القتل بثقافة الحياة، بمقاطع شعرية تمجد حلب الشهباء التي لا تؤخذ بالسيف ولا تحكم بالدم كما ورد في متن المسرحية، ومنها أبيات شعرية لنزار قباني.
لم يتوقف عشق حلب عند ذلك، وعندما سأل الظاهر غازي زوجته خاتون كيف وجدت الظاهر غازي أجابت: وجدت أبا وأخا وزوجا وحبيبا ووجدت حلب في عهدك تهزأ بالغزاة وشر البلية.
فرقة انانا للرقص المسرحي «الملكة ضيفة خاتون» قدمت أعمالا مسرحية راقصة، منها أجراس القدس الدمشقية وزنوبيا ملكة الشرق وأميرة البحار وهواجس الشام وأبناء الشرق وجالت في دول عربية وأجنبية، ويلقي العمل المسرحي الضوء على دور المرأة العربية الحضاري وقدرتها العلمية والأدبية.
تعني «انانا» آلهة الادب والفن والجمال عند السوريين القدماء أو السومريين بحسب مفلح الذي يوضح أن فرقة انانا قد أصبحت عالمية، وهي قدمت اول عرض في معرض دمشق الدولي عام الفين، وتضم أعظم الراقصين من دمشق وباقي المحافظات السورية. وقال: مشاركتنا في مهرجانات صور لها رسالة كبيرة، في وقت العالم حاول سرقة تاريخنا واستقرارنا، اليوم نقول لكل العالم نحن موجودون.
الراقصون أتوا قبل ثلاثة أيام من طرطوس والسويداء والشام وحمص، ليعززوا ارادة منظمي مهرجان صور، الذين لم يخشوا الاوضاع الامنية وان المشاركة تحد للعالم الذي يخاف من أي تجمع في الأماكن الدينية وحتى المباراة الرياضية. وختم: أنا أريد من سوريا والشعب السوري الصبر حتى ترجع سوريا كما كانت.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى