المسرح السوري يُضيّق على شبابه

( الجسرة )

*كمال شاهين

للمرة الثانية، يُمنع عرض نص للمخرج المسرحي السوري عهد مراد بعدما استكملت الاستعدادات الفنيّة لتقديمه على خشبة «مسرح ثقافي السويداء» السورية. كان من المنتظر أن يكون نص «وليلة» لمراد، مع نص «بين خطي نار» للمخرج الشاب عمرو أبو أسعد، على الخشبة بعدما تقدم بهما المخرجان عبر مديرية الثقافة مع تسعة نصوص أخرى، ووافقت اللجنة على ثمانية منها. يقول مراد في حديث مع «السفير»: «إن بعضها رديء جداً». ويرى أنه بسبب قرب موعد المهرجان «فقد طلب منا البدء بالعمل في التدريبات على أن تأتي الموافقة لاحقاً، وكانت البطولة مقدرة للممثلة بثينة شيا، خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، ويقوم بدور المغني عهد أبو حمدان وأحد عشر ممثلاً آخر، وعندما انتهينا من التدريب واقترب موعد عرض العمل كانت لجنة قراءة النصوص قد رفضته». عرض «مراد» قادم من أجواء «ألف ليلة وليلة» ويتحدث عن انتشار الفساد واللصوصية ممثلة في قائد شرطة محلي في مجتمعات الحروب، وهو الأمر الذي اعتبرته اللجنة أنه يمس خطوطاً حمراء بنظرها، وتقول اللجنة بعدم اكتمال الشروط الفنية و «هذا ليس سبباً أكاديمياً ويحتاج لتفاصيل كثيرة ولكن الخلفية بكل تأكيد رقابية وليست فنية النص»، كما يؤكد المخرج مضيفاً عن عمله أن رسالته الأساس هي: «أننا نعيش ليلة حالكة لم تتخيلها شهرزاد في كل حكاياتها لشهريار، ولكننا برغم كل هذه الظروف عاقدون العزم على أن تنتهي هذه الليلة». ويعتبر المخرج أن قرار المنع جائر لأنه في لجنة القراءة «عادة ما يكون شخص واحد من ثلاثة أعضاء من قرأ النص وحكم عليه، ونحن نعتبر أن مقومات المسرح لا تظهر إلا في العرض، ما يجعل لجنة قراءة النصوص لا معنى لها، خاصة في ظل وجود لجنة مشاهدة لأي عرض، فالمسرح لا يحكم عليه إلا متكاملاً في العرض». النص الأول المرفوض للمخرج حمل عنوان «نحن والحرب» مأخوذ عن نص «يو أس» لبيتر بروك، والعمل صرخة في وجه الحرب وينادي بالسلام ولا يقف مع أي طرف، وكان رد لجنة القراءة وفقاً للمخرج «أنه من غير اللائق في هذه الظروف اتخاذ موقف من الحرب من دون الدخول في التفاصيل». الكاتب والمؤلف المسرحي وعضو لجنة القراءة «جوان جان» اعتبر أنه غير مخول الإجابة عن زملائه في اللجنة وعلينا مراجعة مديرية المسارح في العاصمة، على أنه في رد غير رسمي اعتبر أن وجود نصوص مرفوضة أمر طبيعي، وأنه وفقاً للقوانين والشروط فإن أي نص يرفض من قبل اثنين من لجنة القراءة (وعددها 6 أشخاص) فإنه لا يمكن عرضه، وأضاف قائلا: «في العادة عندما يتم رفض نص ما يكون السبب ضعف مستواه الفني وركاكة حواراته وتفكك بنيته الدرامية، ومن مصلحة أي لجنة قراءة ألا توافق إلا على الأعمال الجيدة لأنها في النهاية ستكون في موضع اللوم من قبل الجمهور إذا وافقت على أعمال متراجعة فنياً». ويضيف «جوان» قائلاً: «إن النصوص التي تمنح الموافقة ليست بالضرورة بمستوى واحد، فهناك نصوص قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى لكن اللجنة قد ترى فيها نواة لعرض جيد فتوافق عليها»، وهو الأمر الذي جعل اللجنة توافق على عدد من النصوص وترفض غيرها. و «لأن الجودة المسرحية مطلوبة كان حرص اللجنة كبيرا على ألا تعطى الفرصة إلا للنصوص التي يمكن أن تتحول إلى عمل جيد» معتبراً أن من المهم في هذه المرحلة التركيز على إرادة الحياة لدى السوريين وإلى استمرار مسرحهم برغم كل الحرب الدائرة في البلد. وعلى ما يبدو أنه لا معايير محددة لدى لجنة القراءة برغم أكاديمية أكثرية أعضائها إلا أن هذا الأمر بقدر ما يشكل رافعة مفترضة للمسرح السوري إلا أنه بالمقابل يترك الباب مفتوحاً للمزاجية الشخصية والتقييمات غير الدقيقة بما في ذلك شبهات الخضوع لإملاءات من خارج عالم المسرح.

المصدر: السفير

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى