ما قيل عن موت عبدالله بن سهل

خاص ( الجسرة )

*إبراهيم جابر إبراهيم

كان عبدالله بن سهل رجلاً يشهدُ له العربُ بالفطنة والكياسة ، والدهاء. عاش في زمن أمير المؤمنين معاوية، وروي أنه كان متزوِّجاً بأجمل نساء البصرة ، وهي حورية بنت أسد التي كانت جارية لابن رشيد الدهماني وهو واحدٌ من كبار تجار الحجاز، وبذل ابن سهل ثلاثة أرباع ماله، من ذهبٍ وخيلٍ وتجارة ليشتريها، ثم يتزوَّجها.
وكان ابن سهل كثير الأسفار، يُوَسِّطهُ العرب فيما يشجرُ بينهم من خلاف، دائم الحضور على موائد الولاة، لكن بلا صَغار أو مداراة، فقد كان فظّاً إن تعلَّق الأمرُ بالحقّ، لا يمالىء أحداً، فضلاً عن تلك القصص الكثيرة التي تناقلها أهل العراق والشام، بل والحجاز، عن بطولاته في القتال، وكيف انه خاض أكثر من عشرين حرباً بسيفٍ واحدٍ لم يُبدله، وأنَّه كان فارساً مقداماً لم يعد من غزوةٍ بغير قافلة مما غنِم من الخيل أو الإماء . حتى كانت توصفُ الجارية لحسنها ولرفع ثمنها بأنَّها ” من إماء ابن سهل”.
ويقال أن ابن سهلٍ هذا مرَّ بامرأةٍ يوماً وهي تغسلُ شعرها في الماء، فقال لها متغزلاً : “ألكِ زوجٌ يا هذه ويتحمَّل كل هذا الحُسن فلا يُجنّ ؟” وحين بلغ ذلك لـ “حورية بنت أسد” امتنعت عنه ثلاث سنوات ثمَّ ماتت كمَداً.
وكان ابن سهل كريماً، حتى قيل: لم يُشعل ابن سهل يوماً ناراً وأكلَ وحده. لكنَّ ما قيل عن وفاة هذا الفارس الذائع الصيت في العرب كان قليلاً، ولم يرجح بعضُه على بعض، ففي روايةٍ للمؤرخ المقريزي أنَّه قتل على يد سعيد بن عثمان حين خالفه الرأي أكثر من مرة في أكثر من شأن في الطريق الى بخارى، وأنه دفنه على مرأى من جنوده ليكون عظة لمن يفكر في “الاجتهاد”. لكنَّ مؤرخاً آخر من وزن “ابن جبير” الأندلسي رفض تلك الرواية مراراً وقال أنَّ ابن سهل مات مسموماً على يد إحدى إمائه التي استأجرها لقتله والي بغداد “لأمرٍ لم تعرفه العرب” !
لكن الذي لم تقله الروايات تفصيلاً ، أنَّ ابن سهل لما خرج في جيش سعيد بن عثمان لإحدى فتوحاته كان قد وقف في الطريق تحت شجرةٍ ورفع بصره الى الله ثم قال ” يا رب إن كان في هذه الحروب إعلاء لأمرك فإنّي وحقّك لا أصون دمي عن مرضاتك، أما إن كانت تعضيداً لحكم معاوية، وفتحاً جديداً لتثبيت أمره فإنّي أصون دم أهل تلك البلاد أن يسفك باسمك”. فسمعه خادم من خُدّام ابن عثمان ووشاته، ونقل الأمر له، فأمر ابن عثمان بإعادته وسجنه. ومات في سجنه بعد أيام محموماً، وهو ما دفع معاوية لاستدعاء سعيد وعزله.
وهي فيما رجح أغلب الروايات ثقة عند العرب.

اوف ! هذا تلفيقٌ وزيف . وقد ملَلَتْ .
فما من عبدالله بن سهل في تاريخ العرب وما من حورية ولا أصل للحكاية. إنّما هي من نسيجي الآن .
قد ملَلَت من 400 كلمة. فكيف لم يملّ “الرواة” أزيد من ألف عام من تدبيج “التواريخ” وتلفيق “الحديث” !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى