«أوبرا هشك بشك».. مواجهة الطقاطيق والموسيقى الأوركسترالية

( الجسرة )

*فاتن حموري

بعد 3 سنوات من العروض المستمرة في «مترو المدينة»، تنتقل «هشك بشك» إلى مهرجانات جبيل، هذا العام، لتقدم عرضا واحدا فقط (الأحد المقبل)، حيث أدخلت عليها الكثير من التعديلات لعل أبرزها تحولها إلى «أوبرا»..
فكرة قد تثير الاستغراب وبخاصة أن تعزف أوركسترا فيلهارمونية أغنية «سلامتها أم حسن». حول العرض المنوي تقديمه، هذه المقالة التي تحاور كلا من المخرج هشام جابر والمايسترو لبنان بعلبكي
«يريد الناس مشاهدة عرض فنيّ يحترم الدماغ شرط أن لا يضحكوا عليه، ويكرّس فكرة الفرح». بهذه الكلمات يستهل المخرج هشام جابر حديثه لـ «السفير» حين نسأله عن السبب الحقيقي الذي يقف خلف نجاح عرض «هشك بشك» الغنائي الذي يحاكي موسيقى الأفراح المنتشرة في مصر من العشرينيات إلى الستينيات وصولاً إلى القرن الحالي، في مسرح «مترو المدينة»، الذي انطلق منذ أكثر من ثلاث سنوات، وما زال مستمراً ومكللاً بالنجاح. واليوم تستعد عناصره الفنيّة لإبداع جديد إلى جانب ثلاثة وأربعين عازفاً من الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي في عمل بعنوان «أوبرا هشك بشك»، يقدّم ليلة الأحد المقبل ضمن «مهرجان بيبلوس الدولي».
يضيف جابر أنّ الحديث عن الفرح ليس بدعة «بل هو أساس للبقاء والاستمرارية على كوكبنا المظلم. أثبت «هشك بشك» أنّه النفس المفقود فنياً في عالمنا. عناصر «هشك بشك» هي نفسها زياد الأحمدية، ياسمينا فايد، لينا سحاب، رندا مخول، زياد جعفر، سماح أبي المنى، بهاء ضو، روي ديب، ووسام دالاتي، إلا أنّنا أدخلنا تعديلات عدّة على العرض بغية تقديمه ضمن مهرجان جبيل. استغرق العمل على التعديلات ثلاثة أشهر. وزّع نضال أبو سمرا الجزء الأول من العرض أغاني العشرينيات إلى الأربعينيات وقام زياد الأحمدية بتوزيع الجزء الثاني المتضمّن أغاني الأربعينيات إلى الستينيات. العرض يحمل إحساساً جديداً ومختلفاً عمّا قدّمناه في «مترو»، وهو عرض يقدّم لمرة واحدة فقط ويستحق المتابعة. يحكي العرض عن أعمال فنية مستقبلية. قد يقول أحدهم على سبيل المثال إنّه ضرب من الجنون أو السوريالية أن تعزف أوركسترا فيلهارمونية أغنية «سلامتها أم حسن» لكن النتيجة جميلة وذات بعد جديد في عالم الموسيقى. موسيقى الطقاطيق البسيطة ستحمل آفاقاً جديدة مع الأوركسترا، والمشهدية المرافقة (ديكور فرح فقيه وبصريات وتصميم إضاءة نديم صوما) ستأخذها إلى أماكن لم تصلها من قبل».
يؤّكد جابر أنّ الأوركسترا ستكون عبارة عن شخصية من شخصيات العرض، «سنحاورها مطلقين عدداً من «القفشات»، سنلعب فنياً معها وضدّها، ومفاجأة السهرة ستكون المراحل الانتقالية بين الهشك بشك والأوبرات العالمية، سنحكي بعد كلّ أوبرا قصة لها علاقة بسياق العرض. البداية مع أغنية «كوكايين» لسيد درويش والنهاية مع «العتبة قزاز». مدّة العرض ساعتان تتخلّلهما فترة استراحة من ربع ساعة. يعلن جابر أنّ القلق في أعلى مستوياته قبل يوم الأحد «بدأت التمرينات مع الأوركسترا وفي العادة، مرحلة وضع اللمسات الأخيرة تقلقني جداً، لكنّ الحماسة في أعلى درجاتها. ننتظر نهاية الأسبوع لنستمتع في رحلة الفرح ولنرسّخ جذور رؤيتنا الفنية من جبيل». يعتبر جابر أنّ مشاركته العام الماضي ضمن مهرجانات بيت الدين في عرض «بار فاروق» وهذا العام في «اوبرا هشك بشك» ما هي إلا لتأكيد وجود هوّة فنية معيّنة في لبنان وفي المهرجانات بالتحديد «قمنا كفرقة بسدّ فراغها إلى حد ما، إذ إنّ المهرجانات تقدّم أنماطاً فنية مشابهة لناحية الأسماء والفرق الفنية. والمسؤولون عن المهرجانات يريدون إنتاجاً محلياً ذا نوعية مميّزة يتفاعل معه الجمهور، كما أنّ الجمهور ملّ من تكرار الصيغ الفنية ويريد جديداً جاذباً، من هنا وقع علينا الاختيار بعدما أثبتنا وجودنا».
يعتبر جابر أنّ «أوبرا هشك بشك» سيقول للكثيرين «هلموا إلى إنتاجات فنية محلية ذات أفكار مميزة وجدّية تمزج بين الكلاسيك والشعبي وتبعث على الفرح».
لبنان بعلبكي
بدوره، يعلن قائد الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية المايسترو لبنان بعلبكي أن اسم «هشك بشك» حين يطلق على عمل ما يأخذ طابعاً سطحياً بصورة عامة، أي أنّ العمل يفتقد الكلمة واللحن والأداء، إلا أنّ عرض «هشك بشك» الذي شاهده في «مترو» منذ سنة ونصف «هو عمل فني دسم وجدّي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من ناحية إعادة إحياء الأغاني القديمة وطريقة تقديمها في حانة مع حركة مسرحية في إطار ديكور وأزياء ومشهدية مميزة. هو أقرب إلى الأوبرا وكنت واثقاً من أنّه يستحق أن يكون بمعية الأوركسترا في قالب أوبرالي، لذا كان انتقال العرض إلى مكان أكثر جدية وصرامة مع هالة مسرحية في مهرجانات جبيل أمرا طبيعيا. سعدت جداً حين أخبرني هشام جابر بتقــــديم هذا العمل ضمن هذه الرؤية. الاسم هو عكس المضمون من حيث الجدية، لا بل أرى العمل طليعياً وعلى درجة عالية من الصعوبة في إدارته».
يستهجن بعلبكي استغراب البعض من تسمية العرض بـ «أوبرا هشك بشك» موضحاً أنّه عمل جريء يحمل في طياته الكوميديا والجدية والذاكرة، يسبح في فضاء أبعاد جمّة. يرى كثيرون أنّ عرض «برودواي» الذي يجوب العالم مميز وأرى أنّ «هشك بشك» هو إنتاجنا المحلي لـ «برودواي». هو نبتة فنية رويت بعناية واهتمام وكبرت طبيعية حتى وصلت إلى ما ستكون عليه ليلة الأحد «منتجا فنيا جديدا وتحديا موسيقيا كبيرا. سيفتح هذا العرض المجال لانطلاق أفكار فنية جديدة في المستقبل. سيظهر العمل أهميته ويثبت نفسه، فمن حيث التوزيع لا خطأ فنياً على الإطلاق، والتفاعل بين الأوركسترا وفرقة الـ «هشك بشك» في أعلى مستوياته».
يختم بعلبكي بالقول «الأوركسترا هي شخصية من ضمن شخصيات العرض، وبما أنّ الأوركسترا تتفاعل بالصوت ستلاحق الأغاني الشعبية وستعزف مقاطع من أوبرات عالمية في سياق التفاعل الكوميدي مع المغنين في إطار يحترم أذن المشاهد وعقله».

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى