رشيد الخديري يعترف أنه ليس لديه طقوس خاصة بالكتابة

( الجسرة )

*عبدالواحد مفتاح

رشيد الخديري أحد أسماء الحساسية الجديدة في القصيدة المغربية، وأحد القلائل ممن وسعوا رقعة التلقي لنصوصهم مشرقيا كما مغاربيا، في ما خطه من تجربة تصر على التميز والمَتح من جمرة الشعر، ما أعطاه اعترافا نقديا لا يدين فيه إلا لأصالته الخاصة، ومكن له مجموعة من الجوائز الأدبية، في وقت مبكر من مرحلته الأولى من النشر.

نقترب معه أكثر من هموم الذات الكاتبة، ونفتح كوة لنطل على بعض إرساءات ما ينطلق منه في تشييده لقصيدة مختلفة ومنيرة، حول الوضع الثقافي وهمومه، وهذه الرقعة الكاملة من جغرافيا الحياة المسماة الأدب نفتح معه هذا الحوار.

• ما فاتحة النص الذي ورّطك في عالم الكتابة؟

– كانت بدايتي مع القصيدة، أيام التمدرس بطرقٍ بريئة، تحديداً في مرحلة الإعدادي حيث تأثرت بقصيدة “رحل النهار” للشاعر العراقي بدر شاكر السياب، فحاولت محاكاتها أو بالأحرى تقليدها والنسج على منوالها، فكتبت نص “في دجى الليل”، ولست أدري هل ما كتبت فعلا قصيدة أم شيئا آخر، المهم أن أستاذ العربية آنذاك طلب مني قراءتها في آخر الحصة، وفعلا قرأتها بالكثير من الارتباك وسط دهشة الزملاء، ومن ثم بدأت الكتابة في الصحف مثل صفحة الشباب بجريدة “الميثاق الوطني” التي كان يشرف عليها الشاعر والصحفي العراقي فراس عبدالمجيد، ها أنت ترى أن العراقيين كانوا أول من بدأت بهم حبوي نحو القصيدة.

* ماذا عن تفاصيل طقوس كتاباتك؟

ـ لا، ليست لي طقوس خاصة بالكتابة، كل ما هناك أني أعيش يوميا القصيدة، أقرأ وأكتب في أي مكان وفي أي وقت، الأساس أن تكون صادقا فيما تكتب وان تعبر عن خلجات الصدر برؤى شعرية تتوافق وشروط الكتابة، رغم أني من الشعراء الحداثيين إلا أنني أستدعي طرق اشتغال قديمة سيرا على عادة الشعراء القدامى، حيث أمنح الوقت الكافي للقصيدة حتى تختمر، ثم أعيد قراءتها من أجل تشذيب الزوائد، فأول ناقد للنص الشعري هو كاتبه.

* يقول شيلي: “الشعراء هم واضعو شرائع العالم غير المعترف بهم”. ما وظيفة الشاعر اليوم؟

– أعتقد أن وظيفة الشاعر ليست تفسير العالم، بل هي وظيفة كونية يسعى من خلالها إلى بلورة رؤاه وتصوراته في قالب شعري، حتى يمنح اللاوجود وجودا، ويرتقي بذاته المتشظية إلى مصاف الجمال والأبهى.

* كيف تنظر إلى الشعر المغربي؟ ماذا عن حاضره ومستقبله؟

ـ هذا سؤال يحيلنا إلى قيمة الشعر كتعبير إنساني وكوني، يطرح الآن – في تصوري – ليفتح النقاش من جديد على دور الشعر الآن، وهل مازال قادرا على أداء وظيفته الكونية، بحكم ما يقال عن فقدانه للريادة لصالح أجناس إبداعية أخرى، ولست مؤهلا للحكم عن حاضر الشعر المغربي ومستقبله، ولكن هذا لا يمنع من القول إن الشعر المغربي عرف تحولات كبرى تهم المنجز والرؤى الخلاقة، وطغيان قصيدة النثر على الساحة وما يصاحبها من استسهال وتطاوسية كتابها نتيجة انسداد الأفق الشعري، ومع ذلك هناك أصوات شعرية استطاعت حفر أسمائها في سماء الشعر المغربي، فلا خوف على الشعر وسيبقى دوما ديوان العرب.

* كيف كانت بدايتك الأولى في النشر؟

– النشر معضلة كبرى، كل إصداراتي الشعرية على نفقتي الخاصة، ودعم الأصدقاء، النشر مغامرة محفوفة المخاطر، وعلينا كشعراء أن نغامر حتى ولو على نفقتنا الخاصة، وأيضا ينبغي على القطاع الوصي على الشأن الثقافي تكريس مزيد من الجهد لإخراج كل أصناف الإبداع، صحيح أن وزارة الثقافة ضمن سلسلة الكتاب الأول تبدي نوعا من الدعم ، لكن هذا لا يكفي بالنظر إلى اتساع رقعة المبدعين.

* ما العمل الإبداعي الذي تعتبره الأفضل؟ ولماذا؟

– كل مجاميعي الشعرية لها مكانة خاصة لدي، بحكم أن لكل عمل شعري خصوصياته ومميزاته، فكتابة تجربة يختلف عن كتابة نصوص، لذلك لا أرى فرقا بينهم، هل يستطيع الأب أن يميز بين أبنائه؟ طبعا لا.

* ماذا أضافت الجوائز الأدبية لتجربة رشيد الخديري؟

– الجوائز لها قيمة معنوية بالدرجة الأولى، فالجوائز لا تصنع المبدع، بقدر ما تشجعه على المزيد من العطاء وبذل الجهد.

* إذا كنا نشهد شبه نفور في الحقل الثقافي المغربي من العمل الجمعوي أو حتى الجماعي ثقافيا، ما المرتكزات الأساسية لأي مؤسسة حكومية أو غير حكومية تجعل من العمل الثقافي مجالا لاشتغالها؟

– العمل الجمعوي هو إضافة نوعية للمبدع، ربما هناك نقص الجمعيات في المجال الثقافي بسبب صعوبة ممارسة العمل الثقافي، لذلك أرى أنه من الواجب على المؤسسات العمومية وخاصة التي تشتغل في الحقل الثقافي تدعيم الجمعيات الثقافية، نحن مثلا في جمعية جامعة المبدعين المغاربة نشتغل منذ ثلاث سنوات بدون دعم، فقط مجهودات الأعضاء وبعض الغيورين على المشهد الثقافي، يكفي أن أسرد عليك انجازات الجمعية من إصدارات ورقية ولقاءات مع كبار المبدعين المغاربة، وهذا في نظري إصرار على مواصلة تكريس الفعل الثقافي بمنطقة سيدي مومن.

* كشاعر ومسير ثقافي داخل جامعة المبدعين المغاربة، كيف تنظر إلى تجربة العمل الميداني في نشر الفكر/الفعل الثقافي والتـأطير له؟

– كما قلت لك سالفا نسعى من خلال تجربة الجمعية إلى بلورة عمل ثقافي رصين، والإنفتاح أكثر على الأصوات التي بقيت في الظل، رهاننا الثقافة للجميع، ومن خلال هذا الحوار أوجه خالص تشكراتي لكل أعضاء الجمعية على رأسهم الشاعر محمد اللغافي والشاعرة رشيدة فقري والزجال التهامي النجار، أنت ترى العدد المحدود للأعضاء ومع ذلك مازلنا مواظبين وملتزمين بالعمل الشفاف خدمة للثقافة المغربية، كما لا أنسى الأصدقاء الذين يدعموننا الشاعر ايوب مليجي والشاعر عباس السمامي، والمبدع محمد حياري وأخرين.

* باعتبارك فاعلا عضويا داخل جامعة المبدعين المغاربة ، كيف تقيم عامين من العطاء لهذه المؤسسة؟

– الجمعية راكمت تجربة كبيرة على جميع المستويات، إصدارات بلغت لحد الآن عشرة في مختلف الأجناس الإبداعية وسنكون في منتصف شهر مارس في موعد مع توزيع المجموعة القصصية “طريق الشفاه” الصادرة حديثا ضمن منشورات الجامعة، وقبلها أصدرنا العديد من الإصدارات سواء الفردية أو الجماعية، إضافة إلى لقاءات مفتوحة من الكتاب المغاربة، كان آخرها اللقاء المفتوح مع القاصة والروائية المغربية زهور كرام، نحن نشتغل بجهد وهدفنا الوحيد الرفع من الشأن الثقافي المغربي أولا وأخيرا.

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى