التشكيلية العراقية كفاح آل شبيب: الألم الإنساني شاغلي الدائم

نضال القاسم

بعنوان لافت، «لحن في الذاكرة»، انطلق مؤخرا المعرض الأول للفنانة التشكيلية العراقية كفاح فاضل آل شبيب في قاعة مجلس الأعمال في عمان. تحاول الفنانة العراقية في معرضها اثبات هوية فنها، حيث تتصف اعمالها بخصوصية متفردة.
تعيش كفاح، في العاصمة الأردنية عمّان منذ العام 1991 وهي خريجة معهد الفنون الجميلة في العام 1980، وعضو في نقابة الصحافيين العراقيين وعضو في المنظمة العالمية للصحافة وعضو في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنية، وقد بدأت العمل مصممة منذ عام 1978 في وزارة الثقافة والإعلام العراقية، وعملت رئيسة لقسم التصميم في دار المأمون للترجمة والنشر عام 1982، ومصممة ورئيسة قسم التصميم في جريدة «بغداد أوبزرفر» وفي مجلة «ألف باء».
شاركت في العديد من المعارض الفنية التي أقيمت في بغداد والمحافظات لغاية عام 1991، كما شاركت في معارض الصور الفوتوغرافية التي أقامتها جمعية التصوير العراقية، إضافة إلى مشاركتها في المشغل الخاص الذي ضم نخبة من الفنانين العالميين، بالإضافة إلى الفنانين العراقيين عام 1982 لإقامة معرض الملصقات الخاص بضرب المفاعل النووي العراقي، الذي أقيم في العراق وفرنسا وسويسرا ولندن، وحازت العديد من الجوائز التقديرية.
حازت الجائزة الأولى لأفضل ملصق بعنوان «آثار الحروب وسلبياتها» عام 1982.
«القدس العربي» اجرت حواراً مع الفنانة، وهنا نصه:

■ متى بدأت رحلتك مع الفن التشكيلي؟
□ موهبة الرسم ولدت معي منذ الصغر، وكانت ألعابي عبارة عن ورق وألوان خشبية، ومشجعي الأول كان والدي فلقد أعطاني القوة والإرادة في متابعة الرسم بكافة أشكاله.
■ هنالك من يرى أن وظيفة الفن هي تمكين الفنان من التعبير عن نفسه وخوالجها فهل ترين أنت مثل هذه الرؤية؟
□ هذا يعتمد على الفنان ومقدار ما يحمله من صبغة إنسانية وثقافة فنية ورؤيته لما يجري من حوله من أحداث، تلك الأمور تدفعه لرسم ما يمتلكه من مخيلة مرتبطة بمقدار ما يشعر به وتأثره بما يجري حوله من أجل بناء لوحة تمتلك كل تلك الأحاسيس، لذا أحاول جاهدة أن أنقل صورة حقيقية متكاملة لما أشعر به.
■ ما هي القضية الرئيسية في الفن الذي تقدمينه؟
□ الألم الإنساني، ويوجد خط يربطني دوماً بذلك الموضوع منذ طفولتي حيث تأثرت كثيراً بالقضايا الوطنية التي تمس حياة الفرد، وقمت بتجسيد كل ذلك من خلال الملصق السياسي الذي يمثل الصورة الشعرية للمتلقي من خلال الفكرة والتنفيذ.
■ من هو الشخص الأول الذي ترك الأثر الكبير في حياتك؟
□ والدي. إصراره وإيمانه وقوة عزيمته، فبالإضافة إلى عمله كموظف كان فناناً يتقن رسم الخط العربي وقام بتدريب نفسه بنفسه.. وكان يمتلك مكتبة كبيرة من المعرفة وأصول الفن.
■ أي رسالة يحملها الفن التشكيلي، إذا كان عليه أن يحمل رسالة؟
□ كل فنان له طريقته في إيصال رسالته، من حيث الأساليب المختلفة، وعلى الفنان أن يتضامن مع مجتمعه وأن يعي القيمة الفنية والمؤثرة في المتلقي، والفكرة هي صفة الفنان المبدع وأن يبتعد عن العبثية الخالية من أي مفهوم.
■ ما هي الحداثة، وهل تعتقدين أن الحداثة مرتبطة بشكل فني دون شكل فني آخر؟
□ الحداثة هي تجديد القديم بكل أشكاله ولكن من خلال التمرد عليه ولها حرية مطلقة لا تحكمها حدود، وأعادت صياغة الموروث الأدبي والفكري والفني.. لذا فإن الامة التي لا تمتلك موروثا لها لاحضارة تؤرخها.
■ كثرت التجارب الفنية في السنوات الأخيرة وباتت كأنها تجارب مقصودة لذاتها. فما رأيك بالتجريبية، وكيف تفرقين بين تجريبية أصيلة مبدعة، وأخرى هامشية؟
□ تبقى المدرسة الواقعية تعتلي كل التجارب الفنية ومنها ينطلق الفنان ليبني مدرسته الخاصة.. فإن الكثير من الأعمال الفنية المعاصرة والتجريدية يقودها الغموض في إرسال الفكرة أو الرسالة إلى المتلقي وتبقى دفينة للمعنى، وتختلف لغة التواصل باختلاف المدارس الفنية بين الفنان ودرجة ثقافته والمتلقي ودرجة تأثره بالعمل الفني.
■ كيف تنظرين إلى العلاقة بين الفنان والمتلقي وما السبيل إلى ردم الهوة بينهما؟
□ يعتمد ذلك على القوة الإبداعية الفكرية والفنية في إيصال الرسالة إلى المتلقي ومشاركته همومه وأحاسيسه وكذلك ما يمتلكه الفنان من إحساس فني مرتبط بمحيطه، ومدى تأثره من خلال ذلك، وألا يتحول الفن إلى تجريد للواقع بكل مفاهيمه، والصدق هو الجسر الرابط بين الفنان والمتلقي.. ولابد من أن يكون معبراً عن مشاعر منتجة.
■ ما هي المواقف والمواضيع التي لم تعبرين عنها بالفن؟
□ العمل الفني هو موقف مختلف الأوجه كل ساعة ويوم وسنة، هنالك تراكمات عديدة ومع كل ذلك يتفجر مع كل لحظة إحساس لا يشبه ما سبقه.. وتظل فرشاة الفنان مع كل حدث تحمل ثقلاً من الهم الإنساني في مرحلة انعدم فيها الوضوح.
■ أنتِ تقيمين في عمّان منذ عام 1991، فهل استوقفتك تجارب فنية معينة في الساحة الاردنية مؤخراً؟
□ العمل الجماعي في تزيين وتلوين بعض المدرجات في عمان القديمة التي قام بتنفيذها شباب أردني من مختلف الأعمار، ذلك الأمر أسعدني كثيراً، وذلك له تأثير كبير في الإحساس بالانتماء وحب الوطن، وكنت أتمنى أيضا أن يتحول الأمر أيضا إلى إعادة تشجير عمان من قبل أولئك الشباب ليتذكر الواحد منهم شجرته التي تكبر معه.
■ ماذا معرضك الاول، وما الذي دفعك لاختيار «لحن الذاكرة» كعنوان له؟
□ يضم المعرض 28 لوحة زيتية على قماش، وجميع هذه اللوحات عن العراق في فترة الستينيات والسبعينيات، وقد سميته «لحن في الذاكرة» لأن أي مكــــان في نظــري هو لحن، ودائـــماً، وأينما ذهبـــت كنت أدندن مع نفسي، مع بغداد وذاكرة المكان فيها وما تحمله من ذكريات ضمّت الكثير من الألحان التي ما زالت عالقةً في ذاكرتي

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى