ثلاثة أفلام لمحبي التشويق والرعب.. سجناء الروح والجسد

علي زراقط

تعرض الصالات اللبنانية خلال هذا الأسبوع ثلاثة أفلام تشويق ورعب، هي «شيطان النيون»، «الشعوذة ٢» و «عصب». الأفلام الثلاثة تقدّم نماذج مختلفة من التشويق والإثارة، من خلال قراءة نقدية، يقدمها كل مخرج على حدة.

يفتتح المخرج والكاتب الدانماركي تعرض الصالات اللبنانية خلال هذا الأسبوع ثلاثة أفلام تشويق ورعب، هي «شيطان النيون»، «الشعوذة ٢» و «عصب». الأفلام الثلاثة تقدّم نماذج مختلفة من التشويق والإثارة، من خلال قراءة نقدية، يقدمها كل مخرج على حدة.

يفتتح المخرج والكاتب الدانماركي نيكولاس ويندينغ ريفن فيلمه «شيطان النيون» (The Neon Demon) بمشهد لامرأة بثوب مثير أزرق، تتمدّد على كنبة، غارقة بلون الدماء الأحمر. يضعك المشهد، منذ البداية، أمام السؤال الأساسي للفيلم: هل نحن بصدد أن نشاهد فيلماً عن الرغبة أم عن الموت؟ هل نشاهد جلسة تصوير فوتوغرافي، أم نشاهد جريمة؟ يقدّم الفيلم لنا «ألّ فانينغ» (ِElle Fanning) بدور جيسي، الشابة الآتية من الريف إلى لوس أنجلس لتدخل إلى عالم عرض الأزياء. المرأة شابة، نحيلة، ذات قوام يحسدها عليه كلّ من يراها، وجه طفولي ملائكي، وجسد تحبّه الكاميرات، والعيون. ولأنها كلّ ذلك تتحول رؤيتها لنفسها في المرآة، إلى لعنة، إلى شيطان من «نيون».
يقدم ريفن قراءة نقدية وسجالية لعالم عرض الأزياء، حيث توضع العارضات تحت ضغط المنافسة والصراع لأجل شباب دائم، وحيث تتحوّل البراءة إلى قوة شيطانية، وحيث تتحول الكاميرات إلى وحوش تفترس اللحم. كلّ هذا يقودنا إلى عالم من الألوان البرّاقة التي تحجب خلفها الكثير من الخوف، يقودنا إلى عالم من الأجساد الكاملة المواصفات إلا أنها تفتقد الحياة، أجساد مخفية خلف ثياب داخلية تعرضها. ماذا يهمّ إن كانت هذه الأجساد ميتة أم حيّة، إن كانت تستطيع أن تعرض الثياب فتظهر أمام العيون كالشمس في تكرار فلاشات الكاميرا؟ في متحف الجسد هذا تحتفل جيسي الفتاة البريئة بنجاحها، وبالنظرات الساقطة عليها، راغبة أو حاسدة فتتحول امرأة نرسيسية. إلا أن نرسيسيتها هذه تمنعها من رؤية الخطر الذي يحيط بها، ممّن يحبونها لدرجة أنهم يريدون أن يلتهموها حية، ومَن يحسدونها ويريدون قطعة من هذا السحر الذي تمتلك. كل مَن في الفيلم، الناس، الثياب، الكاميرات، يريدون قطعة من جسد جيسي ذبيحة الموضة المسكونة بشيطان من نيون. فيلم تشويق بسيكولوجي يعتمد على جمالية قاسية، ولن يترك مَن يشاهده بلا كوابيس.
أما في «الشعوذة 2» (The Conjuring 2) فيستعيد المخرج جايمس وان شخصيتيْ أد ولوران وارين (باتريك ويلسون وفيرا فارميغا) المحققين في الظواهر الخارقة للطبيعة، في رحلتهما لاكتشاف روح شيطانية تهدّد حياة عائلة. كما في الفيلم الأول «The Conjuring» ) 2013) يتلاعب الشيطان بالشخصيات، يُخرج مخاوفها إلى العلن، فيظهر ضعفها أمام قوة لا مفرّ منها. في تركيبة متقنة من التوريط العاطفي للمشاهد بالشخصيات، تتراوح المشاهد ما بين الزوجين وارين والعائلة ذات المنزل المسكون. نتعرّف إليهم بما يكفي كي نحبّهم، ولأننا نعلم سلفاً أن هذا الشريط هو فيلم رعب، نتوقع أن يصيبهم مكروه ما فنخاف عليهم. لا يتوانى الفيلم عن البدء بإدخال الرعب إلى المشاهد، لندخل سريعاً في عالم التشويق بأكثر الطرق كلاسيكية، ألا وهي جعلنا نتعلّق بالشخصيات عبر إظهار نقاط ضعفها، ودفعنا إلى توقع الأسوأ، هنا ينبت الخوف.
كل ما يحتاجه الرعب كي ينمو موجود في الفيلم. التصوير بارد بكاميرا ذات حركة بطيئة تحضّر المشاهد لتلقي الصدمة التي تأتي في شكل جملة، حركة، أو ظهور شيطاني. الموسيقى التعبيرية المتقشّفة والاعتماد على لحظات من الصمت والترقب، مدعومة بأصوات هامشية من المنزل المتداعي، تؤطّر الحدث. وقد يكون أجمل ما في الفيلم هذا العمل المتقن على تصميم الإنتاج، من الملابس، الألوان والمنزل الحيّ بالجروح والتشققات في الجدران. أضف إلى ذلك أداءً ممتازاً من كل الممثلين، ما يضمن لمحبي الرعب القشعريرة المبتغاة.
لكن ماذا لو أصبحت سجيناً لدى لعبة إلكترونية؟ ماذا لو تحكّمت هذه اللعبة بحياتك لتأمرك بما عليك أن تفعل؟ هذا ما يدور فيلم «عصب» (Nerve) حوله. في الفيلم تلعب إيما روبرتس دور فينوس (في). وهي فتاة على مفترق خيارات في حياتها، بين الذهاب إلى جامعة بعيدة أو البقاء في مدينتها الأصلية قرب أمها المحزونة على وفاة ابنها (شقيق فينوس). بعد أن يخيب أملها في الحصول على الشاب الذي تحبه سرّاً، تقرر فينوس أن تدخل في لعبة الكترونية على الإنترنت تدعى «عصب». تقوم اللعبة على أن ينفذ اللاعبون أعمالاً جريئة يطلبها منهم المشاهدون، فإن نفّذوها يحصلوا على شعبية لدى المتابعين بالإضافة إلى المال. في المقابل تحصل اللعبة على معلومات عن اللاعبين، بما فيها رقم حسابهم البنكي. لا يحق للاعبين الانسحاب وإلا خسروا كل ما جنوه، كما أنه لا يحق لهم الإبلاغ عن اللعبة إلى الشرطة.
تنغمس فينوس في اللعبة التي تبدو مرحة في البداية، لكن مع ازدياد أعمال الجرأة المطلوبة صعوبة، تكتشف أنها أصبحت سجينة لدى اللعبة، ولا مفرّ إلا مواصلة تنفيذ الطلبات إلى ما لا نهاية حفاظاً على حياتها. «عصب» فيلم حيوي، صاخب، وممتع إلا أنه يعتمد على حبكة معقّدة بشكل زائد بالإضافة إلى معالجة سطحية للشخصيات. إلا أنه يمكنه ضمان تجربة جيدة لمحبي نوع أفلام التكنو ـ تشويق (techno-thriller).
ريفن فيلمه «شيطان النيون» (The Neon Demon) بمشهد لامرأة بثوب مثير أزرق، تتمدّد على كنبة، غارقة بلون الدماء الأحمر. يضعك المشهد، منذ البداية، أمام السؤال الأساسي للفيلم: هل نحن بصدد أن نشاهد فيلماً عن الرغبة أم عن الموت؟ هل نشاهد جلسة تصوير فوتوغرافي، أم نشاهد جريمة؟ يقدّم الفيلم لنا «ألّ فانينغ» (ِElle Fanning) بدور جيسي، الشابة الآتية من الريف إلى لوس أنجلس لتدخل إلى عالم عرض الأزياء. المرأة شابة، نحيلة، ذات قوام يحسدها عليه كلّ من يراها، وجه طفولي ملائكي، وجسد تحبّه الكاميرات، والعيون. ولأنها كلّ ذلك تتحول رؤيتها لنفسها في المرآة، إلى لعنة، إلى شيطان من «نيون».
يقدم ريفن قراءة نقدية وسجالية لعالم عرض الأزياء، حيث توضع العارضات تحت ضغط المنافسة والصراع لأجل شباب دائم، وحيث تتحوّل البراءة إلى قوة شيطانية، وحيث تتحول الكاميرات إلى وحوش تفترس اللحم. كلّ هذا يقودنا إلى عالم من الألوان البرّاقة التي تحجب خلفها الكثير من الخوف، يقودنا إلى عالم من الأجساد الكاملة المواصفات إلا أنها تفتقد الحياة، أجساد مخفية خلف ثياب داخلية تعرضها. ماذا يهمّ إن كانت هذه الأجساد ميتة أم حيّة، إن كانت تستطيع أن تعرض الثياب فتظهر أمام العيون كالشمس في تكرار فلاشات الكاميرا؟ في متحف الجسد هذا تحتفل جيسي الفتاة البريئة بنجاحها، وبالنظرات الساقطة عليها، راغبة أو حاسدة فتتحول امرأة نرسيسية. إلا أن نرسيسيتها هذه تمنعها من رؤية الخطر الذي يحيط بها، ممّن يحبونها لدرجة أنهم يريدون أن يلتهموها حية، ومَن يحسدونها ويريدون قطعة من هذا السحر الذي تمتلك. كل مَن في الفيلم، الناس، الثياب، الكاميرات، يريدون قطعة من جسد جيسي ذبيحة الموضة المسكونة بشيطان من نيون. فيلم تشويق بسيكولوجي يعتمد على جمالية قاسية، ولن يترك مَن يشاهده بلا كوابيس.
أما في «الشعوذة 2» (The Conjuring 2) فيستعيد المخرج جايمس وان شخصيتيْ أد ولوران وارين (باتريك ويلسون وفيرا فارميغا) المحققين في الظواهر الخارقة للطبيعة، في رحلتهما لاكتشاف روح شيطانية تهدّد حياة عائلة. كما في الفيلم الأول «The Conjuring» ) 2013) يتلاعب الشيطان بالشخصيات، يُخرج مخاوفها إلى العلن، فيظهر ضعفها أمام قوة لا مفرّ منها. في تركيبة متقنة من التوريط العاطفي للمشاهد بالشخصيات، تتراوح المشاهد ما بين الزوجين وارين والعائلة ذات المنزل المسكون. نتعرّف إليهم بما يكفي كي نحبّهم، ولأننا نعلم سلفاً أن هذا الشريط هو فيلم رعب، نتوقع أن يصيبهم مكروه ما فنخاف عليهم. لا يتوانى الفيلم عن البدء بإدخال الرعب إلى المشاهد، لندخل سريعاً في عالم التشويق بأكثر الطرق كلاسيكية، ألا وهي جعلنا نتعلّق بالشخصيات عبر إظهار نقاط ضعفها، ودفعنا إلى توقع الأسوأ، هنا ينبت الخوف.
كل ما يحتاجه الرعب كي ينمو موجود في الفيلم. التصوير بارد بكاميرا ذات حركة بطيئة تحضّر المشاهد لتلقي الصدمة التي تأتي في شكل جملة، حركة، أو ظهور شيطاني. الموسيقى التعبيرية المتقشّفة والاعتماد على لحظات من الصمت والترقب، مدعومة بأصوات هامشية من المنزل المتداعي، تؤطّر الحدث. وقد يكون أجمل ما في الفيلم هذا العمل المتقن على تصميم الإنتاج، من الملابس، الألوان والمنزل الحيّ بالجروح والتشققات في الجدران. أضف إلى ذلك أداءً ممتازاً من كل الممثلين، ما يضمن لمحبي الرعب القشعريرة المبتغاة.
لكن ماذا لو أصبحت سجيناً لدى لعبة إلكترونية؟ ماذا لو تحكّمت هذه اللعبة بحياتك لتأمرك بما عليك أن تفعل؟ هذا ما يدور فيلم «عصب» (Nerve) حوله. في الفيلم تلعب إيما روبرتس دور فينوس (في). وهي فتاة على مفترق خيارات في حياتها، بين الذهاب إلى جامعة بعيدة أو البقاء في مدينتها الأصلية قرب أمها المحزونة على وفاة ابنها (شقيق فينوس). بعد أن يخيب أملها في الحصول على الشاب الذي تحبه سرّاً، تقرر فينوس أن تدخل في لعبة الكترونية على الإنترنت تدعى «عصب». تقوم اللعبة على أن ينفذ اللاعبون أعمالاً جريئة يطلبها منهم المشاهدون، فإن نفّذوها يحصلوا على شعبية لدى المتابعين بالإضافة إلى المال. في المقابل تحصل اللعبة على معلومات عن اللاعبين، بما فيها رقم حسابهم البنكي. لا يحق للاعبين الانسحاب وإلا خسروا كل ما جنوه، كما أنه لا يحق لهم الإبلاغ عن اللعبة إلى الشرطة.
تنغمس فينوس في اللعبة التي تبدو مرحة في البداية، لكن مع ازدياد أعمال الجرأة المطلوبة صعوبة، تكتشف أنها أصبحت سجينة لدى اللعبة، ولا مفرّ إلا مواصلة تنفيذ الطلبات إلى ما لا نهاية حفاظاً على حياتها. «عصب» فيلم حيوي، صاخب، وممتع إلا أنه يعتمد على حبكة معقّدة بشكل زائد بالإضافة إلى معالجة سطحية للشخصيات. إلا أنه يمكنه ضمان تجربة جيدة لمحبي نوع أفلام التكنو ـ تشويق (techno-thriller).

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى