«صناعة الأفلام رقمياً»: السير قدماً مع التقنيات الجديدة

هيام الدهبي

صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة في القاهرة، كتاب «صناعة الأفلام رقميا» من تأليف الكاتبة والمنتجة سونيا شينك والكاتب والمصور السينمائي بن لونغ والترجمة للإعلامي إسماعيل بهاء الدين سليمان.
يهدف الكتاب إلى أن يكون مرشداً لك منذ لحظة التفكير في صنع الفيلم حتى لحظة الانتهاء من إنتاجه كما يهدف إلى أن يكون مرجعاً تفصيلياً لكيفية تنفيذ مهمات معينة وكيفية الحصول على صورة ومؤثرات خاصة وكذلك إلى كيفية خفض النفقات الإنتاجية وإطلاق الطاقات الإبداعية.
يقول المؤلفان إن «لكل مشروع أياً كانت طبيعته مجموعة من التحديات الخاصة به، وهذا جزء مما تتسم به عملية الإنتاج السينمائي من إثارة، فكل فيلم هو بمثابة تجربة تعليمية جديدة ذات مجموعة من المعطيات أو المتغيرات المختلفة، وبغض النظر عن حجم ما تتمتع به من خبرات، فإن أمامك فرصة لتعلم شيء جديد من خلال كل مشروع جديد»، وتتنوع الأفلام السينمائية إلى أفلام قصيرة أو أفلام وثائقية أو أفلام روائية طويلة وغيرها.
ويضيف المؤلفان أنه «في غالب الأحوال تختلف الأفلام المعدة عن أعمال أدبية اختلافاً كبيراً عن المصادر المأخوذة عنها وذلك لسبب بسيط، يتمثل في أن السينما والكتابة النثرية شكلان فنيان يختلف كل منهما عن الآخر اختلافاً كبيراً. كما أن الاعتقاد بإمكان ترجمة الكتاب إلى فيلم سينمائي ترجمة مباشرة، يعكس جهلاً بخصوصية الخط الدرامي والإيقاع والمضمون الخاص بكل شكل من الشكلين ومقدار الاختلاف الكبير بينهما أو كما يقول البعض «إن التعبير عن الموسيقى بالكلمات أشبه بالتعبير عن فن العمارة بالرقص». لذا كان تحويل نص مكتوب بحذافيره إلى مجموعة من الصور المتحركة، أمراً لا يقل صعوبة عن المحاولتين السابقتين، لذا تعد كتابة السيناريو نوعية خصوصية من الكتابة وتتطلب قدراً كبيراً من الدراسة والممارسة. فالتنفيذ الجيد لا يمكنه أن ينفذ السيناريو المكتوب في شكل ضعيف لذلك فإن مهمتك الأولى هي أن تحدد موضوع قصتك، فالأفلام السينمائية بكل أنواعها تحتاج جميعاً إلى قصة محددة وواضحة. وقد أثبتت التجربة العملية أن مرحلة التجهيز تحتاج إلى فترة زمنية تساوي تماماً الفترة التي تحتاج إليها مرحلة التنفيذ، وعلى رغم أن التخطيط لتنفيذ فيلم روائي يمكن أن يكون معقداً بسبب السيناريو، إلا أنك تعرف على الأقل كيف سيكون منتجك النهائي. ليس هناك ما يمكن أن نطلق عليه «الطريقة الصحيحة للتخطيط» كما أن تنفيذ أنواع مختلفة من الأفلام يتطلب أشكالا مختلفة من التخطيط. ويكشف لنا المؤلفان أن عملية تصميم الإنتاج تعد واحدة من أكثر عمليات التجهيز أهمية، فهي العملية التي تتيح لك وللعاملين معك الفرصة للتحاور والتشاور حول خلق شكل عام للفيلم وكيفية تحقيق عناصر الديكور وطريقة التصوير وطريقة المونتاج.
لذا يجري صانعو الأفلام الروائية ذات الميزانيات الضخمة اختبارات تجريبية مسبقة لكل شيء بما في ذلك اختبارات الكاميرا والشاشة لضمان ملاءمة الممثلين لأدوارهم وضمان التناسق والتناغم بينهم على الشاشة.
وتعتبر مهمة إخراج فيلم سينمائي عملاً مهماً، فالمخرج أولاً وأخيراً مسؤول عن كل صغيرة وكبيرة في الفيلم، وكي تكون مخرجاً جيداً يجب أن تكون ملماً بطبيعة عمل كل فرد من أعضاء فريق العمل وكيف يؤدي وظيفته أو دوره. من هنا، يمكننا القول إن هذا الكتاب يغطي نقصاً كبيراً في المكتبة السينمائية، حيث يُعد مصدر معرفة شاملة ومتكاملة للعاملين في مجال إنتاج الأفلام السينمائية والفيديو بالوسائل الرقمية، يستوي في ذلك المبتدئون والمحترفون، حيث يصحب المؤلفان القارئ في رحلة تبدأ بالتعريف بالأسس النظرية التي قامت عليها صناعة الأفلام رقمياً، ثم تنطلق به إلى مراحل إنتاج الأفلام رقمياً، من لحظة البحث عن فكرة، حتى لحظة الاستقرار على شكل النسخة النهائية، واختيار وسط لعرضها وتداولها.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى