إعادة الاعتبار للفلسفة بوصفها ضرورة لا خيارا

ناقش منتدون اردنيون أهمية حضور الفلسفة والنقد الفلسفي في الذهنية العربية لتحقيق التقدم والتنوير والتغيير.

واشار المحاضرون في الندوة التي عقدتها جمعية النقاد الاردنيين الخميس، إلى أهمية إعادة تدريس مادة الفلسفة في المرحلة المدرسية ما قبل التعليم العالي.

وقال رئيس الجمعية الناقد الدكتور غسان عبدالخالق الذي ادار الندوة التي جاءت حول كتاب “النقد الفلسفي من الإصلاح إلى التغيير ومن النقد إلى التقويض” لاستاذ الفلسفة في جامعة فيلادلفيا الباحث الدكتور زهير توفيق، ان هذا الكتاب يندرج في سياق المراجعات المعرفية الجذرية، بغية اعادة الاعتبار للاصول الفكرية الفاعلة التي يمكن تفعيلها لتضطلع بدورها كروافع تاريخية وقوى دافعة.

وذكر أن ابرز اطروحات الكتاب الرئيسة تتمثل في اعادة الاعتبار للفلسفة بوصفها ضرورة وليست خيارا من جهة والعمل على تفعيل النقد الفلسفي بوصفه اداة التغيير، وضرورة الاقرار الصريح بعبثية وفشل كل المحاولات الفكرية النهضوية وما بعد النهضوية لا سيما في الفترة (1850-1950)

ولفت الناقد عبدالخالق ان الكتاب يكشف ان كل ما تمارسه النخب العربية عموما والاكاديمية على وجه الخصوص من نقد وتنظيرات وضعية منطقية مسوقة بمقولة “التجربة والخطأ” ليست الا محاولات بائسة لتجميل الواقع بدلا من العمل على تغييره جذريا نحو الافضل، وفقا لوكالة الانباء الاردنية (بترا).

وقدم عضو الجمعية استاذ الادب في جامعة فيلادلفيا الدكتور يوسف ربابعة قراءة للكتاب، قال فيها “ان الكتاب يقدم وظيفة اهم للنقد الفلسفي تتعلق بنقد الواقع وخطاباته الايديولوجية، من خلال عملية تفكيك جذري تكشف عن تناقضات عميقة لهذا الخطاب وازدواجيته في التعامل مع المواقف المختلفة، فهو خطاب تلفيقي يسعى لتحسين صورة الواقع باجراء عمليات تجميل وتزيين”.

واضاف “ان مهمة النقد التي يسعى لها الكتاب تتمثل بالدخول المباشر الى اعماق الخطاب والفكر ونقد البنى العميقة التي تشكلت عبر الماضي وتواصلت تراكماتها حتى اصبحت تعيش تحت جبال من الرماد الخادع، لذلك غابت الحقيقة، وبقيت كما يقول المؤلف ‘تصورات الاصلاح في المخيال العربي والاسلامي تدور في اطار اعادة البناء والاستكمال وليس التجديد والتغيير باي حال من الاحوال’ “.

وقال ربابعة ان المؤلف يرى انه “يقدم عرضا تحليليا لطبيعة النقد الفلسفي، وعلاقته بمشروع التغيير، رابطا مشروع التغيير او ما يسمى بالمشروع النهضوي او الحضاري العربي في احد مفاصله بغياب النقد الفلسفي كقاعدة معرفية لا بد منها لحماية المشروع النهضوي من عوائقه المعرفية والاجتماعية التي المت به كالانتقائية والتلفيق والتجريبية والنماذج القياسية القديمة”.

اما مؤلف “النقد الفلسفي من الإصلاح إلى التغيير ومن النقد إلى التقويض” الدكتور زهير توفيق فقد قال عن مؤلفه والمشروع الحضاري العربي: “إن أهمية النقد الفلسفي في الفكر العربي المعاصر تكمن بنضوج شروطه التاريخيَّة التالية، وهي ظاهرة الهزائم المتكررة من هزيمة حزيران (يونيو) 1967 إلى احتلال العراق 2003، والانهيارات السياسيَّة والاقتصادية المتوالية، وانسداد آفاق التغيير” مشيرا إلى انه مع كل مأساة مشابهة نعود إلى جلد الذات واكتشاف الحكمة بأثر رجعي، وهكذا دواليك، فكم هزيمة يحتاج العقل العربي ليمتلك الحكمة النهائية؟.

وقال توفيق إن “النقد الفلسفي يتطلع لإحداث فارق معرفي /مجتمعي في الواقع المعاش، وهو معني بتشخيص الهزائم والأزمات على ضوء الفرص الباقية للعرب، بقراءة كلية تتعلق أولاً بنقد نقيضها الَّذي فشل في التحقق، بفشل حامله التاريخي، وأنتج الوضع الراهن”.

وأضاف “وأقصد بالفرص الباقية؛ إرادة العرب بتقليص الفارق بين القدرة والتحدي، لإعادة بناء المشروع الحضاري العربي من خلال تركيزنا على حاضر الفكر العربي وقضاياه المستقبليَّة”.

واستعرض الباحث مرحلة عصر النهضة العربية حيث ارتبط النقد الفلسفي بعصر التنوير وإيديولوجيته الَّتي انتقلت إلى العرب عبر المثاقفة الطوعية (تبادل التأثير وعدوى القدوة)، والقسرية (الاستعمار).

وميز الباحث بين أن النقد الفلسفي والفكر النهضوي، حيث قال إن النقد الفلسفس يتميز بغض النظر عن اتجاهه إن كان ليبرالياً وغير ليبرالي، بأنه البديل المتوقع من التغيير، مشيرا إلى ان دعاوى الإصلاح الليبرالي القديم والجديد ومختلف أشكال الأوربة والغربنة، ما تزال تدعو للتغيير عن طريق استبدال الواقع القائم بنموذج مثالي قائم، هو الغرب كما خبره المثقف النهضوي في ظاهره، أو كما يتجلى في ظاهره غير الواقعي.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى