ترجمة شعرية للرجال الجوف

ت:محمد محمد السنباطي

حن الرجال الجوف.

نحن المحنطون.

متكئون بعضنا على بعض

رؤوسنا- وا حسرتاه- محتواها القش

وصوتنا الأجش

إذا تهامسنا معًا

كهمسة الرياح في النجيلة اليابسهْ

كصوت أرجل الفئران فوق كسرات الزجاج

في القبوة الدامسهْ

شكل بلا تكوين

ظل بلا ألون

وقوة تخور

وإيماء بلا حراك

ويذكر الذين مروا من هنا

إلى ممالك الموت وحلمها، وعينهم محدقهْ

يذكروننا، ليس كأرواح عنيفة تشتتت

وإنما كما “الرجال الجوف”

كما “المحنطون”

2-

تلك العيون ليس في استطاعتي

لقاءها في الحلم، في ممالك الموت وحلمها

فتلك لا تبدو

وهذه العيون: ضوء الشمسْ

فوق عمود منكسر

هناك دوحة تميل

وهذه الأصوات في أهازيج الرياح

أكثر نأيا ومهابه

من نجمة يخبو سناها

لا تجعلـنّي أقترب

أكثرَ.. من ممالك الموت وحلمها

ولأرتدِ القناع من بعد القناع:

فروة فأر

جلد غراب

هراوة تقطعه هراوةٌ

حقل أنا… ولي نفس سلوك الريح

لا تجعلَـنّي أقترب

من عالم اللقاء المنتهي

في ممالك الشفق

3-

تلك هي الأرض الموات

وهذه تكتظ بالصبار

تعلو بها توسلات كف إنسان يموت

تحت خفوق نجمة يخبو سناها

شيء كهذا ما يدور في ممالك الموت المغايرهْ

نصحو لوحدنا منتفضين

في لحظة تفيض بالعذوبهْ

أما الشفاه – وهي للتقبيل كانت –

صارت تصلي هكذا للصخرة المحطمهْ

4-

ليست هنا العيون

لا عين في وادي النجوم المائتهْ

في الجانب المكسور في وادي الضياع

وفي حمى أماكن اللقاءات الأخيرة

إذ بنا معا

تحاشينا الحديث

وقد تجمعنا على شواطئ النهر المُرنّ

عميانا نظل هكذا

إلا إذا العيون عادت للظهور

كنجمة مخلدهْ

كزهرة عديدة الألوان

لمملكات الموت ذات الشفق.

ووحدَهُ الأمل

لهؤلاء الفارغين

هنا تحوم حولها.. شجيرة الصبار

شجيرة الصبار .. شجيرة الصبار .. شجيرة الصبار

هنا تحوم حولها .. شجيرة الصبار

في الساعة الخامسهْ

في مطلع النهار

بين التفكر والحقيقهْ

بين الإشارة والتحرك

الظل يسقط..

والملك لك..

بين الدراية والتواجد

بين التلمس والإجابهْ

الظل يسقط

والحياة طويلة جدا

بين الولوع وبين أوج الشهوات

بين الكمون

وبين معترك الظهور

بين الهوية والأصول السالفهْ

الظل يسقط

والملك لك

ولك الحياة

ولك الـ …

وهكذا فإن الكون ينتهي

وهكذا فإن الكون ينتهي

وهكذا فإن الكون ينتهي

ليس بضجة وإنما … أنين

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى