مريم مجيدي آهي: الفن الإيراني المعاصر ينافس عالمياً

صهيب أيوب

حين بدأت الفنانة الإيرانية الأصل مريم مجيدي آهي، في باريس منذ سنوات، فتح «غاليري» خاص بها، كانت تخوض رحلة شاقة. فالمدينة الساحرة، التي لا تنام، أشبه بوحش يأكل الفن والمشتغلين فيه. ومن لا يملك أنياباً قاسية، لا مكان له في عالم مليء بالانكسارات والتحديات. خصوصاً أنها استطاعت أن تثبت مكانة لها في أهم أسواق أوروبا للتحف والفنون، وهو «مارشيه دوفان»، في فترة قصيرة، حيث تستقبل أعمال فنانين من الشرق، وتفتح لهم المجال لتسويق أعمالهم، التي تحاكي «تابوهات» وموضوعات مثيرة للجدل.
تقسم آهي حياتها، بين عالمين متناسقين، فهي إلى جانب كونها فنانة ومصممة غرافيك ومجوهرات، تقتني قطعاً فنية معاصرة وتساعد أصحابها على بيعها. الغاليري الذي يحتوي على أكثر من ألفي قطعة تتنوع بين التشيكل والنحت والتجهيز والديكور، يزوره المئات أسبوعياً. ويتيح لهم المكان التعرف أيضاً، إلى الفنانين والمصممين أنفسهم الذين تستقطبهم آهي، من بلدان يعاني الفن فيها من قيود كثيرة. فهناك فنانون من العالم العربي وإيران، بلدها الأم، ومن كوريا الجنوبية والصين واليونان، إضافة إلى فنانين عالميين من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وفرنسا، حيث تقيم مع عائلتها منذ كانت في سن الرابعة.
تقول مريم في مقابلة مع «القدس العربي» إنها افتتحت الغاليري لأسباب كثيرة، لإيمانها أولاً، بأن استقلالية الفنان ضرورية، وثانياً لإحساسها بأن فنانين مستقلين لا يستطيعون تسويق أعمالهم، لاسيما أن عليهم الانهماك في الفن نفسه. موضحة أنها تمكنت بسبب خبرتها في مجال التسويق، وعملها مع شركات عالمية أن تخوض هذا المجال، وتتواصل مع الفنانين. مشيرة إلى أن الغاليري يبدو كمنصة «مخصصة للنجوم الصاعدين من الفن الإيراني المعاصر»، ويعتمد برنامج الغاليري على «خلط الفن المعاصر الإيراني، والنحت الأوروبي، بفن الديكور والأثاث من جميع أنحاء العالم».
ولدت مريم في إيران. وغادرت طهران إلى باريس، مع عائلتها، إبان اندلاع الثورة الخمينية. اكتشفت عوالم الرسم والتصوير والفن باكراً، واختارت في ما بعد، دراسة الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي في أبرز مدارس باريس Camondo. بعد تخرجها عملت لمدة عشر سنوات في مجال التسويق لعلامات تجارية في مجالات الأزياء والمجوهرات والأثاث والتصميم. «تجربتي ساعدتني كثيراً، على التواصل مع الفنانين»، تقول آهي، وتضيف: «ركزت على أعمال الإيرانيين الشباب. صرت أتواصل معهم. وبسبب علاقاتي استطعت أن أبرزهم في معارض باريس. من الصعب اختراق المشهد الثقافي في عاصمة ثقافية مثل باريس. المرء عليه أن يجاهد كي يثبت نفسه. صرت أنصحهم وأطلب منهم أعمالهم.
بعضهم حقق بسبب هذه المعارض شهرة واسعة».
تعرض آهي، لفنانين إيرانيين، على الدوام، من أمثال: مهدي ميرباغري، بارفيز تانافولي، محمد إحصائي، وصادق تبريزي وعادل يونيسي وغيرهم. تقول: «الفن الإيراني استطاع أن يغزو العالم، لأنه فن برع مشتغلوه في تقنياته وموضوعاته. الفن الإيراني المعاصر ينافس اليوم أعمال الغرب، ويتفوق على كثير منها. في التشكيل والنحت والخط والزخرفة والتجهيز والآرت وورك وغيرها من الفنون، التي تؤكد أن إيران بلد يزخر بثقافة فنية مرموقة»، موضحة: «استطعت عبر هذه الغاليري أن أساعد هؤلاء على تسويق أعمالهم، وتعريفهم إلى فنانين وأصحاب معارض «وبلاتفورم»، في أوروبا، ومن زوار السوق، الذي يعدّ الأول في مجال التحف والفنون ويزوره أسبوعياً الآلاف». تمكث آهي ساعات طويلة، تشرح لزبائنها عن اللوحات تقول: «من الصعب أن تقنع أحدهم بقيمة العمل. البعض يفكر بالسعر. ينسى البعض أن العمل له أبعاد واقتناؤه لا يعني دفع ماله ووضعه في كادر فقط. اقتناء عمل فني، يعني أن تملك قصته. أن يحفزك العمل على قيمة أو معنى أو تجربة. الفن ليس عرضاً. ولا كفاية جمالية، فحسب إنه مزيج، لحكاية لا تستطيع أن تعبر عنها أو تقول فيـها ما تحسه».

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى