وأطرقُ أبوابَ العرّافات للكاتب مؤيّد قاسم الدّيك

خاص (الجسرة)

 

كنتُ أقرأ مستقبلي في شفتيها، عرّافة شركسية، يكسوها السواد، في نظراتها ينكشف مستقبلك، سواد شعرها في خبايا حجابها حالك كليل المدينة العتيقة، خلف ابتسامتها تكمن أسرار المدينة العتيقة منذ السّبي الأول، في يدها سُبحة، حبّاتها من عجم الزّيتون، كلّ حبّة عليها رمز كنعاني قديم، تنتعل أرضا
تعطّرت بدماء المسيح في رحلة الآلام، وجهها حفرت فيه مراكبُ العابرين آثارَها، وشمٌ من أعلى الجبهة حتى أرنبة أنفها يصلب الحاجبين.
– قالت والحزنُ يغمر المكان: تريد قراءة البخت؟
– نعم سيّدتي، ماذا تقولين لمن يذرعون الحياة عُراةً من الأمل، وماذا يقول الحظُّ لمن يعجزون عن الأحلام؟ وماذا يقول الطّالع في خطّ الحياة لِمَن دُفنت أمانيّهم تحت أنقاض المستقبل؟
– أيّتها العرّافة، ماذا تقول ضاربة الوَدَع في وجع الشهداء؟! وماذا ستقول للتائه في شقاء الأيام؟
– أيتها العرافة، أين إشاراتك المأمولةُ لمن يتّكئون على مرارة الصبر ولظى الانتظار؟
– يا ولدي، الآمال مشاعر تتوارى في خبايا الروح، تسافر معكم إلى ” واقع” ترسمه فناجينُ قهوتكم السّمراء خطوطًا وممرّاتٍ ورموزًا، ثم تمّحي مع أوّل قطرة من ماء..
– يا ولدي، أمّا الأحلامُ، فالقاموس يضيق على مفرداتها، وبها تجدّفون نحو المستقبل، لكن سفينتكم مخروقة، ولن تصل بكم إلى برّ السلامة..
– أما الظلام، فهو دامس عليكم؛ فشقوقه صغيرة، ولن تسمح لذرات النور باختراق عتمته، فأما الشهداء، فامنحوهم حفنة من تراب وانصرفوا..
– يا بنيّ، وأمّا إيمانكُم بما أنتم عليه الآن من قَدَر، فهو لأنّكم تسيرون خلف مجهول لا تعرفون أين يقودُكم. .
– أيّتها العرّافة، وماذا عن أغنياتنا لعرائس المروج؟
– يا بنيّ، ألم تعلم أنّ الشّعر اِغتيل، وقد شيّعه الآخرون – على طريقتهم- على خرائب حضارتكم!
إنّكم تبذرون الأمنيات ولكن بين أكوام الحطب اليابس حينما تضيق بكم الأهداف، فماذا تنتظرون من العرّافات قولَه بعد طرق أبوابهنّ!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى