ناديا شعبان عن الرحّالة الأندلسيين: كولومبوس لم يكتشف أميركا.. بل المسلمون!

غسان ريفي

قدمت الباحثة والكاتبة الدكتورة ناديا ظافر شعبان كتابها الرقم 12 وهو من سلسلة كتبها التي تتناول فيها «الرحالة الأندلسيين» وهو بعنوان: «كولومبوس واكتشاف أميركا اللاتينية».
تخلص الكاتبة الى أن كولومبوس لم يكتسف أميركا اللاتينية، بل اكتشفها الرحالة الأندلسيون المسلمون، وهي تعرض فيه بأسلوب شيق كل الرحلات التي قام بها هؤلاء عبر «بحر الظلمات» الى تلك القارة، والخسائر التي تكبدوها والأرواح التي أزهقت غرقا من أجل الوصول الى هذه القارة واكتشافها.
يقع الكتاب في 230 صفحة، ويتألف من خمسة فصول تتمحور حول علاقة المسلمين الأندلسيين والأفارقة بأميركا اللاتينية، قبل كولومبوس وبعده. وتشير شعبان في كتابها الى أن المسلمين الأندلسيين والأفارقة سبقوا كولومبوس الى أميركا اللاتينية بخمسة قرون، فالمسعودي يذكر أن أول الرحالة الذين ارتادوا بحر الظلمات عام 889 هو القرطبي الخشخاش بن سعيد بن أسود.
وتشير لويزا الفاريز دي توليد، دوقة ميدينا سيدونيا، المتحدرة من سلالة إسلامية والتي تملك أهم أرشيف في العالم يتعلق بالقارة، الى أن المسلمين الأندلسيين كانوا يرتادون تكرارا شواطئ البرازيل، وفنزويلا، والأنتيل الصغرى، وهذا ما يؤكده ثيروس غوردن، عندما يذكر أنه كانت هناك قطعتا نقود ذهبيتان عربيتان يعود تاريخهما الى العام 850 وجدتا في مركب موري (أي مسلم) غرق قبالة الشاطئ الفنزويلي.
وترى الكاتبة أن هناك العديد من الباحثين، فرنسيين وأميركيين، وخصوصا إسباناً ولاتينيين ـ أميركيين من أمثال جيل كوفيه أول أوروبي أشار الى وجود المسلمين المغاربة في القارة عام 1912، وإيلين وودورد الذي يذكر أن المسلمين كانوا سادة البحار في القرون الوسطى.
وأكثر من ذلك، بحسب كتاب شعبان، يذكر بيرا في كتاب من أربعة أجزاء عنوانه: «التاريخ القديم لغزو مكسيكو» أن أميركا الوسطى والبرازيل خصوصا كانتا مستعمرتين لشعوب زنجية قادمة من أفريقيا، وانتشرت في شمال وجنوب القارة.
الموريسكيون
وتلاحظ الكاتبة، أن ما أورده بيرا يتطابق تماما مع ما أورده المؤرخ الدمشقي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الفضل العمري (1300 ـ 1384) أن السلطان المالي أبي البكاري الأول (1285 ـ 1312) لم يكن يعتقد أنه من المستحيل اكتشاف حدود البحر (المحيط) فجهز حملتين استكشافيتين، غرقت أولاهما، فجازف ثانية وجهز ألفي سفينة وركب البحر، وانقطعت أخباره.
وتورد شعبان أدلة كثيرة على وجود المسلمين الأندلسيين والأفارقة في جنوب القارة قبل كولومبوس، فتستشهد بما ورد في مذكرات كولومبوس ذاته، من أنه رأى مسجدا جميلا فوق تلة، عندما حاذى مركبه الشاطئ الشمالي الشرقي لكوبا.
كذلك تسلط المؤلفة في كتابها الضوء على دور الموريسكيين في فعل إعادة الاكتشاف لأميركا اللاتينية، مشيرة الى أن الموريسكيين المسلمين الذين أجبروا على التنصر بعد سقوط غرناطة كانوا البحارة الذين رافقوا كولومبوس في رحلته.
ومن هذه السمات تشير شعبان في كتابها، الامتناع عن أكل لحم الخنزير في الشمال الشرقي الأرجنتيني، ووجود الفاوتشو في الأرجنتين وجماعات الباكيانو أي «الباقون في القارة».
وختمت شعبان الكتاب الذي قدمت من خلاله رؤية شاملة سياسية ـ دينية للأحداث التي اندرج في إطارها فعل إعادة الاكتشاف، بفصل يتحدث بإسهاب عن تأثير الثقافة الإسلامية في الحياة القارية، وأن هذا التأثير أصبح جزءا من نسيج كينونتها الجديدة، وهذا الجزء تحديدا يهتم بالإضاءة عليه باحثون كثيرون إسيان، لاتينيون، فرنسيون وأميركيون.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى