صفاقس تتعطر بالشعر على مدار الفصول الأربعة

شمس الدين العوني

في عنفوان الحركية التي أعرفها عن صفاقس في التجارة والصناعة ودولاب الاقتصاد عموما ومنذ الثمانينيات حين كنا نزورها، ونستأنس بنفحات الشعر لدى صديقنا الشاعر الراحل محمد البقلوطي للفتية العرب، وهم الشعراء أن يراوحوا بين مكانين أنيقين تقصدا لقول الشعر والخوض في مشتقاته الجمالية واللغوية والدلالية والانسانية والوجدانية واليومية بها تعنيه من تفاصيل عبرت عنها القصائد وبالخصوص النصوص الباذخة التي سمعتها للشاعر الصديق محمد أحمد القابسي ومنها نص “السراويل” وذلك منذ حوالي ثلاثين سنة في نوادي تونس وبالخصوص نادي الشعر علي البلهوان بلافيات التونسية وفضاءات المهرجان الوطني للأدباء الناشئين بحي الزهور. إذن بين المركب الثقافي محمد الجموسي ودار العفاس حيث الذاكرة العائدة الى أكثر من قرن.

كان هذا في إطار فعاليات التظاهرة الكبرى “صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016” وضمن فعاليات من ابتكار الشاعر المنصف المزغني ونعني “فصول الشعر الأربعة”، وفق ما أطلق عليه “ديوان صفاقس الشعري” وهي فكرة ومشروع يعمل عليه المزغني ضمن أحلامه الشعرية وسيكون ذلك وفق برامج تعنى بالشعر وفنونه فضلا عن اللقاءات والأمسيات الشعرية المفتوحة والمتواصلة في قادم الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات.

تعددت اذن الفعاليات الشعرية وفي إطار التظاهرة التي أعد لها من فترة ابتلعت فيها صفاقس الشاعر منصف المزغني في صيف تونسي حار وهو الذي عمل مع فريقه التنظيمي لإنجاز وإنجاح هذا المشروع المفتوح على المستقبل، كما يقول ضمن عمل فيه التنسيق التام مع الهيئة المنظمة وبتناغم تام مع الأطراف المعنية حيث تعمل جمعية “صفاقس تحلم” المنسقة لتظاهرة “صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016” ليكون المجال سانحا لهذا العرس الأدبي السنوي.

وكان الاعداد منذ أكثر من سنة لفعالية “صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016” علما بأن الهيئة المنظمة لتظاهرة فصول الشعر الأربعة “ديوان صفاقس الشعري” قد انطلقت في نشاطها بندوة فكرية عبر مداخلات انتظمت بعدها الأماسي والسهرات الشعرية الموسيقية لشعراء من تونس والمغرب والجزائر ومصر وفلسطين والعراق ولبنان وسوريا والسعودية والإمارات والسودان، ومنهم مناضل التميمي ومنار القيسي وكاظم الوحيد من العراق، ومحمود النجار ورولا اشتية من فلسطين، وإبراهيم الصديقي من الجزائر، ومحمد الجلواح من المملكة العربية السعودية، وطارق أبوالنجا وأحمد يحيى واحمد قنديل من مصر، ونادية العمراني من المغرب، وآمنة نوري من السودان.

ومن بينهم الشعراء التونسيين محمد أحمد القابسي آدم فتحي، عادل الهمامي، أيمن حسن، شمس الدين العوني، ،سمير العبدلي، محمد الهادي الجزيري، فاتح بن عامر، وحيد القريوي، وليد الزريبي، منية بوليلة، راوية جراد، ساسي جبيل، سلوى بن رحومة، الهادي القمري، وغيرهم.

وقد واكب جمهور كبير هذه الفسحات الشعرية وهناك سهرة تواصلت الى ساعات الفجر الأولى لليوم الموالي فضلا عن المواكبات الاعلامية المختلفة، وذلك بحضور المندوبة الثقافية بصفاقس ربيعة بن فقيرة وعدد من المسؤولين الجهويين وأحباء ونشطاء الشعر بعاصمة الجنوب، صفاقس.

تنوعت القصائد واختلفت طقوسها ومناخاتها وتخللتها وصلات غنائية ومعزوفات للفنان سمير العقربي والفكاهي الفنان جلول الجلاصي العراقي زكي درويش. وشارك عدد كبير من الشعراء الضيوف من الدول المشاركة وتم منح وسام نادي الأحساء الأدبي بالمملكة العربية السعودية لهيئة التظاهرة، وتم تكريم كل المشاركين في الفعاليات الشعرية العربية وقد انطلقت سهرة المركب الثقافي محمد الجموسي من خلال الطفلة كلمات أولاد أحمد ابنة الشاعر الراحل محمد الصغير التي قرأت قصيدته “نحب البلاد” وبحضور والدتها السيدة زهور كضيفة في التظاهرة.

ويمكن القول ان هذه التظاهرة حققت نجاحا منتظرا من خلال البرمجة والتصور والتنظيم والحضور الجماهيري وقد كرمت تظاهرة “صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016” الضيوف الذين ساهموا في “فصول الشعر الأربعة” وكانوا الفصل الخامس.

هكذا عاد المزغني الى صفاقس وهو مكسب كما قال الفنان الدكتور فاتح بن عامر في دار العفاس. وعاد الشعر البهيج لصفاقس وفق خيط الشعر. كانت الأيام جميلة زادها بهاء جمال قرقنة التي كانت ضمن رحلة بحرية واكتشفها الشعراء العرب واستلهموا من سحرها الكثير ربما نراه في قصائد قادمة.

تظاهرة وتنظيم وهيئة إعلامية وهوامش من صفاقس بصخبها وإيقاعها وتاريخها وناسها ورجالها. ويتواصل الشعر و تسير مركبة العاصمة الثقافية. والآتي أجمل.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى