‘فرانكشتاين في بغداد’.. واقع العراق يصطبغ بالدموية والقسوة

حين اصدر الكاتب العراقي احمد سعداوي رواية “فرانكشتاين في بغداد” العام 2013، كان يظن ان احداثها الخيالية تنتمي لزمن ولى، قبل ان يتبين ان الواقع المعاش في بلده ما زال بهذه الدموية والقسوة.

فبعد ثلاث سنوات على صدور الرواية، ونقلها الى اللغة الفرنسية، وقريبا الى الانكليزية، وتحولها مصدر الهام في هوليوود، ما زال الوحش حيا ينشر الرعب في بغداد وما حولها.

تحكي الرواية قصة شخص اسمه هادي العتاك، بائع حاجيات قديمة يسكن حي البتاوين اليهودي القديم في بغداد، يلصق اوصال الجثث التي قطعتها اعمال العنف، في جسم واحد تنبعث فيه الحياة، ويقرر الانتقام لكل الضحية مرتكبا سلسلة من اعمال القتل.

واطلق الكاتب على وحشه اسم “شسمه”، وهو تعبير محلي يعني من لا يعرف اسمه الحقيقي.

ويقول سعداوي من احد المقاهي القريبة من موقع تفجير ادى الى مقتل اكثر من 300 شخصا مطلع تموز/يوليو، ان “شسمه ليس مخلوقا وهميا من وحي الخيال، شمسه هو نحن”.

ويضيف “يعتقد شمسه انه يفعل شيئا جيدا لكنه في الحقيقة يشارك في القتل والدمار.. كلنا نقوم بهذا، بطريقة واخرى، بترحيب او عدم اعتراض او تأييد للجرائم”.

فالعراق اليوم يعيش على وقع حروب طاحنة وتنظيمات متشددة وتوترات طائفية واعمال عنف وتفجيرات تطال المدنيين ظن العراقيون لبعض الوقت ان زمنها قد ولى.

تبدأ احداث الرواية في ربيع العام 2005 وتنتهي بعد مرور عام عند ساعات المساء مع وقوع انفجار في مرقد الامام العسكري، في سامراء.

وقد ادى ذاك التفجير الى اشعال اعمال عنف طائفية امتدت على عامين.

وتتضمن رواية سعداوي، تفاصيل عن الادب العراقي وتحمل وصفا دقيقا احيانا عن حي البتاوين، احد الاحياء اليهودية الجميلة الذي تنتشر فيه الدعارة والجريمة الان.

اصبح سعداوي بفضل روايته احد نجوم الادب الجدد في المنطقة بعدما حاز الجائرة العالمية للرواية العربية (بوكر) العام 2014.

وصدرت رواية “فرانشكتاين في بغداد” باللغة الايطالية مطلع العام الحالي وترجمت الى الفرنسية في شهر ايلول/سبتمبر، ومن المقرر ان تصدر بالانكليزية بداية العام المقبل.

لكن يبدو ان ردود الفعل على الرواية كانت متضاربة، ويقول السعدواي (43 عاما) “بعض الاصدقاء حذفني من فيسبوك، والبعض وضعني بمصاف الآلهة، واخرون ارسلوا لي صورهم وهم يحرقون كتابي”.

نشأ سعداوي في اسرة متواضعة في مدينة الصدر في شرق بغداد، تعلم القراءة والكتابة من خلال مرافقة والدته في دروس محو الامية.

ويستذكر سعداوي، الذي يواصل اليوم عمله كصحافي ومنتج افلام ليمول روايته المقبلة، ذلك الزمن قائلا “هذا جعلني اكتب في وقت مبكر قبل الاطفال الاخرين (…) وعندما بلغت السابعة كنت اكتب قصصا عن الحيوانات”.

واقع مرير

بدت شخصيات رواية سعداوي واللهجة البغدادية واضحة في كل صفحة، اضافة الى مخزون معلوماته حول الاوضاع في بلاده.

ويقول “ينبغي ان يكون لدى الكاتب استعداد كالصحافي للبحث عن القصص اولا، والمغامرة باتجاه الحقائق للوصول الى التفاصيل”.

ويروي سعداوي حادثتين اثرتا فيه، والهمتاه كتابة “فرانكشتاين في بغداد”، الاولى اقدام عناصر من تنظيم القاعدة آنذاك على قتل رجل وتقطيع اوصاله في مدينة بعقوبة الواقعة شمال شرق بغداد، لجعل كل السكان يرون اشلاء الجثة في وقت واحد، معلقا “اي خيال اجرامي هذا”.

اما الحادثة الثانية، فهي اثناء الصدامات الطائفية، حين كانت المستشفيات تكتظ بجثث من يقتلون في التصفيات المذهبية.

ويقول سعداوي “في احد الايام، جاء احدهم يبحث عن اخيه (…) قالوا له ان جميع الجثث سلمت الى ذويها ما عدا هذه القطع”.

ولما كانت كل الاشلاء متشابهة، قالوا له “اجمع جثة رجل وخذها”.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى