جولين…قصة للكاتب عبد الله الزيود

خاص (الجسرة)

 

جدتي لأبي كانت سوداء، تزوّجت من رجل أبيض فجئت وإخوتي مختلطين، وفي جنوب إفريقيا لونك أساس الحياة لا الماء.
أتذكّر أنني كُنتُ السمراء الوحيدة في كلية التربية الرياضية، شامةٌ في وجهٍ قبيح، أربع سنواتٍ أيها الأزرق، لم يبادر أحد البيض بالسلام علي، حاولتُ أن أبادرهم ولكنهم لم يكترثوا، حتى عندما نقوم بتمريناتٍ تتطلّبُ شخصين، أو عندما نصطفّ لتمرين ما، كنتُ الأخيرة على الدوام، أو يتبرّع المدرّب أن يكون شريكي، لم يحزني كل هذا، ما أحزنني أن الأمر كان طبيعيًا جدًا، حتى إنهم طلبوا وبشكل مباشرٍ أن تكون صورة الخريجين الجماعية من دوني، هل تظنُّ أن الحال تغيّرت؟ كلا، هي الحال نفس الحال بعد ٢٠ سنة من الديمقراطية في بلادي.
اسمع هذا: حين كان أهل جدتي لأبي يزورونها، لم تكن تسمح لهم بالجلوس في غرفة الضيوف، كانوا سودًا مثلها يا رجل! ومع ذلك كانوا يقدرونها ويشكرونها، كانت تُحذّر أولادها من الزواج من السود، تقول إن من يتزوج من فوق، لا يمكن أن ينزل إلى تحت، فوق وتحت! بهذه الطريقة كانت ترى الأمور، كانت أدنى ما رأيت في حياتي.

ولأنني كرهتها تمنيتُ أن تفقد بصرها، فكان، لكنها استمرت بالحديث عن اللون والطبقات، فتمنيتُ أن تفقد قدرتها على الكلام، وقد كان، ثم حين أحب أخي ..
أحبّ دان فتاةً سوداء تدعى إيچا، ولم تشفع لها ملامحها البيضاء، نهرهُ أبي قائلًا: جدتك لن ترضى، وكأنه يتهرّبُ من كونه الرافض لهذا الزواج، رأيت الحزن والاستسلام في عيني دان، فتمنيتُ أن تموت.. فكان.
لم أكن حزينةً لموتها، بل صليتُ لله، شكرته على كلّ الهبات، وعلى أخذه إياها…
بعد أن ماتت بقليل، وحتى قبل أن آتي إلى هنا، كُنتُ كلما أنظر في المرآة أدرك كم كانت على صواب، اللون لا الماء أساس الحياةِ هناك، لقد عرفتْ ما جهلناه، وتمسَّحتْ بكلِّ أسودَ أصابه البهاق*.

* جولين يونغ / فتاةٌ تعضُّ شفتها السفلى حين تستمع للموسيقى.
* المصابون بالبهاق والبرص في جنوب إفريقيا معرّضون لخطر الاختطاف أو الموت، إذ يستخدم المشعوذون جلودهم في الطّب الشعبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى