محمد البشاري مع ضرورة إحياء الاجتهاد وتحصيل شروطه

حسين ابو السباع

قال الدكتور محمد البشاري الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الاوروبي إن فقه الأقليات المسلمة هو فقه نوعي يراعي ارتباط الحكم الشرعي بظروف الجماعة، وبالمكان الذي تعيش فيه، وليس مرادفًا لفقه الترخص أو فقه الضرورة وهو جزء من الفقه العام للأمة الإسلامية.

وأكد الدكتور البشاري في الورشة الدولية التي أقيمت في تونس على مدى يومي 7- 8 أكتوبر/كانون الأول الجاري بعنوان “الإصلاحية الدينية: الصوت الآخر للإسلام؟”، على أنَّ إحياء الاجتهاد وتحصيل شروطه فريضة شرعية وضرورة من ضروريات المجتمع المسلم.

وقدم د. البشاري ورقة عمل حول “تأصيل لفقه الأقليات المسلمة كأطروحة في الإصلاحية الإسلامية”، حيث قال الدكتور البشاري في مداخلته: “‏انطلاقا من الاستعمال الخاطئ، بل والمقصود لمصطلحات دينية إما في تركيبتها المفاهيمية أو من خلال إخراج النصوص عن مساقها بالإفراط في التجزء والإفراد بعدم النظر إلى المآلات وعدم الموازنة بين الكلي والجزئي، ما أسس مرجعية دينية تعمل على إحياء سنة الاغتيال -على حد تعبير مولانا الشيخ المجدد عبدالله بن بية، ويأتي مناقشة مصطلح “فقه الأقليات المسلمة” أهو فقه تتحكم فيه الضرورة على أساس أنه استثناء مرحلي، أم إننا نحن بصدد لتأسيس لفقه خاص للأقليات المسلمة.

وخلص الدكتور بشاري العضو المؤسس للأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم التي ستعقد مؤتمرها الثاني بالقاهرة يومي 17 و18 أكتوبر/تشرين اول الجاري حول موضوع “التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة”، إلى أنَّ “الأقليات الإسلامية أصبحت تمثل عنصرًا ذا أهمية بالغة في نسيج المجتمعات الإنسانية ورافدًا من روافد الدعوة الإسلامية التي تعلق عليها الآمال، وأن الأقليات الإسلامية أصبحت تمثل مكونًا دينيًا وبشريا مهمًا في مجتمعاتها يتحقق من خلالها الشهود الحضاري، إضافة إلى أنَّ طبيعة الوجود الإسلامي بالغرب كأقلية دينية في مجتمع متعدد الأعراق والعادات والأديان يعرف أقضية حديثة ونوازل فقهية جديدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويبحث لها عن الحلول الملائمة، وإن المشاكل التي يطرحها واقع الأقليات الإسلامية لا يمكن أن تحل إلا بنظرة جديدة واجتهاد جديد”.

وأضاف الدكتور البشاري “أنه ولا يصح الاجتهاد إلا من متأهل له، إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن يتجاسر الجهال على شرح كتاب الله سبحانه وتعالى، بحجة أن الاجتهاد فريضة على الأمة وضرورة للمجتمع، فيمتطون هذه الفكرة لإفساد الشريعة والتحلل من ربقة التكليف، فتكون كلمة حق أريد بها باطل، وإنما المطلوب اجتهاد أهل العلم والفهم والدين المتبحرين فى الشريعة العارفين بأحوال المجتمع، فإن أمكن الاجتهاد المطلق فيها ونعمت، وإلا فاجتهاد المذهب، والمراد من هذا الاجتهاد أن يستنبط فقها لهذه الأقليات يلائم واقعها، ويضع في الحسبان مشاكلها وأوضاعها، مع الحرص التام على الالتزام بنصوص الشريعة وأصولها وقواعدها”.

وتابع قائلا: “إن فكرة التعامل مع فقه الأقليات تعاملاً خاصًا فكرة جريئة تحتاج إلى التسلح بالعلم ونور البصيرة، وخصوصًا العلم بمقاصد الشريعة وأصول الفقه وقواعده، وقد ذكرنا في هذا البحث مقاصد وقواعد يمكن توظيفها في هذا الاتجاه”.

وخلص الدكتور محمد بشاري إلى عدة توصيات منها اقتراح بقيام مجموعة من الباحثين بإنشاء مدونة تضم كل الأصول والقواعد والمقاصد التي يمكن الاستفادة منها في هذا الاتجاه، وكذلك جميع الأدلة الجزئية والفتاوى والأحوال ذات الصلة بهذا الموضوع.

واقترح الدكتور البشاري أيضا دعم المؤسسات الإسلامية ذات الصلة بالبحث العلمي الخاص بشأن الأقليات الإسلامية والعمل على شبك باحثيها وتوحيد جهودها، وأن تقوم الأقليات نفسها بإنشاء مرجعية إسلامية تقرر عليها وتلزمها وتحكم بينها بشرع الله، بعيدًا عن التحزب السياسي أو المذهبي أو الطائفي أو القومي وتعمل بالتنسيق مع المجامع الفقهية المعتمدة بالعالم الإسلامي.

كما اقترح تأليف موسوعة في القواعد الفقهية مستقلة بالتطبيقات على فقه الأقليات المسلمة، وضرورة التوسع في دراسة فقه المواطنة والتعايش للمسلمين في مجتمع الأقليات المسلمة لتمكينها من كل الحقوق الاقتصادية والسياسية والتعليمية وغيرها في ظل قيم الاحترام المتبادل والتعايش والسلام.

وشارك في ندوة “الإصلاحية الدينية: الصوت الآخر للإسلام؟” أساتذة وباحثون جامعيون من فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، الولايات المتحدة الأميركية، المغرب، تونس.

(ميدل ايست أونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى