إدريس شويكة: حكومة بن كيران كارثة سينمائيا

زبيدة الخواتري

في القاعات المغربية بدأ عرض فيلم “فداء” لمخرجه إدريس شويكة، عمل سينمائي كتبه عزيز الساطوري، ومن تشخيص عدة فنانين من بينهم محمد خيي، فضيلة بنموسى، عبد الإله رشيد وربيعة رفيع. القصة تتناول حقبة زمنية من تاريخ المغرب الحديث في قالب روائي. المخرج إدريس شويكة درس تقنيات السينما في المختبرات والاستوديوهات قبل الإقدام على إنتاج وإخراج مجموعة متنوعة من أفلام الخيال العلمي والأفلام الوثائقية ، وأفلام التليفزيون، والإعلانات، وبرامج التلفزيون مثل “زوايا” و برنامج “عالم من الأفلام”. وقام بإخراج أفلام مثل “علام الخيل” و”زهرة” و”قصر السوق”. فلماذا تناول شويكة الحقبة التاريخية في فيلمه الجديد؟ وكيف يقيم حصيلة الحكومة التي قضت خمس سنوات بعد أول دستور في عهد الملك محمد السادس؟ معه نغوص في بعض من كواليس السينما المغربية.

أستاذ شويكة، آخر عمل سينمائي لك هو فيلم “فداء”، إنتاج يتطرق الى حقبة تاريخية من تاريخ المغرب الحديث، لماذا هذا المنحى التاريخي؟
فيلم فداء يتطرق لموضوع المقاومة والاستعمار الفرنسي للمغرب في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، خاصة فترة نفي السلطان محمد الخامس، الفيلم تاريخي لكنه بلمسة روائية وقصة اجتماعية، قصة تتناول مواضيع الصداقة والحب والعلاقات الإنسانية. ورسالتي واضحة في العمل من أجل تعريف الأجيال الحالية بتاريخ أجدادها وخاصة تاريخ تلك الفترة الحساسة من المغرب التي عرفت انتفاضة الشعب المغربي تجاه الاستعمار الفرنسي وما تلاه من مفاوضات من أجل الاستقلال، فالسينما لها دور مهم في تثقيف وتربية المجتمع وتنشئة الأجيال.

رسالة سينمائية وموضوع جديد بحبكة فريدة، إذن هو عمل متميز في مسارك الإخراجي؟
إنها قصة تجمع بين الحب والنضال، صورت بالمدينة القديمة لأسفي، مميزة بتوظيف اللون الأسود والأبيض في المشاهد، وتوظيف أزياء تعود الى خمسينيات القرن الماضي تماشيا مع الحقبة الزمنية للأحداث، أبطال الفيلم معظمهم من الجيل الجديد للسينما، شباب يتمتعون بروح إبداعية وخاصة منهم بطل الفيلم عبد الإله رشيد في تشخيص دور عبد الرحمن والفنانة الصاعدة ربيعة رفيع في تشخيص دور زوجة الفدائي عبد الرحمن، إلى جانب رائد السينما المغربية الفنان المقتدر محمد خيي، والفنانة فضيلة بنموسى وغيرهم.

أنت مخرج مهووس بالفن، ومعروف عنك تحديك في إنجاز عمل جيد؟ فما الذي يميز أسلوبك الإخراجي عن باقي المخرجين المغاربة؟
أختار الطريق الصعب عبر المعالجة العميقة للعلاقات الإنسانية من خلال رصد العلاقات الإنسانية المتقاطعة. فبعد تجاربي السابقة سواء في السينما أو في التلفزيون، مازلت محتفظا بأسلوبي الخاص عن قناعة ومحاولا إنجاز أفلام متميزة، من حيث اختيار الموضوع أو أسلوب المعالجة. حقيقة أن موضوع تطور العلاقات الإنسانية في مواجهة الزمن والقضايا الاجتماعية والسياسية، شكّل مادة أساسية بالنسبة للسينما في العالم ولكن بالنسبة للمغرب فالتيمة لم تحظ بالتناول أو المعالجة الكافية، ويبقى هدفي الأساسي المساهمة في إثراء الحقل السينمائي الوطني من خلال الغوص في جزئيات السينما الاجتماعية ذات البعد الإنساني.

من خلال تجربتك الاخراجية الطويلة، هل ترى ثمة فرقا بين الإخراج بعين ذكورية وأخرى نسوية؟
ليس هناك بالنسبة لي ما يمكن تسميته بإخراج نسوي أو إخراج ذكوري، الفرق فقط في الحساسية وطريقة تناول العمل ومعالجته، لأن الرؤية تختلف وأن ثمة تقاطعا في التوجهات والاختيارات. هناك حس خاص للمرأة وآخر للرجل. ويلعب هذا الجانب دورا كبيرا في العمل. قد يكون السيناريو نفسه لكن التناول يختلف من مخرج إلى مخرجة.
أول حكومة في عهد الدستور الجديد للمغرب تنهي ولايتها حاليا، حكومة عبد الإله بن كيران من حزب العدالة والتمية ذي المرجعية الإسلامية. كيف تقيِّم مرحلتها سينمائيا؟
حصيلة الحكومة الحالية لعبد الإله بن كيران كارثية بالنسبة لي، خاصة في المجال الثقافي فهناك تراجع كبير في المجال السينمائي. ثمة نوع من الضغط مورس على السينمائيين وتم تعقيد المساطر القانونية و التصوير والدعم. تم شد الخناق على السينمائيين فتعقدت الأمور وصار جو غير صحي للعمل، ليس كما كان قبل ذلك. أستطيع القول إن هناك شبه حملة موجهة للحدّ من تطور السينما في بلادنا.

إذن كيف ترى آفاق السينما بالمغرب في ظل الأجواء الحالية؟
إذا استمر الأمر على ما هو عليه فلا أعتقد أن ثمة آفاقا في السينما. لن تتطور وقد لا يصور أي فيلم. كمثال على ذلك ثمة مشروع سابق للمركز المغربي السينمائي في ولاية نور الدين الصايل بخلق مركبات سينمائية جهوية لتشجيع وضمان الاستثمار في السينما، ثم جاءت الإدارة الجديدة فأقبرت المشروع وذلك جريمة، فوزارة الاتصال في نظري ارتكبت عدة جرائم منها وأد هذا المشروع. يجب وضع حد للتراجع الحاصل في السينما مع وجوب الفصل بين السينما ووزارة الإعلام وضرورة انتمائها لوزارة الثقافة كما الشأن في عدة دول. فظروف إنجاز الفيلم “فداء” مثلا كان صعبا، أتأسف للأوضاع المادية المزرية، وقلة الإمكانيات التي تعترض السينما المغربية، ولاسيما السينما الهادفة التي توثق لمراحل تاريخية وتجسد وقائع من تاريخنا العريق والمجيد .

على هذا الحال لست متفائلا بمستقبل السينما؟
صراحة أنا طموح في المجال السينمائي، ودليل ذلك الأعمال التي أنجزتها والأعمال التي اشتغلت عليها، أكثر من ذلك مواظبتي على البحث والاجتهاد لتقديم الجديد والمتميز للجمهور على الدوام. فالإنسان الذي يقطع تذكرته لمشاهدة عمل ما يستحق أن نقدم له عملا متميزا. غير أنه في ظل الوضع الراهن ثمة انتكاسات خارج إرادتنا نحن السينمائيين وطبعا سأبذل قصارى جهدي للبقاء دوما وفق تطلعات الجمهور.

تناولت بعض المنابر الإعلامية دفاعك عن فيلم المخرج نبيل عيوش ‘الزين اللي فيك” الذي تم منعه، فهل الخبر صحيح؟
لم آخذ موقفا شخصيا بالضبط، فمن الأخلاقيات المهنية ليس لدي أي حق أن أتحدث عن فيلم مخرج زميل، إلا إذا كان في إطار أخوي أو خاص، أما تناول ذلك في منابر عامة كالإعلام فلا يمكن. لكن الموقف كان في إطار الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام، حيث تقلدت مهمة الكاتب العام لها، وكان موقفا صارما من الغرفة تجاه حق يكفله الدستور بعدم منع أي فيلم كيفما كان، وليس لأنه فيلم نبيل عيوش. بالتالي حرية التعبير هي الأساس دون النظر لنوعية الفيلم وما يعالجه. فالسينما أمر اختياري لدى الجمهور في اقتناء تذكرة الدخول من عدمها بالتالي حرية الإبداع هي الأساس ويكفلها الدستور وذلك فوق أية سلطة إدارية.

ثمة الكثير من المهرجانات بالمغرب، تقريبا كل مدينة تنظم فيها تظاهرة سينمائية، هل ترى هذا الأمر صحيا؟
المهرجانات عموما شيء إيجابي لتحفيز السينما والإنتاج وخلق جمهور عاشق للفن، لكن ثمة تكالب على ذلك وليس حبا في السينما، إنما لاصطياد المنح والمداخيل المختلفة في التظاهرة. إذن في أي مجال نجد الإيجابي والسلبي . لا ينفي هذا وجود مهرجانات جادة بالمغرب تنبني عن حب للمجال من طرف منظمِّيها.

(الجزيرة الوثائقية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى