مفاجأت نوبل تحيل “الآداب الى” شعرية” بوب ديلان” الموسيقية

داريو فو يغيب عن المسرح العالمي

خاص ( الجسرة )

  • حسين دعسة

على غيرها من السنوات،ختمت لجنة جائزة نوبل جوائزها بإعلان فوز المغني الاميركي “بوب ديلان” -75عاما-بجائزة نوبل للآداب،وفي ذات اليوم- امس الخميس- كانت صدمة العالم بإعلان وفاة الكاتب المسرحي الإيطالي “داريو فو ” صاحب نوبل للآداب عام 1997 و توفي عن 90 عاما .

ولعل المفأجاة، ان “ديلان” و “فو” كانا من رموز الحراكات السياسية الثورية ولهما مكانة مؤثر في نفوس الشباب اليساري سواء في اغاني ديلان او نصوص وعروض مسرحيات فو الناقدة للبنى الحاكمة وتغيبها لدور الطلبة والشباب.

وفي الوقت الذي عزف فيه “ديلان” على قيثارته فرحا بالجائزة ، نقلت وكالة “إجي” الايطالية للأنباء عن رئيس الوزراء ماتيو رينزي قوله :”خسرت إيطاليا بوفاة داريو فو أحد أبرز أعلام المسرح والثقافة والحياة المدنية في بلادنا”.

ولحظتها تذكر محبيه قوله المشهور:
“الحرية، أن تتحرر من كل عقبة ومن كل شر، أن تتحرر من النفاق والذل، هذه الآفات التي تسرق وتنتزع منا حياتنا. أتمنى أن نعود لنصبح أسياد حياتنا، هذا ما أتمناه لبلدي”.
الى ذلك، تركت نوبل الآداب مفاجأتها امام كبار كتاب وشعراء العالم ممن تداولتهم بورصة نوبل عبر البلاد كافة .
و بفوز بوب ديلان، غامت الجائزة بين الشعر والموسيقى ( لا جوائز للموسيقى والفن التشكيلي والعمارة في وصية نوبل او عقلية رجال ” الاكاديمية السويدية” ، وتحت ذريعة النصوص الشعرية- الاصول المكتوبة- منحت الجائزة للمرة الأولى لمؤلف موسيقي ما اثار مفاجأة دولية في قطاع الآداب والفنون.

وقالت الاكاديمية السويدية في حيثيات قرارها ان ” ديلان كوفئ “لانه ابتكر تعابير شاعرية جديدة داخل التقليد الغنائي الاميركي المبجل”.

وشكل الاعلان ، بحسب وكالات عن فوز ديلان مفاجأة للحضور في قاعة البورصة العريقة في ستوكهولم التي علا التصفيق فيها.

ويخلف الاميركي وهو اول موسيقي تكافئه الاكاديمية منذ استحداث الجوائز في العام 1901، الروائية البيلاروسية “سفيتلانا اليسكييفيتش”،الذي اثار فوزها العام الماضي دول اوروبا الشركية..وروسيا بالطبع.
واوضحت الامينة العامة للاكاديمية سارا دانيوس للتلفزيون السويدي العام “اف في تي”، “بوب ديلان يكتب شعرا للاذن” مؤكدة ان اعضاء الاكاديمية عبروا عن “تماسك كبير” في اطار هذا الخيار.

ووصفت الاكاديمية ” ديلان” ب “ايقونة” ، لا يزال نشطا وقد اصدر في ايار الماضي البومه السابع والثلاثين المسجل في الاستوديو بعنوان “فالين انجيلز” حيث يؤدي اغنيات اميركية كلاسيكية اشتهرت بصوت فرانك سيناترا.,ولكن، يجد المتابع والناقد الفني ان ما يثير الجدل في كتابات أغاني بوب دايلان تلك العواصف الهائجة النابته عن روح التمرد والمعارضة و حرية الذاتي الناهي الى الاستقلال، عدا عن ما في كلماته من الدلالات الابداعية التي حملت في ابعادها وعيا سياسيا وفلسفيا ،وقيمة جوهرية ادبية وفنية قريبة من نفوس جيل يتحول نحو الابادة الرقمية ، وهو لا يزال منذ أكثر من خمسين عاما يكتب الأغاني ويقوم بجولات فنية عالمية برغم انه تجاوز عقده السابع..

..وعلى شموع انتشرت حول عالم الإيطالي داريو فو ، خبت حماسة المفاجأة ،فلأول مرة ترتبك لجنة نوبل بإعلان وفاة احد ممن فازوا بجوائزها في ذات يوم اعلان الجائزة، وهذا ما حدث قد ففي- امس- الذي يصادف أن يتم الإعلان فيه عن اسم الفائز بنوبل للآداب لعام 2016، ودع صاحب جائزة1997:”أعماله الساخرة وأبحاثه وعمله المسرحي ونشاطاته الفنية المتعددة الأوجه هي إرث إيطالي كبير له بعد عالمي”.

وكان” فو” ، يمتلك شجاعته وحريته الابداعية الى اواخر اصابته بالوهن والتعب العصبي ومما كان يقوله عن بلاده: للأسف، نحن في فترة ترسم فيها إيطاليا بالألوان الرمادية وما تحت. وفي أفضل الأحوال، تتحول إلى اللون البنفسجي أو البرتقالي الهادئ أو حتى إلى اللون الأحمر العميق، بسبب عدم وجود اي تغيير ماعدا الحزن والكوارث. الأزمة دمرت كل حماس وكل فرح.
..وغالبا كان يرى ، ردا على اسئله جمهوره العالمي:
هل هناك أمل في هذه اللوحة التي ترسمها عن إيطاليا؟
فيرد “داريو فو” : هناك شيء إيجابي، يتمثل في محاولة إيجاد الحلول بأي سبيل ممكن من دون الاستسلام. أشاهد حولي أشخاصا يسعون جاهدين للبحث عن حلول أفضل لمشاكلهم من دون أن يستسلموا للأمر الواقع ليس فقط من أجل الاستمرار في العيش بل أيضا من أجل بناء شيء جديد ونهج مغاير”.
يعد “فو” كاتبا وممثلا اشتهر منذ العام 1969 بفضل كتابه “ميستيرو بوفو” (ألغاز الكوميديا) وهو ملحمة عن المضطهدين مستوحاة من ثقافة القرون الوسطى يعلم فيها البطل وهو بهلواني الثورة من خلال الضحك. وكان فو صاحب القلم المبدع، يدعو إلى التمرد على المتسلطين والمنافقين.
ومع نهاية العقد التاسع ، وفي” يوم نوبل” المشهود لكاتب وممثل مسرحي إيطالي فاز بالجائزة عام 1997، توقف قلبه ..وها هي أعمدة المسرح الإيطالي والاوروبي -المسرح الكوميدي والسياسي والفنتازيا التلفزيونية- تغيب وربما لا تجد الإ ما يحميها فكريا ؛ذلك انها ارتبطت بالحزب الشيوعي الإيطالي فترة من الوقت، وحين انفصل عنه فيما بعد لم يخفت صوته الانتقادي المسرحي للمؤسستين السياسية والدينية في إيطاليا.

كتب فو ما لايقل عن أربعين مسرحية، شاركته في معظمها زوجته الممثلة الإيطالية فرانكا ريم. ومن تلك المسرحيات موت فوضوي بالصدفة (1970م) ولانستطيع أن ندفع، لن ندفع (1974م). كما اشتهر فو بعروضه الفردية التي من أشهرها المسرحية الهزلية الغامضة (1974م) التي بناها على نمط مسرحي ديني شاع في العصور الوسطى بأوروبا باسم المسرحية الغامضة، وكان فو يغير موضوع المسرحية بتغير الجمهور.

حقيقة الإبداع
..وما بين موت “فو” وفوز”ديلان” خفت الوهج وصعق مراهنو جائزة نوبل للآداب ممن كانوا يحركون ادراجهم بإمكانية فوز كاتب عربي امثال الشاعر الفلسطيني غسان زقطان والشاعر السوري أدونيس ، عدا عن الكاتب الكيني ” غوغي وا تيونغو” ، وكانت المراهنات قد وضعت أسماء كتاب إسرائيليين مثل عاموس أوز وديفيد غروسمان وكتاب أمريكيين أمثال ريتشارد فورد و فيليب روث في قوائم نوبل السرية، واحيانا التي لا يمكن ان يتم التكهن بها مطلقا.

%d8%af%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d9%88-%d9%81%d9%88

تفتت الجائزة
..ويرى خبراء ونقاد عرب كبار، ان التحول في جائزة نوبل للآداب، نحو النصوص الشعرية الموسيقية ، يطرح خيارات تفتت قيمة الجائزة المعنوية عبر العالم مع بقاء اهمية قيمتها المادية التي تصل احيانا الى مليون دولار اميركي.
وهم ، ألمحوا الى ان “وهج” نوبل ينير طرق كثيرة في عالم الفن والثقافة والنشر في العالم وبالذات في اوروبا والولايات الاميركية المتحدة ،ما يثري حركة النشر بما في ذلك النشر الالكتروني الرقمي ، وان ابتعاد نوبل عن الاشكال الادبية الابداعية المستقرة،كالرواية والقصة القصيرة والشعر، يؤشر الى اختلاف تعاطي العالم مع قيم الجائزة نقديا وابداعيا.

مؤشرات
* الجائزة تسعى إلى اختيار شعراء وكتاب أعمال مسرحية وأنواع أخرى من الكتاب.

وتقول ماريا تشوتينيوس، ناقدة في صحيفة “داجينس نيتر” السويدية، إنه من بين الكتاب الآخرين الذين يلفتوا أنظار الأكاديمية السويدية الكاتبة الفنلندية صوفي أوكسانين، والكاتبة النيجيرية تشيماماندا نجوزي أديشي، ومن جامايكا كانكايد أوف أنتيجوا.

* من بين الأسماء التي تكرر ذكرها الا أنهم لم يفوزوا بالجائزة حتى الآن، الكاتب التشيكي ميلان كونديرا، والكاتب الألباني إسماعيل قادري، والروائية الجزائرية آسيا جبار وشاعر كوريا الجنوبية كو أون.

* هناك أناقة جلية في كلمات ديلان. جمال توراتي كان قد دعّم أغنياته على امتداد السنين”
جانب أساسي من العملية الإبداعية لدى ديلان والتي تظهر تباعا في المقابلة هو مفهوم اللاوعي، والبيئة الأفضل لامتلاكه بحرية.
يقول ديلان : ” من الجيد أن تكون قادرا على وضع نفسك في بيئة تستطيع فيها قبول كل الأشياء اللاواعية التي تحضرك من النشاط الداخلي لعقلك، وتعزل نفسك حيث يمكنك التحكم بكل شيء وتسجيله”
.. يقدر “ديلان”، استنادا لوعيه الموسيقى هذا الجانب اللاواعي من الإبداع حتى أكثر من الجانب الواعي المقصود، متحدثا عن فكرة أن الإلهام لا يُتَمنى، فقط يُرَحَب به. في توصية بدور المعالجة اللاواعية في المراحل النفسية من العمل الإبداعي.
و يقول ديلان: ” أفضل أغنياتي هي تلك التي كتبت بسرعة كبيرة. نعم بسرعة كبيرة جداً. الوقت الذي تستغرقه لتسجيلها يقارب الوقت الذي تأخذه في كتابتها”وانه : ” على المرء أن يبقى في الحالة اللاواعية من الذهن لينجح في الكتابة. وهي الحالة الذهنية التي يجب أن يكون عليها على أي حال”، أي خلافا لتأكيد بوكوفسكي (Charles Bukowski) الحاد بأن البيئة المثالية للإبداع هي وهم تافه. وتحذير إي بي وايت (E.B.White) من أن الكاتب الذي ينتظر الظروف المثالية للكتابة سيموت دون أن يخط كلمة واحدة على ورقة.
* ديلان يؤمن : البيئة مهمة جدا لكتابة الأغنية. البيئة تستولد شيئا ما في داخلي يريد أن يبزغ للوجود. إنه شيء تأملي فكري؛ البيئة مهمة جدا. الناس يحتاجون بيئات مسالمة منشطة. بيئات محفزة”ولهذا : ” يجب أن تكون قادرا على إخراج الأفكار من عقلك”.
* ” بدايةً، هنالك نوعان من الأفكار في دماغك يقول ديلان في تصريحات مترجمة : الأفكار الجيدة وتلك الشريرة. كلاهما يخطران لك. بعض الناس محملون بأحد النوعين أكثر من الآخر. رغم ذلك فهي تأتي. وعليك أن تكون قادرا على التعامل معها. إن كنت تريد أن تصبح كاتب أغنية أو مغنيا، يجب أن تتخلص من كل هذه الحمولة. يجدر بك أن تكون قادرا على معالجة هذه الأفكار لأنها لا تعني شيئا. إنها فقط تشتتك. من المهم أن تتخلص منها. ثم يمكنك فعل شيء من قبيل مراقبة الوضع”.
* أحيانا يمكنك أن ترى الشيء دون أن يترك أثره فيك. يمكنك أن تمنح لشيء معنى إلى جانب أن تأخذ وتاخذ وتأخذ. كما العديد من المواقف في الحياة اليوم، خذ وخذ وخذ. هذا كل شيء. هذا هو. مالي ولذلك؟ هذه الأعراض التي بدأت في عقد الذاتية “me decade” ومتى ما كان زمانها إلا أننا ما زلنا نعيشها وما زالت تحدث”
أغنياتي الخالدات
نصوص اصلية: بوب ديلان ، ترجمات اختارها وقدم لها د. ماجد الحيدر، وعنها قال:

بوب ديلان Bob Dylan ( واسمه الحقيقي روبرت تسيمرمان) مغنٍ وملحن وشاعر أمريكي حاز على شهرة عالمية عظيمة وخصوصاً في أوساط الشباب والمثقفين والطبقة العاملة.
ولد عام1941 في بلدة صغيرة بولاية مينوسوتا قرب الحدود مع كندا لأبوين من المهاجرين اليهود من أوكرانيا..!
..وهذا” اليهودي المغني” تعلم العزف على الغيتار وهو طفل صغير وتحول الي عازف محترف علي الغيتار والهارمونيكا قبل أن يصل الثامنة عشرة من العمر.
منذ عام 1955 شارك “ديلان” في حفلات موسيقية بمصاحبة فرقة متخصصة في الموسيقى الفولكلورية مكونة من أربعة من الشبان، لكنه لم يلبث أن ضاق ذرعا بالحياة في المدينة الصغيرة والغناء في البارات والمقاهي الرخيصة فانتقل عام 1961 الى نيويورك التي كانت آنذاك مدينة تزدحم بالنوادي التي تعج بحفلات الموسيقي الفولكلورية، فلاحظ على الفور أن غالبية المغنين فيها يكتفون بإعادة أداء الأغاني الفولكلورية القديمة أو في أحسن الأحوال تأليف أغان جديدة علي منوال ايقاعات معروفة سلفا.

(1) أطرقُ باب السماء

أمّاه، انزعي هذه الشارة عن صدري
لم أعد قادراً على النظر
كل شيء يغدو مظلماً في عيني
أشعر كأنني.. أطرقُ باب السماء

أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء

أمّاه، ضعي مسدسي على الأرض
لم أعد قادراً على التصويب
وتلك الغيمة الطويلة الظلماء.. تدنو من الأرض
أشعر كأنني.. أطرقُ باب السماء

أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء

(2) مثل حجرٍ يتدحرج

قد كان يا ما كان
في يوم من الأيام، لبستِ أحسن الثياب
ورميت قرشاً للمتسولين
كنت في عنفوانك، أليس كذلك؟
كان الناس ينادونك “أيتها الجميلة الطائشة.. أحذري.. ستسقطين”
فظننت أنهم يمزحون.
كان المتسكعون يثيرون ضحكك
لكنك الآن لا ترفعين صوتك بالحديث
ولا تبدين فخورة عندما تتسولين وجبتك القادمة
كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

حسناً يا آنسة “وحيدة”
قد درستِ في أرقى المدارس، لكنك تعرفين
أنهم كانوا يعصرونك فيها عصراً
ولم يعلمك أحدٌ كيف تعيشين على قارعة الطريق
لكنك الآن مرغمة على اعتياد ذلك
كنت تقولين: لن أتساوم مع المتشرد الغامض
لكنك الآن تدركين: أنه لا يبيع الأعذار
حين تحدقين في خواء عينيه
وتسألينه أن يعقد صفقةً معك

كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

لم تلتفتي لتري تقطيبة الحزن خلف أوجه المهرجين
حين جاؤوا جميعاً ليرقصوا ويلعبوا أمامك
لم تفهمي أن الأمر سيء
ما كان عليك أن تسمحي للآخرين
أن يتلقوا الرفسات بدلاً عنك
كنت تركبين حصانك المطلي بالكروم
يصحبك دبلوماسيون يحملون على أكتافهم
قطتك السيامية المدللة
هل تألمك يومَ اكتشفت
بأنه لم يكن حيث يجدر
بعد أن سلب منك كل ما استطاع سرقته

كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

أميرة البرج العالي، كل الظرفاء الآخرين
يشربون، واثقين من نجاحهم
يتبادلون أثمن الهدايا
أما أنتِ يا فتاتي فيجدر بك
أن تنزعي خاتمك الماسي، أن ترهنيه.
نابليون في الأسمال، ولغة حديثه
كانا يسليانك
اذهبي اليه الآن، إنه يناديك، ولا يمكنك الرفض
فحين لا تملكين شيئاً.. ليس ثمة ما تخسريه
أنت الآن لا مرئية تماماً، وليس عندك ما تخفيه

كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

(3) في مهب الريح

كم من الطرقات ينبغي للإنسان أن يقطعها
قبل أن ندعوه رجلاً؟
كم من البحار ينبغي للحمامة البيضاء أن تطير فوقها
قبل أن تنام في الرمال؟
وكم من القنابل ينبغي أن تقذفها المدافع
قبل أن تُحظرَ الى الأبد؟

الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب في مهب الريح

كم من السنين ستبقى الجبال
قبل أن تذوب في البحار؟
كم من السنين يعيش بعض الناس
قبل أن ينالوا حريتهم؟
وكم من المرات يمكن للإنسان
أن يدير رأسه.. ويتظاهر بالعمى؟

الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب في مهب الريح

كم مرة ينبغي للمرء أن يرفع عينيه
قبل أن يبصر السماء؟
كم من الآذان ينبغي أن يملكها المرء
قبل أن يسمع بكاء الآخرين؟
وكم من الوفيات يجب أن تحدث
قبل أن ندرك
أن الكثيرين .. الكثيرين.. قد ماتوا؟

الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب.. في مهب الريح
(4) أرقدي يا سيدتي أرقدي
أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
كل ما برأسك الجميل من ألوان
سأريك إياها.. مشرقةً.. أمام ناظريك

أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً مع فارسك
حتى انبلاج النهار، ودعيني أراكِ
وأنت ترسمين البسمة على محياه
ثيابه متسخة، لكن يديه طاهرتان
وأنت.. أنتِ أروع ما رأته عيناه

أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً مع فارسك
ولماذا المزيد من الانتظار.. كي يبدأ العاَلم
بوسعك أن تتناولي إفطارك.. وقطعة الحلوى
لماذا المزيد من الانتظار.. للرجل الذي تعشقينه
وهو هنا.. أمام ناظريك

أرقدي، سيدتي، أرقدي.. على سريري النحاسي الكبير
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً بعد
ما دام الليلُ لم يبرح
أتوق الى مرآك في ضياء الصباح
وأتوق الى بلوغك في سكون الليل
أمكثي، سيدتي، أمكثي قليلاً.. ما دام الليلُ لم يبرح

 داريو فو يحاور (يورو نيوز):
لون ايطاليا
إيطاليا، بلد الألوان الهادئة، بلد يدفع اليوم ثمن مكائد السياسيين وسلطة لا عاطفة لها. البلد الذي ورغم هذه المكائد يعيش بفضل إبداع من يرفضون الخضوع أو الاستسلام للأزمة على غرار داريو فو، الأديب والمسرحي الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1997. أديب يرسم اليوم لوحة درامية لإيطاليا قبيل الانتخابات متهما فيها البنوك والأقوياء والمعتدلين بنهب وسرقة حياة وحماسة الإيطاليين.
يورونيوز: داريو فو، أنت حاليا تتفرغ للرسم كما فعلته في فترات سابقة، بأية ألوان وكيف ترسم إيطاليا اليوم؟
داريو فو: للأسف، نحن في فترة ترسم فيها إيطاليا بالألوان الرمادية وما تحت. وفي أفضل الأحوال، تتحول إلى اللون البنفسجي أو البرتقالي الهادئ أو حتى إلى اللون الأحمر العميق، بسبب عدم وجود اي تغيير ماعدا الحزن والكوارث. الأزمة دمرت كل حماس وكل فرح.
يورونيوز: هل هناك أمل في هذه اللوحة التي ترسمها عن إيطاليا؟
داريو فو: هناك شيء إيجابي، يتمثل في محاولة إيجاد الحلول بأي سبيل ممكن من دون الاستسلام. أشاهد حولي أشخاصا يسعون جاهدين للبحث عن حلول أفضل لمشاكلهم من دون أن يستسلموا للأمر الواقع ليس فقط من أجل الاستمرار في العيش بل أيضا من أجل بناء شيء جديد ونهج مغاير.
يورونيوز: أقترح عليك العودة إلى الماضي، وهنا أكرر ما قالته الأكاديمية السويدية حين منحتك جائزة نوبل في الأدب سنة 1997 والتي قالت:”عندما يستلهم داريو فو أعماله من مهرجي العصور الوسطى، فهو ينتقد بذلك السلطة ويعيد كرامة المضطهدين”. من هم أصحاب السلطة والقوة الذين ينتقدهم داريو فو ولماذا؟
داريو فو: أخص هنا البنوك ورجال الأعمال الأكثر تأثيرا، وكل من يحمل مقاليد ما أسميه”العرض داخل العرض”أعني الذين يبذلون كل الجهود كي تتقبل الشعوب الشروط التي وضعوها لهم، معتمدين في ذلك على كل الوسائل بما في ذلك وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية.
يورونيوز: أنت تتابع باهتمام الحملة الانتخابية الإيطالية، ما هو الشيء الذي يقلقك أكثر فيما يتعلق بهذه الانتخابات؟
داريو فو: ما يقلقني أنا ليس هو ما يقلق رجال السياسة لأنني أعتبر نفسي خارج اللعبة السياسية. شعوري بالضجر تجاه طريقة تصورهم للعلاقات الإنسانية والمدنية لا يجعلني أشعر بأي عاطف نحو هؤلاء السياسيين الذين سيفقدون مناصبهم في أسوء الأحوال. بالنسبة لهم هذا الأمر لا يمثل مهمة أو التزام نحو الناخبين الذين اختاروهم بل مجرد عمل فقط.
يورونيوز: هل لا تزال السياسة قادرة اليوم على أن تثير شغف الشعوب؟
داريو فو: السياسة قامت في وقت وجيز بتخريب كل ما تم انشاءه طيلة عقود. لقد قامت بتحطيم الأمل والثقة وقيمة القوانين، دمرت المجتمع والعدالة… خاصة العدالة.
يورونيوز: كيف ومتى حدث هذا التدمير؟
داريو فو: إذا لم يكن هناك نظام قوي، صلب يستند في المقام الأول على الثقافة والمعرفة ويرسخ في الوعي الجماعي مفاهيم الحرية والمساواة والعدالة، فحينها سينهار كل شيء. هناك من يشيد بالتحايل في التشريع أو المهارة في الاحتيال ولا داعي هنا لتسمية شخص على وجه الخصوص. كلهم هكذا يكفي فقط أن ترى حولك، الأول الذي ستراه هو مشترك في الأمر.
يورونيوز: الاعتدال في السياسة أصبح اليوم ومنذ فترة أيضا يعتبر قيمة إيجابية. أنت على العكس لا تعتبر نفسك معتدلا، أنت أيضا فخور بذلك. ماهي المشكلة مع مفهوم الاعتدال ولماذا تنتقده؟
داريو فو: أنتقد خاصة القناع الذي يلبسه شخص يزعم أنه مسالم ولطيف ولا يؤذي الآخرين ولكنه في الواقع غير ذلك، الأمر يتعلق بخدعة وبمظاهر خارجية. السلوكات والإيماءات لديهم ليست مطلقة. هم لا يمرحون ولا يرقصون. لم أرى في حياتي معتدلا يرقص أو يتسلى أمام حشد من الناس. على الأقل يفعل ذلك في زاوية وفي معزل عن الآخرين حتى لا ينظر إليه ولا يتم اكتشافه.
يورونيوز: برلسكوني دخل معترك الحياة السياسية سنة 1994 واليوم هو حاضر في هذه الانتخابات. لقد كرستم له في الماضي مسرحيات عديدة، إذا طلبنا منك تمثيله مرة أخرى فكيف سيكون التمثيل؟
داريو فو: بالأمس فقط قدمت مسرحة إيمائية استمدتها من عمل بوستر كيتون. هي تتعلق بتمثال في غرفة كبيرة، حولها شخصيات أومجسمات تحاول أن تبقي التمثال قائما. مجسمات تتحرك في جميع الاتجاهات. تذهب وتعود وتحاول ربط التمثال بآلة ميكانيكية لكي يحافظ على توازنه. التمثال سقط وكاد أن يتكسر وبرغم ذلك فقد قامت المجسمات بإعادته إلى وضعيته السابقة. يعود ويسقط من جديد وفي كل مرة يقترب من الهاوية …
يورونيوز: لكنه لم يسقط أبدا في الهاوية؟
داريو فو: علينا هنا أن نتحلى بالصبر
يورونيوز: ماذا تتمنى لإيطاليا في المستقبل؟
داريو فو: الحرية، أن تتحرر من كل عقبة ومن كل شر، أن تتحرر من النفاق والذل، هذه الآفات التي تسرق وتنتزع منا حياتنا. أتمنى أن نعود لنصبح أسياد حياتنا، هذا ما أتمناه لبلدي.
= طالما اعتُبر داريو فو محارباً من أجل العدالة، موظفاً كل طاقاته المسرحية في سبيل ذلك، ولعله من البديهي أن يكون مع ثورة تقف ضد أشرس نظام ظالم معاصر. “لست سياسياً، إنما أحارب من أجل العدالة”. هذا ما دأب داريو فو على قوله. كان دائماً منحازاً إلى قضايا الناس في بلده وفي بلدان أخرى، ولعلّه تعرّض مراراً للاعتداء والإيذاء الجسدي بسبب مواقفه.

اسماء الفائزين في السنوات الخمس عشرة الاخيرة بجائزة نوبل للاداب التي منحتها الاكاديمية السويدية الخميس للمؤلف الموسيقي الاميركي بوب ديلان.

– 2016: بوب ديلان (الولايات المتحدة)
– 2015: سفيتلانا اليكسييفيتش (بيلاروسيا)
– 2014: باتريك موديانو (فرنسا)
– 2013: اليس مونرو (كندا)
– 2012: مو يان (الصين)
– 2011: توماس ترانسترومر (السويد)
– 2010: ماريو فارغاس يوسا (البيرو)
– 2009: هيرتا مولر (المانيا)
– 2008: جان ماري غوستاف لو كليزيو (فرنسا)
– 2007: دوريس ليسينغ (بريطانيا)
– 2006: اورهان باموك (تركيا)
– 2005: هارولد بنتر (بريطانيا)
– 2004: الفريدي يلينيك (النمسا)
– 2003: جون ماكسويل كوتزي (جنوب افريقيا)
– 2002: ايمري كرتيس (المجر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى