«بيت السناري» يُكرّم ذكرى يوسف وهبي

رحاب عليوة

نظَّم منتدى «بيت السناري» في القاهرة، نشاطات لإحياء الذكرى الـ34 لرحيل عميد المسرح المصري يوسف وهبي، منها معرض «عشتُ ألفَ عام» لبعض مقتنياته من صور وسيناريوات أعمال سينمائية وشهادات تكريم ورسائل من معجبيه ومراسلات لدعوته الى حضور مناسبات مختلفة، وأوراق من سيرته الذاتية.
وقال مدير «بيت السناري» أيمن منصور، إن مكتبة الإسكندرية تستعد حالياً لنشر سيرة يوسف وهبي في كتاب. والفنان ولد عام 1898، ومرَّت حياته بكثير من المنحنيات، من فتى مدلل ابن عائلة مِن علية القوم في الفيوم، إلى نادل في أحد مطاعم إيطاليا التي سافر إليها لدراسة التمثيل، إلى مؤسس فرقة مسرحية في القاهرة على الطراز الأوروبي، وهي فرقة «رمسيس»، إلى الإفلاس ثم معاودة الصعود.
وتقول الكاتبة لوتس عبدالكريم، التي جمعتها بيوسف وهبي علاقة من الود كانت تدعوه على أثرها «بابا»: «لا أدري لمصلحة من يُهدر الإرث الفني العظيم ليوسف وهبي، والذي يصل إلى 300 مسرحية أخرج منها 185 وألَّف 60، لتنتهي الحال به معلقاً في أذهان الجمهور ببعض الأدوار الخفيفة في أفلامه، من دون أن يعلموا عن مسرحياته شيئاً».
على خلاف هدف عبدالكريم التي سبق أن أصدرت كتاباً عن يوسف وهبي، من منظور تأريخ وقائع حياته، كتبت راوية راشد عن هذا الفنان غزير العطاء من منظور بحثي، يهدف إلى كشف ما أراد أن يطمسه من حياته، وما لم يذكره عمداً في مذكراته. تقول «راشد» لـ»الحياة»: «درامية حياة يوسف بك وهبي، أثارت فضولي في المقام الأول للبحث في خبايا ذلك الفنان الذي استطاع أن يصنع من نفسه نموذجاً قائداً. كان زواجه من النبيلة عائشة فهمي، والتنافس بينه وبين المسرحي البارز زكي طليمات، وكواليس فرقته المسرحية، وحياته في الفيوم قبل سفره إلى إيطاليا، أكثر ما حرصت على كشفه في كتابي».
وتستبعد أن تكون لإهمال إرث يوسف وهبي المسرحي أبعاد سياسية، لا سيما أن فترة بزوغ نجمه امتدت حتى اندلاع ثورة 1952 التي ألغت الألقاب، ومنها لقب البكوية الذي كان يحمله. وتقول رواية راشد: «يوسف وهبي نفسه كان ثائراً على الأوضاع التي اندلعت الثورة لإصلاحها، حتى أنه ترك حياة الترف في كنف أبيه الإقطاعي، وسافر إلى إيطاليا سعياً وراء حلمه، ولم يعد إلى مصر إلا بعد وفاة والده. ومن ثم، فإن طمس تاريخه بتوجيهات سياسية أمرٌ مستبعد. ما حدث هو أن المسرح عموماً، ومسرح رمسيس بخاصة، تراجع مع ظهور التلفزيون».
كان لا يزال طفلاً في العاشرة من عمره، يرتفع بقامته القصيرة على سرير غرفته، إلى أن يمسك بقطعة القماش الحريرية التي توضع أعلى أعمدة السرير وتسمى «نموسية»، يضعها على رأسه، ويبدأ تقمص الشخصيات وتمثيلها. أشقاؤه كانوا جمهوره الأول. هكذا أرَّخ المهندس إسماعيل وهبة، أحد أفراد عائلة الفنان الراحل، لبداية عشقه لفن التشخيص (التمثيل).
وطفلاً أيضاً، كان الفنان مجدي صبحي حين شارك في إحدى مسرحيات يوسف وهبي، فعشق التمثيل من وقتها، وقرر أن يكمل حياته فيه. ويقول صبحي الذي حرص على حضور إحياء ذكرى أستاذه: «في منزلي، أضع صورتين كبيرتين لمعلمي الأول». فضل يوسف وهبي على المسرح المصري تحدث عنه الناقد عمرو دوارة، قائلاً: «قبل يوسف وهبي، كان هناك مسرح مصري يقوم عليه علي الكسار ونجيب الريحاني، إلا أن فرقة رمسيس التي أسَّسها وهبي عام 1921، كانت أول فرقة مسرحية متكاملة، أرست تقاليد المسرح من منع دخول المأكولات والمشروبات والمسليات خلال العروض وتخصيص أماكن للأسر، وصالات عرض للنساء».
على جدران «بيت السناري»، ذلك المبنى الأثري الذي يعود إلى عصر المماليك، عُلِّقَت صور تجمع بين يوسف وهبي وآخرين في كواليس أفلامه، وصور لملصقاتها الدعائية، وأكثر من صورة شخصية له في مراحل عمره المختلفة. وخُصص أحد الجدران لنُسَخ من الجوائز التي حصل عليها، ومنها «شهادة التقدير الذهبية» لرحلة فنية طويلة لفنان لا يعلم جمهوره عنه إلا القليل.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى