‘موسوعة السرد العربي’ من العصر الجاهلي حتى الآن

تتناول “موسوعة السرد العربي” للناقد العراقي د. عبدالله إبراهيم ظاهرة السرد العربي منذ العصر الجاهلي وحتى الآن.

وتأتي الموسوعة الصادرة عن مؤسسة محمد بن راشد الثقافية في نحو 4000 صفحة، وفي 9 مجلدات كبيرة استغرق العمل عليها أكثر ربع قرن، بدأ التخطيط لها في شتاء عام 1987، لكن العمل بدأ عليها كمشروع موسوعة متكاملة منذ عام 1994، واكتمل شكلها النهائي في عام 2015.

تقدم الموسوعة الضخمة تحليلا مفصلا لكل الظواهر السردية الكبرى، وتقف على الأنواع السردية الأساسية كالمقامات، والحكايات الخرافية، والسير الشعبية، وأدب الرحلة، والرواية الحديثة التي خصص لها أربعة اجزاء، فجاء التوزيع منسجما أربعة أجزاء للسرد القديم، وأربعة اجزاء للسرد الحديث، وجزء خاص بالفهارس الشاملة.

وتقوم الموسوعة على كتابة تاريخ نشأة كل نوع من الأنواع السردية الكبرى في الآداب العربية، وتعقب ذلك بتحليل شامل لأبنيته السردية والدلالية، ولهذا قامت الموسوعة على أكثر من ألف مصدر أساسي في الآداب العربية، الغالبية العظمى منها نصوص أدبية طويلة جرى تحليلها بتوسع.

ولإعطاء فكرة على سبيل المثال عن تلك النصوص الموسعة، نجد سيرة الأميرة ذات الهمة بـ70 جزءا، وسيرة عنترة بن شداد بـ55 جزءا، وسيرة سيف بن ذي يزن بـ17 جزءا، والسيرة الهلالية التي تفككت إلى ثلاث سير بثلاثة مجلدات كبيرة، فضلاً عن اكثر من 500 رواية صدرت منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى الآن.

وقدمت المجموعة تحليلا لمعظم أعمال كتاب معينين، مثل نجيب محفوظ، وأمين معلوف الذي يحضر هذه المناسبة لاختياره شخصية العام في جائزة الشيخ زايد للكتاب.

وتعد “موسوعة السرد العربي” خلاصة عمل طويل للناقد د. عبدالله ابراهيم في مجال السرديات، وخصصت بأجمعها لدراسة الظاهرة السردية باعتبارها ظاهرة ثقافية، وليس ظاهرة أدبية فقط.

ظاهرة قامت بتمثيل للخيال العربي منذ العصر الجاهلي إلى نهاية القرن العشرين، وهي إحدى الظواهر المهمة التي شهدتها الثقافة العربية، ولا تقل عن الظاهرة الشعرية، ولا عن الظاهرة الدينية.

وقد قال الناقد د.عبدالله إبراهيم عن الموسوعة في حوار مع موقع “قاب قوسين”: “خلاصة عملي في مجال السرديات ظهرت في موسوعة السرد العربي وهي كتاب كبير أخذ مني أكثر عشرين سنة، يتضمن دراسة الظاهرة السردية باعتبارها ظاهرة ثقافية، وليس ظاهرة أدبية فقط. أعني بذلك أنها ظاهرة قامت بتمثيل للخيال العربي منذ العصر الجاهلي إلى نهاية القرن العشرين، أي أن الظاهرة كما يبدو لي، هي إحدى الظواهر التي شهدتها الثقافة العربية، وهي لا تقل على الإطلاق لا عن الظاهرة الشعرية، ولا عن الظاهرة الدينية”.

وأضاف: “وقد قمت بتمثيل المخيال العربي في إنتاج صورة خاصة للذات وإنتاج صور الآخرين، وتتبعت هذه الظاهرة منذ العصر الجاهلي مروراً بالإسلام، وموقف الإسلام من السرد، ثم العصور الإسلامية الوسيطة كالعصر الأموي والعصر العباسي، وانتقلت إلى القرن التاسع عشر حيث اقترحت في الموسوعة تفسيراً ثالثاً لنشأة الظاهرة السردية الحديثة، وبخاصة نشأة الرواية العربية في محاولة لإعادة النظر بالتفسير الشائع الذي يقول إن الظاهرة الروائية إما أنها استعيرت من الغرب، أو أنها طورت عن المرويات السردية العربية”.

ويتابع “ثم انتقلت بالموسوعة إلى القرن العشرين وحللت نحو ثمانين رواية عربية من ضمن آلاف الروايات العربية التي ظهرت خلال العصر الحديث وكنت أريد أن استنبط القواعد الكبرى للسرد العربي الحديث من خلال هذه النماذج الثمانين هذه”.

ويقول “تتضمن هذه الموسوعة ما أعتقد أنه خلاصة جهد نقدي تحليلي يقوم على رؤية ثقافية للظاهرة السردية، وفيها أيضاً حاولت أن أبين كيف يتشكل النوع الأدبي ثم يستقيم ويهيمن ثم كيف يتحلل، ويتفكك، ويتلاشى، وينبثق نوع جديد في أعقاب النوع القديم، ومن الطبيعي وأنا أعالج هذه القضية أن أقف على هذه الظاهرة القرآنية وأبعادها وظروف ظهورها في القرن السابع، والصراعات التي خاضتها الظاهرة الدينية مع المرويات الجاهلية ومع المرويات الشعرية وموقف الإسلام من السرد، والإسرائيليات، والخرافات وموقف الإسلام من الخرافة، لأنني لم أكن أتقصد، ولا أقر، بعزل السرد عن السياق الثقافي الذي انبثق عنه.

والدكتور عبدالله إبراهيم ناقد وأستاذ جامعي من العراق متخصص في الدراسات السردية والثقافية، وله 15 كتابا وأكثر من 40 بحثا في كبريات المجلات العربية، وشارك في عشرات المؤتمرات والندوات والملتقيات النقدية والفكرية.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى