الموت يغيب الرسام السوري العالمي ” مروان قصاب باشي”

خاص ( الجسرة )

كان امينا لأسرار وجوه من طمي بردى اعادت لنا الدهشة!

 
كتب- حسين دعسة.
خاص ب ( الجسرة)
في صمت الهي ونوراني ، زف خبر وفاته الغياب الكبير لفنان افنى (82) عاما يتنقل بين برلين ودمشق .
ها هو يشهد على لحظة موته ، ننقل ذلك : الموت يغيب الرسام السوري العالمي ” مروان قصاب باشي” :
كان امينا لأسرار وجوه من طمي بردى اعادت لنا الدهشة!

على تلك الأرض ترك اولى الخرابيش، غنى وبكى دمشق عندما غادر “خرابيش من رمل وبقايا اقلام الفحم..وحتى طمى نهر بردى الذي لعب به كائنا يرانا ونترك تربته على حواف تلك الربى.
غاب “غابة الوجوه”..وصانع مجدها ، وجوهنا اولا..ووجوه كل سوري عربي مشى على ثرى تلك الحضارات..ومنذ ولد في العام 1934،الى ان شاهد برلين اول مره كانت مخيلته تتلون بالناس والنهر والحكايات…هو من رسم قلبه وابتسم فالعودة الى التراب حرك انامله.
..الموت يغيب الفنان الكبير ومعنا تتحرك لوحاته من مراسمها تحرضنا على النظر في عيون مروان قصاب باشي، ها هو اجالسه في هدوء “دارة الفنون” نرتقي درجات البيت الازرق ونعيد ترتيب اللوحات، نتذكر الصديق الراحل الانسان الذي اسس دارة الفنون..خالد شومان، يبتسم “مروان “وينادي على سهى الفنانه والانسانة التي فتحت قلب عمان ل “مروان” وفيها التقيناه وكنا في عمق اكاديميته الصيفية في الدارة..نرتب محاكاته ومماحكاته مع رواد الاكاديمية.
..كان ذلك الحدث قبل وفاته ب(12) عاما..وكان قلقا ويحاورني عن كيف يجب ان نترك الاثر في عين الفنان الشاب.
..وكان دائم الابتسام! .
وما كان غيابه يوم امس في “برلين” الإ محطة كتب عنها كل الوجوه التي عبرت نظرته ، منذ ولادته(1934)..والى وفاته عن (82) عاما ، فيها من الالوان ما يحيي المتاحف والجاليهات وعيون الناس التي تتوه في اعماله الجدارية وحتى تلك “الجرافيك” الصغيرة !
..هكذا كانت نهايته ودمشق تبلل احزانها وتعلى راية قدراتها على ديمومة الابداع والحضارة ، وهنا كان مروان قصاب باشى صاحب اول رحلة سورية- عربية نحو المانيا وفيها استقر منذ العام( 1957) ، واعلن بداية رحلة الحياة و الفن مثلما وصف ذلك الروائي الراحل عبد الرحمن منيف، وهي رحلة تعج بالعمل والتضحية والحوار الوطني والقومي،من اجل سوريا ومن اجل ما قال عنهم:”اطفال فلسطين”، وخلال صدقاته وروحانياته وسفره المكوكي بين برلين ودمشق وعمان ، رصد مروان قصّاب باشي، ما غاب لآجله..رصد الانسان وصقل الروح والنفس عبر تجليات كثيرة حد التعب،فكانت وجوهه القديمة والشاحبة، اناس كأنهم الصدى والصدأ.
وفي رحلتي مع “مروان” ابان وجوده في عمان خلال معارضه في دارة الفنون ودارة خالد شومان منذ ما قبل العام 2009..والى تأسيسه اكاديمية الدارة الصيفية كنا نتحاور معا عن أعماله “مروان قصّاب باشي” التي كان يتذكرها وهي تعود الى فترة مبكرة من حياته حأُنجزت بين أوائل الستينيات ونهاية السبعينيات- ثم اعقبها بآخرى تعود الى ما بعد منتصف الثمانينات والى وفاته.
..والناظر الى “قلب” مروان يراه!.
=رأيت قلبه بين يدي منيف
رأيت قلبه بين يدي الراحل عبد الرحمن منيف(…) ووقتها كان يشهد الموقف الكاتب الروائي الشلعر ابراهيم نصرالله ..وفي لحظة افاق “باشي” ومسح دمعات “منيف” الذي كان يقول انني من عمان يا مروان اكون اكثر قربا الى القدس!.
..ونحن في مشارف “الدارة” غاب “مروانط وسحب منيف وماهر كيالي- الذي التحق حاملا اجزاء “ارض السواد” طبعة الدارة، وبكوا جميعا على حافة تشرف على غرفة تعج باللوحات المطبوعة ل مروان ،الذي كان تعرّف على الراحل عبد الرحمن منيف في خمسينيات عاصمة العرب دمشق في تلك الممرات التي تقربنا من الوان الحياة والحب واطلاله قاسيون.
، ولكنهما لم يصبحا مقربين الا بعد سنوات رسم وجوهها الغائبة مروان ما جعل “منيف” يرمم قلبه المتعب ببقايا من الزان تركها مروان على “باليتهط قديمة من صنوبر بردى.
وعرفني مروان بأن علاقتهما وضعها منيف في كتاب بعنوان “رحلة الحياة والفن” (1997)، عن حول مسيرة اللون والآلم في اعمال مروان.
..وما زلت ارى ظلال الطريق بين مشغل “الجرافيك” واستراحة مروان في يقايا كنيسة بروستنطية تقع ضمن الدارة ..ما جعل مروان يبكي كلما تذكر صاحب” ارض السواد ” ..وهذا وبعد وفاة منيف في عام 2004، أعيد طبع العديد من كتبه ومخطوطاته ورسائلة مع مروان بما فيها تلك التي تذكر أعمال مروان، من بينها “مدن الملح”، “حين تركنا الجسر”، “شرق المتوسط”، “أم النذور”، “ذاكرة للمستقبل” و”رحلة ضوء”. اما “أدب الصداقة”، وهو احد كتب منيف المنشورة حديثا، فهو يتضمن رسائل غير منشورة سابقا تبادلها منيف مع مروان على مر السنين، وتشهد على متانة الصداقة والتفاعل المستمر بينهما على الرغم من المسافة الجغرافية التي كانت تفصلهما.
= عزة منيف تراقب رحلة اللون والصداقة
قالت عزة منيف وهي تراقب ما ترك من بقايا مخطوطات نادرة في رحلة اللون والصداقة بين منيف ومروان: «منيف لا يزال بيننا، وهذه العلاقة التي جمعته بمروان لا تزال مستمرة لكونها علاقة استثنائية، وهي رغبة بأن تستمر رسالتهما حتى برحيل منيف، والدي لا يزال يرافقني. إنني أرى هذا المعرض استمراراً لهذا الحضور. إن هذه الصداقة بين مروان ومنيف ليس لها حدود وقد تجاوزت البعد الزمني، فمروان لم يتأخر على صديقه أبداً، وعلى الرغم من مرضه فقد حضر مروان من ألمانيا ليلتقي صديقه بهذا المعرض».
اين تقع برلين؟
يمتلك مروان الكثير من الصداقة ويخاف من بؤس واقعنا ويرتقي بطلابه واهل بلده وانا اسمعه يداعب الفنان الغزي الذي اراد ان يداعب ذاكرة مروان وقال له في افتتاح الاكاديمية الصيفية:
-اين تقع برلين؟.
فكان رد الراحل العظيم:
– في غزة!
..وهنا نعيد القراءات النقدية التي كان “مروان” لا يلتفت اليها ، بل يرى انها ،مجرد فرص لإقتناص الرؤى الجمالية ،لهذا عاش مروان في برلين منذ عام 1957، وشاهد بنفسه كيف تعافت ألمانيا آنذاك من دمارالحروب والتحالفات الاوروبية -خلال الحرب العالمية الثانية – و شهد كيف توّحدت المانيا قبل ٢٥ عاما لتصبح واحدة من أكثر الدول ازدهارا في العالم.
لم تكن برلين هجرته او مستقره،او ما كان يصدمه من صفات انها: ” الوطن الثاني ” ، كان يقول لي:
-برلين وبراغ وباريس ولندن ، مجرد مدن جميلة ..ولكن ذكرياتي ووجوهي الغائبة تقع حول بردى وجبل قاسيون.
الذي جعل مروان يختار ما اختاره ، وصولا الى خيمة تضلل رحلته ليقّدم حكاية أمل لبلده الاصلي، كما يمكن ان نقول.
وبالفعل اثبتت التجربة انه وعلى الرغم من أن مروان قضى معظم حياته في المانيا ومدن أوروبية كثيرة فان علاقته مع البلاد العربية ولفلسطين استمرّت من خلال عالمه ولوحاته وصداقاته مع المثقفين والفنانين .
وكان الراحل “باشي” دائم القلق على مصير لوحته..فأعمالٌه نادره وكان حريصا على كمونها لان عمره وتعب القلب لهما الاثر على الاثر..وحياته تصوّر تطوّر تجربة الفنّان، وانتقاله التدريجيّ من الواقعية، إلى التجريدية والسوريالية.

أعماله الجدارية الزيتية غريبة الحجم في شكلها النهائي، وأخرى هي أقرب ما تكون إلى سكيتشات منفذّة على الورق. إذاً، ثمّة مجموعتان، يُمكن من خلالهما الاطّلاع بشكل أوضح على تحوّلات تجربة باشي، وأسلوبيّته في بناء أعماله واقتراح شخصيّاتها.

ركز “باشي” في اعماله منذ منتصف الستينات على الوجه؛ هو ابيض واسود الذاكرة كما كان يرشدني عندما اكتب.
وهو ملهم حيث تمنح العينُ الملامحَ هويّتها. عين لا تكفّ عن التحديق، إلى درجة نظن معها أن الشخصية على وشك أن تقول شيئاً ، او نرى اهتماماً واضحاً من باشي بأجساد شخوصه وليس وجوهها فقط. أجساد غالباً ما تبدو مسترخية وغير مبالية، تترك الوجه ليعطي تعبيره ويعرّف بنفسه. إلّا أنّ هذا الاهتمام بالجسد تقلّص تدريجيّاً، ليصبح الوجه هو المركز؛ وجوه مشوّهة غالباً، لا يخفى على مُشاهدها أنها ساخرة وكاريكاتورية، وشاحبة أيضاً.

وكا يرسم كل من احبهم : في معرضله عرض عملا يعود إلى عام 1965، بورتريه للسياسي السوري منيف الرزاز، أحد أبرز قيادات حزب البعث العراقي في تلك الفترة ، اللوحة لوجه “الرزاز” يتأرجح بين القلق والسخرية، كما أنّه لم ينجُ من اللطخات التشويهية التي يضفيها باشي على أعماله.
قيل ان ” باشي” تنبّأ بما آل إليه الرزاز؛ إذ اتُهم، عام 1979، بالتآمر على صدّام حسين، وبقي مسجوناً حتى وفاته عام 1986.

من مذكرات مروان

“عندما قمت بتنفيذ هذه المجموعة كنت قد وصلت للتو الى المانيا، في الستينيات، وكنت اعمل حينها في مدبغة” يقول مروان، الذي يبلغ من العمر ثمانين عاما، وفي يده سيجارة، قبل ان يضيف: “كنت اعمل طوال اليوم ثم ارسم طوال الليل.”

تكلّم مروان مطوّلا عن كم كانت الحياة بائسة في تلك الايام، وكيف كانت اعماله تباع بأقل بكثير من قيمتها. في حينه، كان الناس يستغلون ثقته، فمنهم من لم يدفع قطّ ثمن ما كانوا قد اشتروه من اعماله، فيما لم يعد آخرون الاعمال التي كان قد سمح لهم باستعارتها.

جلست على الارض امام عملين من اعمال مروان. الاول هو “سيلبس-بيلدنس” (رسم-ذاتي باللغة الالمانية) وهو يعود لعام 1964. سيزين هذا العمل فيما بعد غلاف كتالوج لمعرضه في متحف سيرّالفس للفن المعاصر في البرتغال. اما العمل الثاني، فهو رسم لمنيف الرزاز من العام ١٩٦٥، ومنيف هو امين عام سابق لحزب البعث السوري، ويظهر في اللوحة وهو يغطي أذنه بيده اليمنى. كلا الرسمين – وهما بالمناسبة من ايّامه في العمل بالمدبغة ايضا – كانا رائعين بما يفوق الوصف، لدرجة انني تهت فيهما، ولم انتبه كم من الوقت امضيت بتأملهما حتى سمعت مروان ينادي علي ويسأل اين كنت! عندما وقفت قال لي مروان:”لقد احتفظت بهما لعقود ورفضت التخلي عنهما”.

لقد حرصت على مدى السنوات القليلة الماضية على رؤية أكبر عدد ممكن من أعمال مروان. سافرت إلى عمّان لرؤية “الواقف” (1970) في دارة الفنون، حيث قام مروان بالتدريس في حلقات صيفية لعدة اعوام. كما رأيت عمل لمروان من السبعينيات ينتمي لمدرسة “التشخيصية الجديدة” في الفن في متحف بيرلينيشه غاليري، الذي قام بجمع أكثر من مئتين من أعمال مروان.

عدد قليل جدا من الفنانين الذين هم على قيد الحياة يمكنهم القول بأنهم من ضمن الافضل في جيلهم. لكن مروان كان يمكنه قولها بكل ثقة وجدارة في عام ١٩٩٤، عندما اصبح أول عضو عربي في اكاديمية الفنون المرموقة في المانيا.
عندما سئل عن صداقته مع منيف، أجاب مروان، “كنا نبقى مستيقظين طوال الليل ونتحدث لساعات طويلة.”
في ظلال الصدمة
صدمة و حزن شديد للخبر المفاجئ لوفاة أحد عمالقة الفن السوري العربي الحديث الفنان المتواضع, الجميل, الحصيف, المثقف الذي ينتمي إلى جيل فريد ربط يين التميز الفني والإنفتاح على العالم مع العطاء لثقافته العربية.
وقالت لي الباحثة في علم الجمال ومديرة مركز خليل السكاكيني في رام الله:
صديق لفلسطين (هدية أعماله الثمينة لمركز خليل السكاكيني و جامعة بيرزيت) و صديق للفنانين الشباب من خلال تطوعه لإدارة الأكادمية الصيفية بمؤسسة دارة الفنون. صديق و مدرسة بحد ذاته للعديد من أبرز فناني غزة. فنان و إنسان لن يكرر, كان لي الشرف و سعادة التعرف عليه عن قرب و التعامل معه لسنوات عند الترتيب للأكاديمية, لهبته التي كانت قبل كل شيئ موجهة “إلى أطفال فلسطين” و من خلال معرضه الشامل في السكاكيني و بيرزيت.
انه فنان دمشقي سوري عربي ألماني إنتمى إلى مدرسة التعبيرية الجديدة الألمانية, بدأمشواره في ألمانيا طالبا للفن وعاملا ليلي بمصنع لدباغة الجلود, حضي بإعتراف المؤسسات الفنية الأوروبية و العالمية كما سوق الفن العربي في السنوات ال 15 الأخيرة.

..وكما عهند سروان باران – ايضا- سنفتقدك كثيرا أيها الفنان والمعلم الكبير ، كنت بمثابة الأب المايسترو ، لن ننسى ايامنا معكً، ارقد بسلام فما تركته من اثر لن ينسى الى الابد( الكبير مروان قصاب باشي)

 

الكتاب والصديق

..شهد “منيف” حكايات كثيرة من اللون والآلم خطها بعنف الراحل مروان عندما انجز معرضه مستذكرا حياته وصداقته مع الراحل خالد شومان..كل ذلك انتبه له منيف.
وكان صدر – في بيروت وعمان- مؤخرا ضمن مشروع النشر المشترك بين المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ودار التنوير كتاب “في أدب الصداقة- عبد الرحمن منيف ومروان قصاب باشي”.
يضم الكتاب، الذي كتب مقدمته أستاذ الجامعة اللبنانية د. فواز طرابلسي ملحق رسائل بريشة ورسم الفنان السوري مروان قصاب باشي وهي أكثر من “30” رسالة.
طرابلسي أكد أن الرسائل تشكل شهادات نادرة عن عملية الإنتاج الأدبي والفني والعلاقة بينهما، موضحا أن تلك المراسلات هي قصة صداقة سابقة على بدء التراسل، وصداقة تجلت وتطورت أثناءها ومن خلالها.
ونوه إلى أن الأدب في الكتاب “كنية عن رقي في المشاعر والسلوك هذبها سعي مشترك نحو الحقيقة والجمال”، مبينا أنَّ القصة تبدأ بروائي يفقد ثقته بالكلمة، فيتمنى لو أنه يرسم. بل هو يحاول في الرسم. من جهته، فنان مغترب، لم يعد يكتف بلغة الخط واللون والكتلة، يريد “البوح”، حسب تعبيره المفضل، “البوح بالكلمات”.
ورأى الطرابلسي أن الصديقين يتقاطعان عند هم كبير “فنان يبحث عن طرق تعبير بالكلمات”، و”روائي “مهووس بالفن يجرب في طاقة الكلمات على تعبير عن الخط واللون والكتلة”.
ويشير الطرابلسي إلى أن “مروان لا يستطيع أن يكتب عندما يرسم. ومنيف لن يستطيع الجمع بين الرواية والرسم. ولسان حاله: لو لم أكتب لرسمت”.
ويشير الطرابلسي إلى التواطؤ بين الروائي والفنان على العودة إلى “الأول” فيما يشبه قدسية وثنية، منوها إلى أنه قال الأول وليس الأصل. وأوضح بقوله “منيف يريد غسل”الكلمات، ومروان من جهته، يبحث عن براءة اللون الأول، المادة الأولى للحياة، من تقنيات الغسل لدى منيف واستعادة دور العامية والأمثال الشعبية التي أبدع بنقلها في روايتي مدن الملح، وأرض السواد، ومن تقنيات الغسل عند مروان استلهامه فن التصوير الشعبي من الواسطي البغدادي العباسي إلى ابو صبحي التيناوي الدمشقي المعاصر”.
يذكر أن باشي ولد في العام 1934 في دمشق، وبدأ ممارسة التصوير الزيتي منذ صباه المبكر، وفي”1947 – 1948″. درس الآداب في جامعة دمشق من العام 1955 إلى العام 1957، وسافر في العام 1957 لينتظم في دراسة أكاديمية للفن في كلية برلين العليا للفنون الجميلة.
يعمل باشي حاليا أستاذا دائما للرسم في كلية برلين العليا للفنون الجميلة “التي سبق له أن تعلم فيها” منذ العام 1980، وفي العام 1993، اختير عضوا في المجمع الفني البرليني، ويقيم الفنان في العاصمة الألمانية برلين، متفرغا للتصوير والحفر.
واشترك باشي مع منيف في اصدار كتاب بعنوان “رحلة الحياة والفن” وكتب منيف نصوص الكتاب التي تقدم باشي الفنان، كما صدر له كتاب بعنوان “رسالة إلى صديق”، وهو كتاب بخط اليد مع رسوم مائية، يعبر فيه باشي عن رؤيته للفن والحياة، كما نشر له معهد غوته كتابا بعنوان “من مروان إلى اطفال فلسطين” وهو عبارة عن لوحات غرافيك قدمها الفنان لأطفال فلسطين.
يعد منيف (29 مايو 1933 – 24 يناير 2004) أحد أهم الروائيين العرب في القرن العشرين، وله من المؤلفات الروائية:”الأشجار واغتيال مرزوق، قصة حب مجوسية، شرق المتوسط، النهايات، حين تركنا الجسر، سباق المسافات الطويلة، عالم بلا خرائط بالاشتراك مع جبرا إبراهيم جبرا، مدن الملح خماسية، التيه، الأخدود، تقاسيم الليل والنهار، المنبت، بادية الظلمات، الآن..هنا (أو شرق المتوسط مرة أخرى)، أرض السواد ثلاثية، أم النذور”.

وبرغم وفاة “مروان” فالكتاب يعيد احياء روحهما:
لم تكتب هذه الرسائل بقصد النشر أصلاً، كما هو حال بعض المراسلات الأدبية الشهيرة عندنا، تقرر نشرها بعد وفاة عبد الرحمن بمبادرة من سعاد قوادري منيف ومروان، ولا شك عندي بأن عبد الرحمن كان سيوافق لو سئل، فهذه المراسلات قصة صداقة، صداقة سابقة على بدء التراسل. إلى الصداقة، تشكل هذه الرسائل شهادات نادرة عن عملية الإنتاج الأدبي والفني والعلاقة بينهما، يصمت الصديقان وتنقطع المراسلة بينما لأشهر إبان غزو الاميركي للعراق، يكسر عبد الرحمن الصمت شارحاً السبب: الحزن والإحباط، يعتصم عبد الرحمن بالحكمة الشعبية “إذا ما خربتْ ما بتعمر”، ويستقوي مروان بقول سعد الله ونوس “لقد حكم علينا بالأمل”. مشهد ختامي: مروان في مرسه الجديد ينتظر النور تنقشع عنه غيوم ألمانيا العنيدة: “المهم هو النور” يقول… ربيع 2011.. جاءنا النور… نفّذ محمد بو عزيزي وصية ناظم حكمت: “إن لم أحترق أنا/ وإن لم تحترق أنت/ وإن لم نحترق جميعاً، كيف للظلمات أن تصير ضياء؟”… رؤيا: ختم عبد الرحمن كتابه عن الباهي محمد مستشهداً بهذا النص الرؤيوي لصديقه، صديقنا المشترك: “يأتي الطوفان فيصير كل شيء ممكناً وتحذف كلمة مستحيل من القاموس، نوحٌ جديد يطيح الإتكالية البليدة السائدة، رجل وإمرأة تحدوهما الرغبة بالحب والإنجاب والعمل. يعمّران الدنيا الجديدة حسب ذوقهما ويملآن الأرض عدلاً بعد أن ملأها الناس جوراً… أين أنت أيها الطوفان العظيم”..هنا ينهي طرابلسي تدخله .
نور مختلف لباريس مروان

كتب عبد الرحمن …..كان أول ما فاجىء مروان في إقامته الجديدة، في باريس – النور- خاصة بعد أن غرق في شحوب النور البرليني الكامد طوال سنوات متعاقبة، الامر الذي جعله يستعيد من جديد حيوية المتوسط وألقه من ناحية، وان يتمعن طويلا،وأكثر من قبل، بأعمال الانطباعيين الفرنسيين، خاصة مونيه ويدرك لماذا نشأت الانطباعية في هذا البلد، لا في غيره

من البلدان الأوروبية، وان يستخلص في النتيجة روح هذه المدرسة بأساليبها المتعددة من ناحية ثانية

يقول مروان وهو يستعيد تلك الفترة –لا يمكن فهم تجربة الانطباعيين الفرنسيين الا اعتمادا على الضوء، ضوء باريس وضوء المناطق الفرنسية الأخرى .ليس ذلك فقط، بل ان انطباعية

باريس تختلف عن انطباعية بحر الشمال، عن انطباعية جنوب فرنسا على ضفاف المتوسط، حتى أن الفنان الانطباعي نفسه تتغير ألوانه تبعا لكمية الضوء التي يقع تحت ثقلها.

يكتب مروان للفنان نذير نبعة، بعد الشهور الستة التي قضاها في باريس : لقد لاحظت فرق الضوء بين باريس وبرلين، كما لاحظت أن تغيرا أو منعطفا قد دخل الى أعمالي خلال نصف العام الماضي

تتغير علاقتي بالألوان مع الزمن

إن الألوان، دلالاتها وتغيراتها، عالم شاسع، كما تحتمل تفسيرات كثيرة . ورغم أهمية هذا الجانب لفهم الفنان، المصور، وتطوره إلا أن اللجوء الى الوسائل البسيطة والمباشرة، أو الخضوع لاغراءات علم النفس في التفسير، يمكن أن يؤدي، أحدهما أو كلاهما، الى فهم خاطيء أو ناقص،والى رؤية حالة أو مظهر جزئي في تطور هذا الفنان .

لنستمع الى مروان كيف عانى هذه التجربة،وكيف وصل الى ألوانه الخاصة يقول مراوان ::: تتغير علاقتي بالألوان مع الزمن، واستطيع أن أتحدث عن هذا بعد تجربة طويلة، والتغير يأتي عضويا، وهكذا يصنع الفنان لنفسه (باليتة ) أي مجموعة خاصة من الألوان، وهذه لا تأتي من المصنع مباشرة أو من الكيمياء،انها تأتي من الأصابع من القلب، ثم من عملية اكتشاف مستمرة، ولا تخلو من عنصر المغامرة

مروان وصل اذن الى ألوانه نتيجة المعرفة والتجربة والحدس، وهذه الألوان لا تتغير تبعا للموضوع فقط، بل وتنفير أيضا بتأثير عوامل داخلية وخارجية، بما فيها التقدم بالعمر

كما أن قراءة اللون – أي لون – تختلف حسب معرفة المشاهد وثقا فته وحالته النفسية، وفي حالات كثيرة تختلف الدلالات وتتغاير تبعا للسياق، أو زاوية الرؤية . حول ذلك يوضح مروان المراحل والدلالات بأن يقول :::: يوجد تأثير خارجي له علاقة بمتغيرات زمنية أو نفسية، وهذا لا يأتي بشكل حد فاصل، كنتيجة لعملية حسابية وانما يكتشف مع الوقت, إن الإصرار على لون معين، ونوعية ذلك اللون، يقدمان شيئا من المسيرة الذاتية للفنان.

وعن تأثير الرحلة الفرنسية عليه، وما تركت من تغير على ألوانه بشكل خاص يجيب مروان ::: لقد كان عام 1973 ذو تأثير كبير، اذ شكل منعطفا في تجربتي الفنية وفي تجربة اللون والضوء تحديدا، اذ لا توجد مدينة في العالم تشبه باريس وضواحيها بما يتعلق بالضوء.

الشمس تأتى من السواد و الأحمر يحطم اللوحة

وحين يسأل مروان عن اللون الأسود يجيب::: لم يكن للون الأسود معنى خاص بالنسبة لي، وغالبا ما كان بعيدا عن لوحاتي في المرحلتين الأولى والثانية صحيح ان للأسود معنى شعريا، وله صلة بالحزن والليل، أما تصعيده في وقت لاحق، في الأعمال التالية، فقد أخذ معنى جديدا. لقد حاولت في السنوات الأخيرة ان أصنع لوحات تمنيت أن تكون سوداء، وربما كان الدافع لهذا الاكتشاف اني كنت في أصيلة المغربية، وكانت شوارع المدينة بيضاء، وجدران بيوتها مطلية بالكلس الأبيض، ثم كان الضوء الهائل الموجود في المغرب .. قلت لنفسي : في هذا المكان لا يستطيع الانسان أن يرسم الا بالأسود ويكون للأسود هنا معناه الخاص والمختلف تحت هذا الضوء الهائل الذي ينبع من كل مكان، والذي يتساقط من الشمس الافريقية على أصيلة، وعلى معظم سواحل المتوسط، يصبح للون الأسود معنى ودلالات مغايرة للأمكنة الأخرى، وحول ذلك يقول مروان : أدلا يوجد فرق فني بين الأسود ونور الشمس، لأن الأسود يأتي من الشمس، والشمس تأتي من السواد، وبهذا تتغير الصفات وتغير المفاهيم، فتبعث بالشمس السواد، ويرسل السواد شمسا.

أما عن الألوان الأخرى، بما فيها اللون الأحمر، بتعدده، ورغم ما فيه من اغراء بالنسبة للفنان، وقوة جذب للمشاهد، فان مروان يجانبه الا فيما ندر. وحين يسأل عن الأحمر يقول ::: الأحمر فخ، تضعه على الباليت يضيء، تضعه على اللوحة غالبا ما يحطمها، خاصة عندي

وحين يشار الى بعض اللوحات، وما فيها من حمرة

يجيب ::: لا استعمل الأحمر الا قليلا. استعملته في الماريونيت (الدمية ) كنت اتلاعب به وألعب معه وكان يعبر عن عاطفتي.

مرسمه فى برلين يلعب فيه الحمار

لأن اللون هو ضوء معنى ما، فان ضوء باريس الذي أدهش مروان، وذكره كثيرا بدمشق، بالشرق جعله ببحث بالحاح عن مرسم ملي ء بالضوء في برلين . لنقرأ ما يقوله عن فلسفة اللون، وهو يبحث من المرسم الذي يريده الضوء في المرسم، أو المنطقة التي يرسم فيها العمل، له تأثير كبير، ولكن الفرح، مهما كان مصدره، يأتي أصلا من عملية الخلق، ولو كان ظاهر اللون حزينا وفي محاولة للقبض على كم اضافي من النور، بعد أن هجم الخريف بأيامه القصيرة على برلين، يواصل مروان البحث عن المرسم – الحلم، والذي يحدد مواصفاته كما يلي ::: سأحاول استئجار مرسم في الأيام القادمة . أريده أن يكون كبيرا واسعا بحيث يلعب فيه الحمار (على وزن الخيال ) هناك مكان معروض سأراه في مطلع الأسبوع القادم.

ويمر الخريف كله وبعده الشتاء وفي منتصف الربيع يجد مروان المرسم الذي يبحث عنه . كان كبيرا، واسعا، مضينا واليه سوف ينقل الطبيعة بعد أن تعذر عليه الخروج الى الطبيعة . وعن مرسمه يقول ::: صار واضحا لي مدى أهمية اتساع المرسم من أجل الرؤية الصحيحة، خاصة اذا كانت اللوحة كبيرة . والأمر ذاته ينطبق أيضا على اللوحة الصغيرة، حيث يندمج حس التفاصيل والتقنية الى جانب الشكل والقوة والصواب، ولرؤية العمل من قريب ومن بعيد.

و كأمنية لأى فنان تعلق مروان بمرسمه، وشعر أثناء وجوده فيه بالالفة والقوة وأخذ يقيم علاقة خاصة بالطبيعة التي تحيط بالمرسم أو ترى منه، وبالتالي تعمقت رؤيته للموجودات حوله، مهما كانت صغيرة ويومية.

تقول شلبية ابراهيم، الفنانة القطرية الرائعة، انها لم تستطع أن تبقى وحيدة مع أحدى لوحات مروان . كانت اللوحة تتحرك، تتغير يغادرها كل ما فيها من بشر وأشياء وروائح، الأمر الذي جعلها تدير للوحة ظهرها، ثم اضطرت لمغادرة الغرفة.

و رغم إنها كانت تتحدث عن إحدى لوحات الطبيعة الصامتة إلا إننى أظن إنه الحال مع كل لوحات مروان.

وصلت وجوه مروان الى حالة من العذاب والتفتت، الأمر الذي جعله يوقف هذه المرحلة ويبحث عن آفاق جديدة . كانت البداية للطبيعة الصامتة، والتي تخللتها الدمية، ثم أصبحت الدمية وحدها موضوعا لعمله لبضع سنين

و لموضوع الدمية و الطبيعة الصامتة لنا وقفة طويلة أخرى.

فاذا عرفنا ان طريقة مروان في التقدم نحو هدف تعتمد أسلوبا غير مباشر، حلزونيا أو لولبيا، بحيث يتحقق الصعود بهدوء وبعض الأحيان دون أن يحس به، فان الحلقات المترابطة التي تجمع البدايات مع المراحل اللاحقة، تتضح في الماريونيت أكثر مما تتضح في مراحل أخرى.

على حافة الوجع

غياب مروان قصاب باشى ،نذير على واقع غيبنا كثبر الموت والرجوع الى الارض السواد، واقعنا العربى ،مع وجع الشعوب وظلم الطغاة -كما تصف ذلك وجوة مرون ،وهي وجوة افرزتها مظالم العالم فى فلسطين وفتنام وانا اقول انها وجوة مروان التى افرزتها مشاعر الظلم والوجع السوري مبكرا هاجرت معه من وطنة الى المانيا فى حقائب الوجع عام 1957هاجرت من وطن سكنة الظلم مبكرا لتعيش بجوار كلمات صديقة ورفيق ضربة الروائى الشهير عبدلرحمن منيف الذى رخ لتجربة مروان .
فى وجوة مروان وجع لايوصف وتعبير عن الم لم يكتب بالعين المجردة
شخوص سحلتها ارصفة الطغاه .والتحفت البرد لستر عورة الحر الكاذب
المطالع الان لمساة الشعب السورى لظلم انظمة دولية وتعاونها جميعا على تدميرة كما حدث فى محافظة ادلب والقارى المبكر للوحات مروان قصاب باشى سوف يدرك انه ليس امام فنان مصور فقط انما امام فنان مثقف قارى مبكرا مايدور حولنا الان .
.فنان يغرف من وعاء فجر الطفولة خبيز يوم الشيخوخة …

يرصد بشكل طليعى ما عاشة فى طفولته من وجع والم لكن المدهش ان الطليعة فى اعمالة اعادة انتاج ماقبلها هنا تكون امتزجت طلعية مستقبل الحزين بطفولة قادمة من على مراسى الموت واكفان الشهداء
وجوة مروان رغم الوجع حية فالعيون تبنض تتكلم تتألم تتهمنا بالصمت والشهادة على الظلم ونحن نخاف منها نرتبك امامها .
لكنها هى وجوة اهلة التى دخلت متاحف العالم اروخ لها عبدالرحمن منيف وكبار النقاد وجوة تحولت من رموز لى مدرسة فنية عريقة فلمروان مقلدين ونساخين وتلاميذ وافياء
لقد نجح الفنان السيد فى تعاليم وتسريب الالم الى المبدعين فى العالم والعالم العربى خاصة . فاصبح رائد فضاء التعبرية العربية
من موقعة فى برلين لتى هاجر لها فى منتصف خمسينات القرن المنصرم بعد ان حقق ذاته وجزء من احلامه فى الشام مبكرا حصل على جائزة
جائزة كارل هوفر للرسم عام 1966
وحظى على مكانه لائقه بين فنانى وجمهور برلين
فى اعمال مروان وجعا لايوصف نعم..
لكنه هو الذى حول الابداع من فراغ للمتعة البصرية الى واقع تعبيرى يمتزج فيه الفرح بالالم فى واقع حقيقى موجع..
ضربات فرشاة ترقص بخفة ورشاقة لكنها ترسم اجساد ثقيلة لاترقص ولاتغنى .عكس نغمات الفرشاة تثير تحول اللحن المرح الى غناء جنازى
فى قداس كنسية الزمن المر

الفن فعل ورد فعل اخلاقى الفن الصادق الصادم الذى ينتصر للدهشة ويسلب وجدانك للتعاطف تجاة رياح الاسئلة..هكذا تفسر اعمال مروان قصاب اشهر الفنانين العرب فى المهجر العالمى . وليس مجرد فن تزينى ينتهى دورة بفعل اكمال الديكور
فى منزل عجوز ثرى
مروان قصاب انتصر لقضية الفن الذى ينتصر بدورة للانسان الذى يحي بوجع وعطب الطغاة لكنة يقاوم من اجل حياة اخرى فى بعث مابعد الموت بطريقة الفراعنه القدماء
مروان
مواليد دمشق 1934
تخرج من المعهد العالي للفنون الجميلة في برلين / قسم التصوير عام 1963
درس التصوير في المعهد العالي للفنون الجميلة في برلين علي يد الأستاذ هانز ترير.
أستاذ دائم للرسم في المعهد العالي للفنون الجميلة في برلين منذ عام 1977.
اختير عضواً في المجمع الفني البرليني عام 1993.
ومتفرغ للرسم في برلين
أعماله مقتناة من قبل ، المتحف الوطني ببرلين، صالة برلين، قاعة المعارض بريمن، مجموعة الغرافيك كوبورغ، مجموعة اللوحات لمنطقة بافاريا، ميونيخ، متحف هانوفر، ا لمجموعة الوطنية لأعمال الغرافيك، ميونيخ، متحف مدينة فرلفسبرغ، معهد بيتسبورغ، المكتبة الوطنية بباريس، متحف Seita بباريس، قاعة المعارض في مانهايم، المجموعة الفنية لجمهورية ألمانيا، بون، متحف معهد العالم العربي، باريس، متحف تاريخ الفن والثقافة في منطقة الهانزا، لوبيك.
اقام العديد من المعارض الفردية
حصل على العديد من الجوائز منها:
الجائزة الأولى في النحت في معرض الربيع – دمشق عام 1955.
جائزة كارل هوفر – برلين عام 1966.
جائزة مدينة الفنون – باريس عام 1973.=كتاب “من مروان إلى أطفال فلسطين” الذي ضم توثيقا لمجموعة الأعمال التي أهداها الفنان لجامعة بيرزيت الفلسطينية ومركز خليل السكاكيني الثقافي برام الله، ونشر الكتاب “معهد غوته” عام 1998.
صدر في دمشق مجلد كبير مصور عن أعمال مروان بنص للروائي عبد الرحمن منيف بعنوان مروان قصاب باشي – رحلة الحياة و الفن 1996
أصدرت السيدة منى أتاسي كتابا عن تجرتبه يتضمن عددا كبيرا من لوحاته

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى