السينما «الإيبيرو ـ أميركية» تحط في بيروت.. جغرافيا المبادئ والحرية

علي زراقط

تستمر بيروت، وبخاصة «صالة ميتروبوليس» باستضافة السينما العالمية، من خلال مهرجان السينما «الإيبيرو ـ أميركية» الذي انطلق ليل الجمعة 28 تشرين الأول. تجتمع على مدى أسبوع أفلام من الدول الناطقة بالأسبانية والبرتغالية لتعريفنا على «سينمات» مختلفة تحمل حساسية الأفلام الإجتماعية القادمة من أميركا اللاتينية والبرتغال وأسبانيا. بعض هذه الأفلام حديث وبعضها قديم نسبياً، وتتنوع بين الكوميديا، الدراما، والوثائقي، في تجميع لا يحمل تيمة محددة بل ينحى ليكون نوع من البانوراما الساعية للتعريف بسينما هذه الشعوب والبلدان، وتقريبها للجمهور اللبناني المحب للسينما.

ثلاثة أفلام تحمل الطابع الكوميدي الاجتماعي، في «عطلة عائلية» فيلم الافتتاح التشيلي للمخرج ريكاردو كاراسكو، تحبس العائلة نفسها في منزلها مدّعين أمام الجيران أنهم في رحلة عائلية إلى البرازيل فيمضوا أيامهم في محاولة كتفادي عيون الجار الفضولي الذي يراقب منزلهم على مدار الساعة. العائلة التي انقلبت فيها الأيام إلى الافلاس بعد سنين من الحياة البرجوازية، ما زالت تصر على الحفاظ على شكلها الاجتماعي، هو جحيم أن يعلم الآخرون بما تعانيه، نشاهده في حلم / كابوس يتكرر في عيون الأب الحامل للهم المالي. تتراكم المواقف الطريفة، لنضحك مع أفراد العائلة وعليهم. أما من الأورغواي، فيأتي فيلم «حمام البابا»، الذي يروي في قالب كوميدي ساخر، قصة تجري في قرية يعلم سكانها أن البابا سيزورهم. فيبدو همهم بكيفية الاستفادة القصوى من هذه الزيارة، ليقرر أحدهم بناء حمام عمومي مدفوع لخدمة الحجاج القادمين من المنطقة المحيطة. في «مشوّشون» Sidetracked، الفيلم الأسباني للمخرج ألفارو فيرنانديز أرميرو، فتجتمع حكايات ستة رجال ونساء يعانون في لحظات فاصلة من حياتهم الشخصية وعلاقاتهم العاطفية. يبدأ الفيلم مع الزوجين اللذين يقررا أن ينجبا طفلاً ثانياً، الأمر الذي يغير العلاقة بينهما ثم ينسحب ذلك على كل من يحيط بهما.
أما من الأرجنتين فيأتي الفيلم التاريخي «السجين الأيرلندي» للمخرجين كارلوس جاوريغوالدو ومارسيلا سيلفا إي ناسوتي. يروي الفيلم قصة تجري أحداثها في منطقة ريفية على سفح الجبل خلال السنوات الأولى من القرن التاسع عشر. تقع الأرملة الشابة في حب المناضل الأيرلندي القادم من بلاد بعيدة ليشاك في ثورة بعيدة عن موطنه جغرافياً لكنها قريبة من حيث المبادئ والبحث عن الحرية.
ويطغى الهم الاجتماعي على ثلاثة من الأفلام المعروضة «عش الغراب» السلفادوري للمخرج أرتورو مينينديز، يروي قصة نضال لأجل الحياة في أحد أكثر حواري سلفادور عنفاً. أما «بداية الزمن» المكسيكي للمخرج بيرناردو أريلانو، فيعيش مع زوجين مسنين يخسران مدخولهما، إلا أن كل حياتهما تنقلب حين يظهر حفيداهما بعد عشر سنين من الغياب. أما الفيلم البرازيلي «أكواريوس» للمخرج كليبر ميندونسا فيلهو، وهو الأكثر انتظاراً بين المجموعة المختارة، فتختار الأرملة ذات الخمس وستين سنة أن تعتصم في منزلها، فلا تخرج عندما تعلم أن إحدى شركات الاعمار ستحاول هدم المبنى. في عالم حيث أغلب الأفلام الموجهة إلى كبار السن تنحى لتكون نوعاً من الكوميديا، أو نوعاً من الدفع لتقبّل السن، يعدنا الفيلم البرازيلي بدراما شخصية تقوم فيها البطلة بأداء نوع من المقاومة والصراع الاجتماعي في محاولة للحفاظ على الذاكرة الشخصية والعامة لمكانها الخاص، كما للمكان العام. كيف يتغيّر العالم من حول امرأة كانت ترى إلى نفسها على أنها دائمة الشباب، فيهددها بالعجز والتأخر في العمر؟ فهل تناضل؟
لا تغيب السينما الوثائقية من خلال «كولومبيا، السحر البريّ» للمخرج مايك سلي، تروي الكاميرا السحر البصري والسمعي في البريّة الكولومبية. على مدى خمس سنوات من العمل والتصوير، تم تجميع المادة لصناعة هذا الفيلم الذي يبقى وثيقة في البلاد التي تعد البلد الثانية في العالم من حيث التنوع البيئي والبيولوجي، تبدو العديد من التجمعات البيئية مهددة بالانقراض. كما يعرض المهرجان الوثائقي البرتغالي «خط أحمر» حيث يعود المخرج إلى أول أفلامه الذي صوّر مرحلة الثورة في البرتغال خلال العام 1975، ليعيد تقييم أثره على الناس الذين وثق لهم قبل أكثر من أربعين سنة.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى