السينما الأفريقية في مهرجانها: خصوصية و اختلاف

أسماء أيتم

المهرجان السينمائي الأفريقي اكتشاف خاص لسينما جديدة لم نشاهدها من قبل
وللتعريف بسينما أحدثنا القطيعة معها منذ أربعين عاما اقترحت وزارة الثقافة
برنامجا سينمائيا خاصا.

تضمن أفلاما أنتجت منذ العقد السادس من القرن الماضي و بداية هذا القرن حتى عقده التاسع.
سينما افريقية طموحة تنقل الواقع وتطرح قضايا وتعالج مواضيع عن الفساد ،التخلف و الحرمان كما تقف طويلا عند الحروب والصراعات العرقية التي مزقت أفريقيا في ليل كانت المؤامرة قدر ذهب ضحيته أبرياء.

ليل الحقيقة : “بوركينا فاسو”

صورة سينمائية ترجمتها المخرجة السينمائية البوركينابية رجينا فانتا ناكرو
والتي تروي في فيلمها ليل الحقيقة حكاية شخصية عن الكولونيل ثيوالذي نظم انقلابا ضد الرئيس نتج عنه حرب أهلية بين نياكا الداعمة للرئيس وبونندي التابعة للكولونيل .
كاميرا رجينا لم تصور بشاعة الحرب فقط بل كانت لها القدرة على محاكاة المشاعر الإنسانية.
في لقطة مقربة تبرز انكسار فتاة اغتصبتها الحرب وحطمت كيانها، وتلامس جنون زوجة الرئيس المهووسة بفكرة الانتقام في بحثها عن قاتل ابنها ،جنون يجبرها على رفض فكرة السلام التي اتفق عليها الكولونيل مع الرئيس وعندما يعترف الكولونيل بجريمته تقرر زوجة الرئيس حرقه حتى الموت عندها تثور الطائفتين لإشعال فتيل نيران الحرب لكن الرئيس يوقف الفتنة بقتل زوجته.
صور سينمائية ،جماليتها قاسية ،مضمونها مرعب و شكلها صادم في فيلم شخصي
أحداثه ممكن أن تحدث في اى مكان في أفريقيا، انه فيلم عن الحرب والسلم أمضته بتفوق رجينا فانتا-ناكرو .
حديث نوري بوزيد

انه رمز لجيل كامل بحث عن حرية لا توجد إلا في خياله لكنه مؤمن بها و يحلم بهذه الحرية في أفلامه.
بعد عرض أول أفلامه في المهرجان ريح السد الذي أنتج في العام 86.
والذي عرض في نفس العام في مهرجان كان حيث تحدثت الصحافة الغربية عنه و ناقشت ظاهرة جديدة في السينما التونسية اسمها نوري بوزيد يجتاز التابوهات و يعري الذات التونسية.
ورغم انه نال في العام ذاته التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج إلى أن البعض وقعوا عريضة يطالبون فيها مهرجان قرطاج بمنع عرض الفيلم ، و بعد عرضه تساءل احد المسؤليين هل هذه هي تونس بعد 30 عاما من الاستقلال .
جدل قوي عرفه الفيلم بعد عرضه معلنا ميلاد جيل جديد في السينما التونسية لا يقف عند حدود ما، بل يكسر الجمود و يتحدى الذهنيات التقليدية.
ريح السد هي قصة فرفط والهاشمي و هما طفلين كانا ضحايا اعتداء جنسي قام به الذي علمهما حرفة النجارة – عامر-، هذه الذكرى المزعجة أحدثت ألما عميقا مزق نفسية الشابين و هما يبحثان في أعماقهما عن الرجولة التي هزمها مجرم معتوه .
هاشمي يواجه عقدة ليلة زفافه بالهروب و فرفط يبحث عن أم مجهولة تركته عرضة لغدر الزمن وليحرك نوري بوزيد الدراما بتحرير الشابين من عقدتهما يغتال فرفط عامر و يتحرر عندما يصوره بوزيد و هو يقفز من سطح بيت إلى آخر حرية مكنت هاشمي من استعادة الثقة بنفسه.

في لقائنا مع نوري بوزيد تحدث بحرية مطلقة عن سينما أحدثت قطيعة مع السينما الأب/السينما المصرية التي تنتهي الأحداث فيها بالفرح .و لان جيل نوري بوزيد عاش انتصارات واهمة عبر إذاعات عربية كان النصر الواهم فيها أكذوبة هزمت جيلا كاملا.
هذه الهزيمة واجهها سينمائيا شاهين و توفيق صالح اللذان أثرا في نوري
بوزيد الخارج من السجن و الباحث عن ذاته يكتشف سينما الجزائريين
مرزاق علواش و فاروق بلوفة. أفلام أحدثت قطيعة مع الثورة و تحدثت عن جزائر أخرى
يبحث فيها الفرد عن هويته في مرحلة جديدة . بعد تحرير الأرض فكر السينمائيون في تحرير الذات الجزائرية، هذه السينما كانت مقياسا اعتمده نوري بوزيد في سينماه ليتحدث في أفلامه عن المهمشين الضائعين الذين يعيشون على هامش المجتمع في الأحياء الخلفية يواجهون قسوة مجتمع أقصاهم ومؤسسات أهملتهم فضاعوا و خسروا كل شيء العائلة و معها الوطن الذي لا يعرفونه.
و يؤكد نوري بوزيد بان هذه السينما أنتجها جيل عاش الهزائم لذلك شخوص نوري بوزيد في اغلبها تعاني من الانكسار النفسي و يعلق نوري بوزيد “لا يمكن الحديث عن شيء يناقض الواقع المر أفلامي ليست إلا تعبيرا عن معاناتنا جميعا”.
سينما نوري بوزيد ليست سينما نجوم ، البطل الوحيد فيها هو الحكاية.

داني غلوفر في الجزائر

في لقائنا معه اكتشفنا نجما معتز بجذوره الأفريقية حيث عاش مع والديه مرحلة الصراع العرقي حيث رأى حلم المساواة مع مارتن لوثر كينغ .
في بداية مساره وقف على مسرح برودواي حيث كان له دور مهم في مسرحية انتقدت نظام الابرتيد.
وعن زيارته للجزائر يقول داني غلوفر”بان الجزائر كان حلما راوده منذ أن كان طالبا جامعيا إنها الحلم
و مفترق طريق بين أوروبا و أفريقيا و الطريق إلى روما يبدأ من الجزائر”.
أما بالنسبة لتاريخ الجزائر يؤكد داني غلوفر”بأنه كان تاريخا حافلا أثار السود الذين رأوا فيه مثالا يحتذى به ، هذه الثورة التي غيرت التاريخ في أفريقيا أثرت في الحركة المدنية في امريكا عندما كان السود يناضلون ضد العنصرية.يقول غلوفر”قد يختلف معنى القمع لكن المهمة واحدة”
كما يضيف غلوفر”شاهدت معركة الجزائر في 1968وتمنيت لو كنت احد هؤلاء الأبطال” و لأنه شغوف بمعركة الجزائر زار بيت الصغير عمر الذي استشهد و هو في الثانية عشرة من عمره أثناء معركة الجزائر.
و عن السينما الأفريقية يعلق غلوفر”رأيت أفلام سمبان عصمان و جبريل ديوب أعجبت بهما و اكتشفت
سينما إنسانية متميزة” اما عن تجربته السينمائية مع عبد الرحمان سيساكو في بماكو”يؤكد غلوفر بان تجربته مع سيساكو خاصة جدا لأنه مخرج يعرف كيف يوظف أفكاره ويوجهها انه مخرج له أسلوب خاص جدا. و في نهاية الحديث يقول غلوفر “انه يرحب بأي مشروع سينمائي من أفريقيا.”

(الجزيرة الوثائقية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى