معرض بيروت للكتاب: حديقة الحرية

اسكندر حبش

لنقل إن المطر كان نجم افتتاح «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» أمس، (يستمر إلى 14 كانون الاول الحالي). هو نجم دائم في السنوات الأخيرة. تشاء الصُدف المتكررة، أن تقرر السماء غسل بعض أوحالنا المستمرة يوم «عرس الكتاب»، لتحيل الوصول إلى «البيال» على شيء من الصعوبة والضيق بسبب ازدحامات سير غير متوقعة. من هنا أيضا، لا تصدمك أي «عجقة ناس» داخل قاعة المعرض في الفترة الأولى. ربما أجّل البعض زيارتهم لطقس أكثر صحواً. لا بأس بذلك بالطبع، إذ ما زلنا في الساعات الأولى، وغدا سيأتي كثيرون إلى هناك، ليحتفلوا بالمناسبة.
في أي حال، لا بدّ من أن يدفعك المطر إلى التساؤل أيضا: هل بسببه لم يأت لا رئيس مجلس وزراء حكومة تصريف الأعمال، ولا الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، بل أنابا عنهما شخصين آخرين: الأول وزير الثقافة ريمون عريجي والثاني الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة (الذي حضر أيضا بصفته الشخصية). سؤال عابر بالتأكيد، فقط لأن معرض بيروت للكتاب هو معرض يفتتحه رئيس الوزراء منذ نشأته. لنقل هو المطر الذي حال دون ذلك، كي لا يُفهم من كلامنا أي تلميح لا نقصده، وبخاصة أن رئيس بلدية بيروت تغيّب بدوره وأناب عنه سهير الحصري.
ليس بالتأكيد معرض غائبين. الأهم أن الكتاب هو الذي يحضر. هو الأساس الذي نحتفي به كل عام. هو الذاكرة البشرية التي تعيد صوغ الحكاية، وتعيد التعريف بإنسانيتنا التي تتآكل تدريجيا. هو «خير صديق»، نشأت معه ملايين الحكايات وملايين الاحتمالات التي لا تتوقف. يكفي أن تنظر إلى تلك الرفوف الممتلئة، إلى الطاولات، لتتأكد أن ثمة بعد ما يُسرّك، أو مثلما قال الوزير عريجي في كلمته: يُسعدني، واللحظة مهرجان للكلمة، أن نُدفِئَ عقولَنا والروح، بتوهّجِ الحرف وهَديِ المعرفة، خلاصاً للخروجِ من الشرانق إلى رحاب الإنسانية».
حفل الافتتاح أمس، شهد كلمات لرئيس النادي فادي تميم الذي اعتبر المعرض «ظاهرة ثقافية ومعلماً حضارياً لمدينة بيروت المحروسة كعاصمة للثقافة وأصبح ملتقىً لكل الفعاليات..»، بينما اعتبرته سميرة عاصي (رئيسة اتحاد نقابة الناشرين) «حديقة الحرية»، وأضافت أن المعرض «عاماً بعد عام يستحوذ ليس على اهتمام اللبنانيين فحسب ولا العرب ومكتباتهم فحسب بل كل العالم، ويشكل علامة فارقة ونقطةً جاذبة يتحول معها لبنان الى مركز للسياحة الثقافية..». من جهتها، رأت سهير حصري أن «هذا المعرض أبعد ما يكون من مجرد سوق لتصريف الكتاب والإتجار به بل إنه يعد منصة لقاء للناشرين، وبائعي الكتب والوكلاء، والمنظمات الثقافية والصحافة».
الكلمة الأخيرة كانت للوزير عريجي الذي رأى أنه «اذا كان من مفاعيل الثقافة، بدورها المطلق، المصالحة الإنسانية مع الذات والآخر، ومع قَدَرِنا كمعطىً من التاريخ في مساحات الجغرافيا، فالمشروع الثقافي ـ الذي نَطمح – يُحَتّم مصالحة جَماعية، فوق كلِّ الفوارق والاعتبارات، وبناءَ كيانات سياسية ـ اجتماعيْة تليقُ بالإنسان، في لحظة نرتاد فيها الكواكبَ والمجراتِ البعيدة»!
في ختام حفل الافتتاح، وكعادته من كل عام، وزع النادي الثقافي العربي الجوائز الخاصة بأفضل كتاب إخراجاً وطباعة.. وقد منحت اللجنة الفنية جائزة أفضل كتاب إخراج للكبار:
– الجائزة الاولى: كتاب «ابن خلدون، الإنسان ومنظر الحضارة» عبد السلام شداوي، ترجمة د. حنان قصاب حسن، المكتبة الشرقية، 2016.
– الجائزة الثانية: كتاب «سعود الفيصل، حكاية مجد» مهد بن حسن دماس، مؤسسة الانتشار العربي 2016.
– الجائزة الثالثة: المصحف وقراءاته، خمسة مجلدات. تصنيف مجموعة من الباحثين بإشراف عبد المجيد الشرقي. مؤسسة «مؤمنون بلا حدود للدراسات والنشر».
وقررت اللجنة منح جائزة أفضل كتاب إخراجاً للأطفال:
– الجائزة الاولى: كتاب «النفق» تأليف أمل ناصر، رسوم هشام سليمان، منشورات دار البنان.
– الجائزة الثانية: كتاب «أنا أقوى من الغضب»، نص ايفا كوزما، رسوم سنان حلاق، منشورات اكاديميا انترناسيونال.
– الجائزة الثالثة: كتاب «بيروت»، نص رانيا زغير، رسوم اتيان بسترماجي، منشورات الخياط الصغير.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى