عام الجوائز الأدبية الجزائرية الناشئة

شكلت سنة 2016 موسما للكتاب الجزائريين الذين سبق وأن لفتوا الانتباه ليؤكدوا حضورهم هذا العام من خلال منشورات أدبية مختلفة.

فقد قدم كتاب سبق أن احتفى بهم المشهد الأدبي أعمالهم الثانية على غرار سمير تومي وعايدة خلدون بمناسبة “سيلا 2016”، بينما اختار ناشرون تسويق عناوين لكتاب مكرسين قبل موعد الصالون بأشهر مثل محمد ساري ورشيد مختاري وجمال ماتي.

ويقدم سمير تومي عبر روايته “المحو” الصادرة عن منشورات البرزخ قراءة نفسية لصراع الأجيال من خلال بورتريه لابن مجاهد يشكو سطوة ظل والده، بينما تعود عايدة خلدون الغائبة عن المشهد منذ سنوات برواية عن منشورات ميم تحاكي فيها عوالم البدو بعنوان “رائحة الحب”.

وفي شهر ماي أصدرت منشورات الشهاب “أنا محرر” و”يوكو وأهل البرزح” و”أمطار ذهبية” لكل من رشيد مختاري وجمال ماتي ومحمد ساري وهي الأعمال التي شدّت انتباه القراء والمهتمين. وتوج عملان من منشورات الشهاب بجائزتين خلال السنة، حيث حصل محمد ساري على جائزة إيسكال الأدبية، فيما نال جمال ماتي الجائزة الكبرى لآسيا جبار في فرع الكتابة باللغة الفرنسية.

ونشرت رواية مهمة أخرى في الشهر نفسه عن منشورات البرزخ تزامنا مع طبعة فرنسية بعنوان “من إخواننا المصابين” لجوزيف أندراس، وتغوص الرواية في استعادة مؤثرة للأسابيع الأخيرة للمناضل الشيوعي الجزائري فرناند إيفتون الذي أعدم في 1957 بالمقصلة.

وقدم الناشرون الجزائريون عددا معتبرا من المجاميع القصصية لمعرض الكتاب الجزائري “سيلا 2016”، وهي حالة تفسرها العناوين التي صدرت بالمناسبة، ما يمثل استفاقة لكتاب القصة والناشرين معا.

ومن بين الأعمال القصصية البارزة مجموعتان صادرتان عن دار الكلمة، حيث اشتغل الكاتب الخير شوار في “مغلق أو خارج نطاق التغطية” على استنطاق الأشياء ومقاربة العوالم الغرائبية، بينما وظف القاص قلولي بن ساعد في مجموعته “صدر الحكاية” صورا من خصوصيات الحياة في الجزائر العميقة.

ولكن القصة القصيرة بالجزائر ليس لها تقريبا جوائز أدبية قارة، إذ تحظى فقط بعدد قليل من المسابقات المناسبتية في كل مرة، باستثناء مسابقة مؤسسة فنون وثقافة التي تحافظ على استمراريتها منذ أكثر من تسع سنوات. وباستثناء هذه الجائزة لم تكن القصة على موعد أهم من جائزة الإذاعة الثقافية للمبدعين الشباب، التي وزعت مطلع الشهر الجاري.

شهدت سنة 2016 توزيع جائزة محمد ديب التي تمنحها الجمعية الثقافية، الدار الكبيرة بتلمسان، للأعمال السردية، وهي الجائزة التي تقدمت بخطى ملحوظة نحو الاحترافية لتقترح قائمة قصيرة قبل كشف المتوجين.

وتوجت جائزة محمد ديب الكاتب محمد الصالح قارف عن عمله بالعربية “سيزيف يتصنع الابتسامة”، وإبراهيم تازغارت عن روايته “نايلة” ومصطفى بوشارب بالفرنسية عن عمله “الفتوى”.

بينما احتفى المشهد بعودة ملتقى بن هدوقة الدولي للرواية الذي توقف منذ 2012، ليقدم جائزة في الرواية لأول مرة بعد أن ظلت جوائزه تمنح للقصة القصيرة والشعر في دوراته السابقة.

وكانت جوائز بن هدوقة من نصيب إيمان بن ربيع عن نص “ياسين”، وسفيان مخناش عن روايته الثانية “مخاض سلحفاة”، وحجبت اللجنة الجائزة الثالثة وجوائز اللغة الفرنسية بسبب محدودية المستوى.

وأعلنت جمعية نوافذ الثقافية هذا العام عن إطلاق الطبعة الأولى لجائزة الطاهر وطار للرواية، كما أعلن عن جائزة رشيد ميموني في الرواية وتمنح الجائزتان في العام المقبل.

أهم الجوائز الأدبية هذا العام كانت الجائزة الكبرى آسيا جبار، والتي تحمل اسم الكاتبة الجزائرية المرموقة، ومثلت هذه الجائزة حدثا بارزا في ختام السنة الأدبية، حيث توجت الروائي سمير قسيمي عن روايته “كتاب الماشاء”، والروائية ليندة كوداش عن “الحكاية الأخيرة” في فرع الأمازيغية، وعادت جائزة اللغة الفرنسية للروائي جمال ماتي عن عمله “يوكو وأهل البرزخ”.

واختتمت السنة بتوزيع جوائز المسابقة الوطنية للرواية القصيرة التي تنظمها رابطة الفكر والإبداع بالوادي للمرة الثالثة على التوالي، حيث توجت الجائزة كلا من عبدالرشيد هميسي عن روايته “ما تشتهيه الروح” وحواء حنكة عن “عايشة” وآسيا بودخانة عن “زوايا الصفر”.

وإن بقيت الجوائز الأدبية من محفزات الإبداع لما لها من دور في تحريك الساحة الثقافية، فإنها تطرح من جانب آخر سؤالا عن مشاريعها التي تقترحها أكثر من كونها مجرد تتويج لعمل مميز، وهذا ما يجد الكتاب الجزائريون أنفسهم اليوم بصدده، حيث تحتاج الجوائز وخاصة الناشئة حديثا، إلى رؤية مستقبلية عميقة تخدم الأدب والأدباء والقراء على حد سواء، لتكون أحداثا ثقافية لها عمقها وتأثيرها وتجذرها في الواقع.

 

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى