نجوم تخبو وأخرى تسطع في الحياة الثقافية التونسية للعام 2016
ربما غيب الموت شعراء ومسرحيين وسينمائيين بارزين في تونس عام 2016 ستظل إبداعاتهم وانجازاتهم ألحانا تخلد أسماءهم محليا وعربيا لكنه أيضا زخر بالأحداث الفنية الهامة وشهد بروز مواهب بدأت تشق طريقها للنجومية بعد تألقها على الصعيد العالمي.
وفي شهر فبراير/شباط توفي شاعر تونس البارز الصغير أولاد أحمد عن 61 عاما بعد صراع استمر سنوات مع المرض لتفقد البلاد واحدا من أبرز أصوات الحرية والإبداع الشعري.
ومن أشهر قصائد أولاد احمد قصيدة “نحب البلاد” التي يقول فيها “نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد صباحا مساء وقبل الصباح وبعد المساء ويوم الأحد.. ولو قتلونا كما قتلونا ولو شردونا كما شرّدونا لعدنا غزاة لهذا البلد”.
وناضل أولاد أحمد ضد نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي الأمر الذي جعله عرضة للمضايقة والفصل من العمل.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني رحل منصف السويسي أحد مؤسسي المسرح التونسي عن 72 عاما بعد مشوار حافل قدم خلاله أكثر من 60 عملا مسرحيا.
اتجه السويسي وهو من بين مؤسسي أيام قرطاج المسرحية إلى الخليج في ثمانينات القرن الماضي حيث ساهم في إثراء الحركة المسرحية في الكويت وكانت من أبرز أعماله هناك “باي باي لندن” عام 1981 و”باي باي عرب”عام 1986.
وأخرج أيضا مسرحية “النمرود” من تأليف الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة في دولة الإمارات والتي قدمت لأول مرة عام 2008 وعرضت لاحقا في عدة مدن عربية وأوروبية.
ومن الراحلين أيضا المخرجة السينمائية كلثوم برناز ومن أبرز أفلامها “كسوة الخيط الضائع” عام 1997 ثم “شطر محبة” عام 2008.
كما توفي الفنان التشكيلي أبو القاسم البشير الأخضر الذي شارك في تأسيس مركز الفن الحي عام 1973 ومتحف الفن المعاصر لمدينة تونس عام 1989 كما ساهم في تأسيس اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين.
شغل الأخضر منصب رئيس مصلحة الفنون التشكيلية في الفترة من 1984 إلى 1991 ومثل تونس في عديد من المحافل والمعارض الدولية ونال مجموعة من الميداليات والجوائز في تونس وفي العالم من بينها جائزة الرسم لمدينة تونس في 1983 ووسام الاستحقاق الثقافي في 1997.
عام تألق السينما التونسية
وفي الوقت الذي غيب فيه الموت مبدعين بارزين شهد عام 2016 بروز مواهب بدأت تشق طريقها للنجومية بعد حصد عديد من الجوائز العالمية خاصة في مجال الأعمال السينمائية.
وواصلت المخرجة الشابة ليلى بوزيد الاحتفال بأول أفلامها الروائية “على حلة عيني” بتتويجها بالجائزة البرونزية “جائزة العمل الأول” لمهرجان الأقصر للسينما العربية والأوروبية الذي نال أيضا جائزة أفضل فيلم عربي طويل وقدرها ألفا دولار وتمنحها كل من نقابة المهن السينمائية بمصر والاتحاد العام للفنانين العرب.
وتألق المخرج محمد بن عطية بتتويجه بجائزة الدب الذهبي لأفضل عمل أول بمهرجان برلين السينمائي عن أول أفلامه الروائية الطويلة “نحبك هادي” فيما نال بطل الفيلم مجد مستورة جائزة أفضل ممثل.
كما نال المخرج على الدين سليم جائزة “أسد المستقبل” عن فيلمه الروائي الأول (آخر واحد فينا) بالدورة 73 لمهرجان البندقية السينمائي.
وحصدت المخرجة الشابة كوثر بن هنية الجائزة الكبرى “التانيت الذهبي” لمهرجان أيام قرطاج السينمائية أعرق المهرجانات العربية والأفريقية عن فيلهما الوثائقي الطويل “زينب تكره الثلج”.
سوء التنظيم يخيم على المهرجانات الكبرى
حجب سوء التنظيم بريق أعرق المهرجانات الفنية في تونس بعد انتقادات واسعة لأيام قرطاج السينمائية وأيام قرطاج المسرحية بينما تعاني تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية من أزمة مالية خانقة.
ووجه النقاد والفنانون الذين شاركوا في الدورة السابعة والعشرين لمهرجان قرطاج السينمائي انتقادات للإدارة تتعلق بالتنظيم خاصة في حفلي الافتتاح والختام كما تعرض ضيوف للمهرجان إلى مشكلات تخص الاستقبال والإقامة منهم الفنانة الجزائرية بهية راشدي والممثل المصري جميل راتب.
ودفعت الانتقادات وزارة الشؤون الثقافية إلى إقالة مدير المهرجان إبراهيم اللطيف من منصبه والتفكير في إعادة تنظيمه كل سنتين رغم رفض العديد من السينمائيين.
واحتفل المهرجان الذي تأسس في 1966 في هذه الدورة بيوبيله الذهبي وكرم عديد من السينمائيين من بينهم المخرج المصري الراحل يوسف شاهين والمخرج السينمائي السنغالي جبريل ديوب مامبتي والمخرج الراحل إيدريسا وادراجو من بوركينا فاسو والمخرجة التونسية الراحلة كلثوم برناز.
وعلى هامش المهرجان قلد رئيس الجمهورية التونسي الباجي قائد السبسي ثلة من نجوم السينما العربية والأفريقية في مقدمتهم النجم المصري عادل إمام وجميل راتب والمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي والموريتاني عبد الرحمن سيسوكو والسوري محمد ملص والتونسي رضا الباهي وعدة ممثلين وسام الاستحقاق الثقافي.
ولم يكن حال مهرجان أيام قرطاج المسرحية أفضل تنظيميا بعد أن تعالت الأصوات الناقدة رغم تنوع المشاركة من عدة بلدان عربية وأفريقية وغربية في أعرق مهرجانات الفن الرابع.
وتواجه تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية أزمة مالية حادة دفعت إدارتها لإلغاء العديد من الاحتفالات الفنية في شهر ديسمبر/كانون الأول.
وقالت إدارة التظاهرة في بيان قبل يومين إن “خزينة التظاهرة لا تزال خاوية تماما من الاعتمادات رغم الوعود التي تلقتها اللجنة التنفيذية بتحويل الأموال في أقرب الآجال لسداد الديون ومواصلة إنجاز البرامج الثقافية ما جعل اللجنة في عجز كلي عن برمجة وإنجاز أي نشاط مهما كان حجمه أو طبيعته”.
وعلى الصعيد الأدبي فازت الكاتبة التونسية فوزية زواري بجائزة القارات الخمس للفرانكفونية عن روايتها “جسد أمي” الصادرة عن دار النشر الفرنسية جاليمار.
ومنحت جائزة الكومار الذهبي – أبرز الجوائز الأدبية في تونس – مناصفة بين الروائيتين آمنة الرميلي عن روايتها “توجان” الصادرة عن دار آفاق للنشر ونبيهة العيسى عن روايتها “مرايا الغياب”.
(ميدل ايست اونلاين)