‘قطط العام الفائت’ تنهل من عالم الفانتازيا

مع اقتراب الذكرى السادسة لانتفاضة 2011 التي أسقطت الرئيس حسني مبارك في مصر أصدر الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد أحدث رواياته “قطط العام الفائت” التي يسترجع فيها أحداثا سابقة ولكن في قالب من الفانتازيا غير معهود في أعماله السابقة.

جاءت الرواية في 386 صفحة من القطع المتوسط عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة وهي الرواية السابعة عشرة في سلسلة كتابات المؤلف السكندري والتي تضم أيضا سبع مجموعات قصصية إضافة لكتب أخرى متنوعة.

تدور الأحداث عام 2011 في بلد اسمه “لاوند” يقول المؤلف في تقديم الرواية إن ثورة قامت فيه في اليوم نفسه الذي حدثت فيه الثورة في “مصرايم” المجاورة.

تبدأ شخصيات الرواية في الظهور تباعا وهي الحاكم “أمير أبوالعساكر” ومساعدوه “مدير المحن والأزمات” و”وزير الأمن والأمان” و”السر عسكر” ناظر الحربية والتي لن يعاني القارئ كثيرا في إسقاطهم على الواقع في مصر وتحديد هويتهم الحقيقية.

تبدأ الفانتازيا بكشف المؤلف عن القدرات الخارقة لشخصياته.. فمدير المحن والأزمات يستطيع تحويل ذراعيه إلى ثعبانين يعذب بهما المعتقلين والمعارضين أما حاكم لاوند فهو يلقي خصومه عبر الزمن ويعيدهم إلى الماضي.

تنجح الثورة في لاوند بعد أن فرت قوات الأمن أمام المتظاهرين الشبان الذين اعتصموا في “الميدان الكبير” بالعاصمة لاوندة لكن الحاكم بدلا من أن يهرب أو يتخلى عن السلطة يلقي بجميع المتظاهرين إلى العام السابق ويقنع الشعب بأن العام هو 2010 وليس 2011.

ولاستكمال مقاربة الرواية مع الواقع يقدم المؤلف جماعة “النصيحة والهدى” التي تستغل الدين في السياسة للوصول إلى الحاكم وتتعاون مع الحاكم في الخفاء بينما تعاديه في العلن.

تطول الأحداث وتتشعب ويستمر المؤلف في طرح شخصيات جديدة من الشبان والفتيات الذين يقودون الثورة ضد حاكم لاوند من خلال الفضاء الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت. ويدركون ما فعله بهم الحاكم لكنهم يصرون على تكرار تجربة الثورة.

في المقابل لا يتخذ الحاكم أي إجراءات لتغيير الأوضاع أو تحسين صورته أو تطبيق إصلاحات بل يستقدم المزيد من الأسلحة الفتاكة الحديثة لمواجهة الشبان وكأن المؤلف أراد أن يبلور فكرة أنه مهما عاد الزمن سيكرر الحكام أخطاءهم وسيبقى الشباب على حماسته ورغبته في التغيير.

ولأن تزييف الزمن أو خداع الناس لا يمكن أن يستمرا للأبد فكان لا بد من حلول شهر يناير/كانون الثاني مرة أخرى وقيام الثورة من جديد.

لجوء المؤلف للفانتازيا في إعادة طرح ما مر عليه ست سنوات ربما ينم عن أشياء كثيرة قد يكون أبرزها “غصة” لا تزال في حلقه مما آل إليه حال فئة الشباب التي أطلقت انتفاضة 25 يناير/كانون الثاني وكانت ملء السمع والبصر في الفضائيات ووسائل الإعلام آنذاك ثم توارت عن الأعين ولم يعد لها أي دور أو نشاط سياسي.

كذلك استعانته بشخصية محبوبة غابت عن الدنيا مثل الممثلة سعاد حسني التي استغل طيفها في إلهاب حماس الشبان وبث الأمل فيهم وفي الوقت نفسه إلهاء الحاكم ومعاونيه وإصابتهم بالتخبط طوال الوقت قد يكون من قبيل التأكيد على أهمية الفن والثقافة في حياتنا واسترجاعا لمعان حلوة تدهسها أحداث الواقع.

رواية إبراهيم عبد المجيد ليست توثيقا لما جرى في مصر في 25 يناير/كانون الثاني 2011 أو في أي دولة عربية أخرى لكنها إطلالة من نافذة المستقبل على ما كان وما جرى في الماضي بعين ساخرة لا تخلو من النقد المستتر في قالب فانتازي.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى