أغنية لمساء السرو – السيد سالك (تونس )

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص

أحزم فراغك الأزلي و امض
لا شمال و لا جنوب
هكذا قال الغراب
ذات حط على شجرة السرو اليابسة
عند المقهى المرابط على شفاه الملح الأنيق
كنت وحدي أصرّف المواقيت
أحصي المواعيد و الصلوات
و النادل يرتب رذاذ الفوضى
جلستْ
شربت عصيرا
سكبت عطرا
و خلّفت ليلا و أسئلة
من أين أبدأ كي أستعيد ملامحها
أو أستردّ خطاها
كان الليل مضيئا جدّا و الفوانيس
لم أغمض عيني جيّدا لأراها
تهجّيت المكان
لليل أن يعيد رسم خرائطه
للريح كي يشدّ الرحال
و للغيمة كي تتدلّى
توهني ما ذرفت
و ما عادت لتخبرنا السرّ
للنادل قيل انصرافات و رؤية
قلت بصّر
رسم على الكأس حرفا قائما
ثم قال :”
خذ من الريح أواخرها
و استعر بدء زمانها لو أردت
و ميم المكان .”
أخذتني
كان لا أحد معي سواي
و المقهى المضمّج بالمواويل يلعق غبار قفاره
من ذا الذي خلفي
لم أكن أنا ذاك الذي يلاحقني
كنت نائما عند شجرة السرو ربما
كنت الغراب.. ربما
و ربما كنت الشجرة
يابسا مثل اختياري .. يانعا
أذرو انسحابي
للمكان المعبئ بالتساؤل ..عدت
للزمان المرصع بالتضاؤل ..عدت
للنادل الموزع بين البدايات
الكل أخرس سيدي و السبيل
بوح المساءات
و التي مضت ..لم تمض
تركت عند النادل دمعتها
و عند السرو غربتها
و عند الغراب ترانيم وحشتها
و عندي …
بكل ذاكرتي ما ذكرت
مرّ الظل و انحنى
تصفّحت بقايا العطر المبعثر في الكراسي
لم تعلن خرائطها حدود ا
و لا منافي الليل تكتبها
احتمال آخر يعود بهزيمة تغري و صورة
لا تفاصيل تمنحني اتجاها
الريح الغربي ضيّع شرقه و الجنوب
يختصر المساء و يعصرني
كنت متعبا
مثل احتمالاتي
مفتوحا على شبه انتظار
عيناها
لا أدري لونهما
ليليتان
سماويتان
آم مناف
وقع الخطى رنّ
فرّ الليل
جرّ خواتمه
لماذا يجيء بعيدا ؟
شجرة السرو اليابسة صامتة.. جدّا
تكلمي حتى أرى صوتها يدق أبوابي
توكّأت على انكسار ي
انحنيت
و النادل منشغل جدّا
منصرف جدّا
لا يداه تقولان شيئا
و لا تقترفان
كانت هنا تلفّ باسمها أحلاما مهرّبة
و جرحا يقيس مواسم الاخضرار
خذ وجه الريح .. خذ
خواتمها ..خذ
دع الأبجدية تتلوها و تبدعها
ها حاجتك للورق
دقّ على الطبل يدق
اقرأ
فتّحت صحائفي
لا أفق..
هيّا أفق
دقّ على الحرف يدق
فالتي مضت قبل المجيء و ما أتت
تركت عند النادل دمعتها
و عند السرو غربتها
و عند الغراب ترانيم وحشتها
و عندي هوية ما علمت تواريخها

السيد السالك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى