غنائم حرب – وداد سلوم (سورية)

الجسرة الالكترونية الثقافية ـ خاص ـ

 

كانوا ينزلون البضاعة دون خوف ، دون أن تهتز بهم شعرة خجل ،كما حين نهبوا ،ادرك لم تهتز بهم شعرة ..

صحون الستيل كانت تشكو فقر عائلاتها ،الفناجين التي محا الزمن أيديها ،كانت تشكو غياب أيدي الأصحاب ،الملاعق وهم ينزلونها كانت تصدر انين السلب والنهب في الحرب الطويلة ،والسبي في المعارك المتوحشة …كرنين نواقيس صغيرة في حزن المدينة   .

سيفكر أصحابها : لا هم َّ فقد نجونا !! (طبعا إن كانوا قد نجوا ) اما الأشياء في رحلتها الجديدة ،فستتذكر غرف النوم المهدمة ،والمطابخ التي غزتها العناكب وبعض القطط ،ستتذكر وستئن في البيوت الجديدة حنينها الأول . وربما ستجتر البطانيات احلام الاطفال الذين ماتوا بغتة تحتها ،أو الذين سحبهم أهلهم في منتصف الليل وغادروا هربا ً ..فبقيت الأحلام معلقة على الشراشف والبطانيات مبتورة النهايات .

وستجترها يوميا ً كآلة عرض علق فيها المشهد الأخير . كانوا ينزلون البضائع المسروقة ،وكنت أنظر الى الأشياء الموغلة في الغبار ، ووجع الذكريات ..

الستائر

المنامات البائسة الشراشف ..

الصحون ..

ملاعق الطعام ..

وأكثر ما كان موجعا ً، البتوغاز ذو العين الواحدة ، كنت أفكر وأتخيل كم كانت سيدة البيت تعاني حين كانت تطهو لعائلة كبيرة به ، غاز بعين واحدة لأسرة لا شك كبيرة .

ابريق الشاي البورسلاني ، الذي يحن لطعم الشاي القديم ..منذ أشهر طويلة .. هؤلاء الذين يتاجرون بكل شيء ، والذين اعتادوا أن يسطوا على كل شيء من الملعقة وحتى أثواب النوم ..الأشياء التي تركها أهلها وهربوا في فرصة سانحة ليكسبوا حياتهم وربما خسروا كل شيء حتى الحياة .. هؤلاء تجار الحرب الصغار ، ماذا سيفعلون بعد الحرب ؟؟ على المحطة الأولى : الرصيف ، مرَّ طفل ببساطة داس لحافاً مرمياً، من تلك البضاعة، كدت أصرخ انتظر يا صغيري ، هناك حلم عالق سيتألم . الطفل الصغير ابن الشهيد داس ونظر بازدراء ، لربما كان يرى دم والده يسيل على الرصيف بين الأقدام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى