قصائد تحلق وراء الغيوم البعيدة!

صدر الديوان الثاني للشاعر د. سليم نزال بعنوان “ما وراء الغيوم البعيدة” وصدر عن داري كتب فى لندن والمنشور على موقع أمازون.

وجاء هذا الديوان بعد بضعة اشهر من صدور المجموعة الشعرية الأولى “اغنيات حب على نهر الفبستولا). اما مجموعة “ما وراء الغيوم البعيدة” فهي عبارة عن تأملات في الكون والحياة ومصير الانسان في عالم يزداد تعقيدا.

وعن تسمية الكتاب بهذا الاسم يقول الشاعر: جاءت الفكرة العام الماضي عندما كنت مدعوا الى مالطا لكي أقدم محاضرة هناك. وبعد المحاضرة ذهبت بصحبة فنانة مالطية فى رحلة لكي أتعرف على بعض معالم البلد الصغير. جلسنا في مطعم يطل على وادٍ أخضر، وقالت لى إنها أعلى تلة في مالطا. وقفت على ذلك المرتفع المتواضع ورحت أتامل الغيوم البيضاء البعيدة، وهناك خطر لي اسم المجموعة الشعرية التي كنت قد بدأت في كتابتها .

ولعل الشاعرة اللبنانية الكندية التي كتبت مقدمة الكتاب لم تبتعد كثيرا عن الواقع حين قالت انها دعوة للتحدث بلغة الطيور, والطيران بعيدا فوق قوس قزح لأجل نشر رسالة أمل للأرواح الضائعة.

يأتي الكتاب في أحد أكثر الأزمنة اضطرابا في التاريخ الانساني، حيث نعيش الآن في عصر التطرف، وهو تعبير المؤرخ البريطاني اريك هاوبزمان. وهو كتاب شيق يستعرض فيه تاريخ العالم من القرن التاسع عشر حتى العصر الراهن.

ويشهد العالم نموا مقلقا للتطرف الايديولوجي، كما في حالة الحركات الاسلاموية والتطرف اليميني، وازدهار ظواهر الشعبوية السياسية في أوروبا التي تشهد تراجع واضحا لقوى اليسار، وفي المقابل تنامٍ لقوى اليمين المتطرف مع كل ما يرافقه من ضغف للأمل وقلق وجودي على مصير الإنسان .

وفي اميركا وصل ترامب الى السلطة في ظل شعارات شعبوية تحض على الكراهية تجاه الآخرين مسلمين كانوا أم مكسيكيين أم سواهم. وقد قرأنا وسمعنا تحذيرات من خطورة هذه الاجواء المسمومة صدرت عن سياسيين كبار مثل ميركل في المانيا، وهولند في فرنسا، وعلماء كبار مثل العالم الفيزيائى البريطاني ستيفان هاوكنغ. لذا فإن الكتاب دعوة للإنسان ان يتأمل مصيره من أجل أن يبحث عن مساحة أمل وخلاص في هذه المرحلة المضطربة من تاريخ الانسان!

ولنقرأ هذه القصيدة التي ترمز إلى مصير الأرض:

وردة وحيدة في الحديقة

تموت من الجفاف

جفاف دفاف

جفاف يعم الارض

جفاف يغطي القلوب

وأعاصير تهب

اسمع أصوات صراخ من بعيد

اسمع أصوات حزن

ومارشات عسكرية

وطبول حرب تدق

رياح الزمن تهب بقوة

والقصائد صارت صفراء

والكلمات لم تعد كلمات

والألحان مغطاة بالصدأ !

ولئن كانت هذه القصيدة تصور لنا مصيرا مقلقا لكوكبنا الارضى, فإن الهدف هو اثارة التفكير في واقعنا الحالي. ومثل هذا الامر قد نجده يشبه الى حد ما مسرح اللامعقول الذي يلقى أضواء على الأخطار المهددة للبشرية من خلال استدراج القاريء أو المستمع الى ان يطرح أسئلة كبرى حول المصير الانساني في ظل انتشار الحروب والكراهية، حتى ان يوجين انيسكو لم يكن يرتاح الى تعبير مسرح اللامعقول, بل كان يفضل ان يسميه المسرح المضاد! لان الهدف هو إيقاظ الروح الإنسانية من المخاطر الوجودية التي تهدد البشرية.

في القصيدة الاولى التي يفتتح بها الكتاب نجد تعبيرات قلق واضحة:

هل من الممكن رسم حلم بين الغيوم

لنحصل على جنسية الطيور

هل من الممكن ان نكتب هناك القصة الاخيرة

ونرسلها بواسطة قوس قزح

للأرواح الحائرة

هل من الممكن ان نجد هناك مقهى صغيرا

ونادلة جميلة

وفنجانا من القهوة

وألحان فاغنر

لنغادر قلقنا الوجودي على الأرض !

على كل حال فإن قصائد “خلف الغيوم البعيدة” تظل رغم تصويرها لواقع مقلق قصائد تبحث عن الأمل بالدرجة الاولى وسط ركام الصور المحبطة التي نراها الآن.

ففى قصيدة “ابدا الرحلة” هناك دعوة للانسان أن ينطلق في الحياة وان يبحث عن كل مواطن الجمال في ذاته أو فيما حوله:

احمل قيثارتك وغنِّ

الاشعار كلام الله المقدس للإنسان

بين الامل والياس هناك طريق ثالث

سرها واكتشف الطريق

الجمال في داخلك

قد تراه في عصفور

أو فراشة

أو في أغنية تسمعه اصداءها من بعيد

انظر الى الجانب الآخر من النهر

الأمل ينتظر

قد تكون الرحلة قاسية

سر على الماء، وامض في الطريق !

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى