«كتاب الرياض»: طغيان الرواية.. وناشرون يشكون غلاء الإيجار

الجوهرة الحميد وعبد الله وافية

أجمع ناشرون في معرض الرياض الدولي للكتاب على تميز التنظيم في هذه الدورة، مؤكدين أنه من المعارض العربية المنافسة، وأن إقبال الزوار زاد عن العام الماضي. وعلى رغم تفاوت آرائهم في أنواع الكتب التي تجذب زوار المعرض أكثر من غيرها إلا أنهم يكادون يجمعون على أن نسبة الإقبال ترجح كفة الروايات، فيما لا تزال بعض دور النشر التي لها باع طويل في المشاركة في المعرض منذ أعوام عدة مستحوذة على استقطاب الزوار أكثر من سواها، ما انعكس على دور نشر أخرى تعاني قلة مرتاديها، خصوصاً المصرية، إذ شكا بعض العاملين فيها من عدم الإقبال، مرجعين سبب ذلك إلى ارتفاع تكاليف الطباعة والمواد المستخدمة في مصر، ما أثر في رفع أسعار بعض الكتب وألعاب الأطفال، في حين كشف عاملون آخرون لا يجدون إقبالاً بالمستوى المأمول عن أنهم يعانون من ارتفاع قيمة مساحة الدار المتاحة لهم، مشيرين إلى أن المتر الواحد يكلف 200 دولار.
وشكك ممثل دار نشر خليجية تشارك للمرة الأولى في أمر عودته للمشاركة مرة أخرى، وقال لـ«الحياة»: «سمعت أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية تتدخل كثيراً في معارض الكتاب، غير أني لم أجد ذلك في الواقع، لكن الذي استفزني هو توجيه أحد رجال الأمن لي بتغيير الزي الذي أرتديه طالباً مني ارتداء «الدشداشة»». وتساءل: «ما الذي يمنع إن ارتديت ملابس «كاجوال»؟ ملابسي لا تنافي الآداب العامة». وقال: «لباسي قميص وبنطال طويل، ولم ألبس من دون كم أو بنطالاً قصيراً»، مشيراً إلى أن كل شي في المعرض «منظم وجيد»، مؤكداً أن معرض الرياض للكتاب «يتفوق على معرض الكويت في نواحٍ عدة، عدا هذا الأمر وهو التدخل في اللباس». وتذمر ناشر آخر من عدم خلو المعرض من المحسوبية في توزيع البطاقات على أصحاب دور النشر. وقال: «من يعرف أحداً يتوسط له يقدم التسهيلات له، أما من لا يعرف ينتظر دوره»! في حين نفى ناشرون غيره هذا الأمر، مؤكدين أن «لا إشكال في منح بطاقة السماح لهم بصفتهم أعضاء مشاركين».
وأوضح أحد الناشرين أن الكتاب العربي بشكل عام «يتراجع في مدى الإقبال عليه خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في مجال الدراسات وكتب التاريخ»، كاشفاً عن أن أكثر من 50 عنواناً منعتها الرقابة من داره، مثل كوميديا السحر ووعظ السلاطين وعلم الغيب في العالم القديم وغيرها. وأشار مدير إحدى الدور إلى أن أذواق الزوار متنوعة بين الأدب والدراسات الفكرية. وقال إن أكثر الكتب رواجاً لديها مؤلفات الدكتور غازي القصيبي وكتاب الاقتصاد السعودي قبل الرؤية 2030 وبعدها. وقال صاحب دار أخرى يشارك في المعرض للمرة الأولى إنه فوجئ بنهم السعودي للقراءة، لافتاً إلى أن معرض كتاب الرياض «يأتي في المرتبة الثانية بعد معرض القاهرة مباشرة من ناحية أهميته ومستواه التنظيمي». وأفادت عدد من دور النشر أن بعض الكتب لديها نفد، مشيرة إلى أن الطلب على كتب يعينها لم يتراجع على رغم مرور أشهر من إصدارها.
كتب جديدة
< يحفل معرض الرياض بعدد من الكتب الجديدة، التي شهدت إقبالاً جيداً، ومن هذه الكتب «رجل الشتاء» (دار التنوير ودار طوى) للروائي يحيى امقاسم. ونقرأ في غلاف الرواية التي تعد الثانية بعد «ساق الغراب»: «هنا باريس، وسيروة الحياة فيها، حيث الثقافة وجود، والمرأة حرية شرسة بقدمين، والعلاقات صفقة مؤجلة، والذات تتشظى، والصداقة تجربة مستمرة على تحمل عبء الغفران، والعربي ذاكرة هشة في مواجهة واقع مدوٍّ، والوطن مجاز لا أقر ولا أبعد، والسياسة نرد بيد تجار أسلحة، والمقاهي زمن إضافي بنكهة ملح العالم، والزمن دائماً عند نقطة الصفر، بينما الشوارع كلها هرولة. هنا يحيى امقاسم.. ونتذكر أن بورخيس في الخمسين من عمره سيقلد كاتباً شاباً يدعى كيبلنغ، وقبله سيقلد بودلير ديوان «جاسبار الليل» لألوزيوس بيرتيران. في هذا العمل يحيى امقاسم، كأنه يسأل لِمَ لا أقلد ابن عطاء، العالم العربي، في تجنبه لكل كلمة تحتوي حرف الراء، لأنه ألثغ. ولأن لسانه لا يحول حرف الراء إلى حرف الغين سيبحث عن اللثغ فيما وراء الفردي، في الجماعي، وسيجد أن لثغنا هو السلف من الزمن، وهو جمل الوصل في كلامنا. عندئذٍ سيفكر في محو الماضي لكثرة تحكمه في حاضرنا، وطمس الصلات لوطأتها في تعبيرنا. في هذا العمل يريد لنا أن نعيش (الآن) والمستقبل معاً، عبر (مدينة العالم) كما يسميها. يأخذنا إلى ميلاد اللحظة ونتوقف معه هناك. يشتغل على المشاهدات غير الصائبة، فلربما يصمت التاريخ عن جنايته ولو لمرة. لا نتحرك، فهو يبحث لنا عن مكان مغاير بلغة تستجدي الوقت القائم وما يأتي.
كما صدر للشاعر عبدالله عبيد ديوان جديد بعنوان «كحياة عارية تحت المطر» عن المركز الثقافي العربي، بالتعاون مع نادي الرياض الأدبي. والديوان هو الخامس لعبيد، الذي سيشارك في أمسية شعرية ضمن فعاليات المعرض السبت المقبل. ومن الكتب الجديدة أيضاً «الخميني في فرنسا» (مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية)، والكتاب ينتقد الثورة الخمينية في إيران، ويكشف أسرارها، والتحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي صاحبتها، إضافة إلى الأكاذيب الكبرى في قصة حياة الخميني، ومنها إشكالية نسبه وظروفه المعيشية. ويعتبر الكتاب، الذي صدر حديثاً عن المركز، ذا قيمة نوعية مهمة، بوصفه شهادة مباشرة ورؤية من داخل الحدث الإيراني في المرحلة التي سبقت الثورة بكل ظروفها وملابساتها الداخلية والخارجية، إذ إن مؤلفه كان أحد أفراد النظام الإيراني في عهد الشاه.
كتب مفقودة.. وهواتف
< أكد مسؤول الأمن في مكتب الأمانات بالمعرض أيهم الشمري تلقي المكتب مفقودات ثمينة من زوار يعثرون عليها في أماكن متفرقة من المعرض، مشيرا إلى أنها ثمينة إلى حد «يمكن بيعها والاستفادة من ثمنها»، مرجعاً ذلك إلى حس الأمانة العالي لدى غالبية الزوار. وقال إن الكتب تتصدر أبرز المفقودات في المعرض، تليها الهواتف النقالة، والحقائب، والنظارات، وحقائب الأطفال والساعات، مضيفاً: «يُدون لدينا صاحب المفقودات بياناته وعنوانه ورقم هاتفه، وحال الحصول على المفقودات يتم التواصل معه للحضور في اليوم التالي أو وقت الحصول عليها لتسلمها من مكتب الأمانات». وعن المبالغ المالية التي يفقدها الزائر، أوضح أن مراكز الشرطة الموجودة بالمعرض تتسلمها.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى