محمد فقيه يفتح ‘نافذة على القبائل’ لإثبات وحدة المغرب من خلال التعدد

في كتابه الجديد “نافذة على القبائل المغربية” يعرض محمد فقيه الباحث المغربي في التاريخ والأنساب ما يشبه أن يكون معجما للقبائل المغربية محاولا إثبات الوحدة المغربية من خلال التعدد.

الكتاب الصادر مؤخرا في جزئه الأول، يتوزع على ثلاثة فصول يهتم الأول حديثا تفصيليا في أصول الأمازيغ، ويهتم الثاني بقبائل البرانس، فيما يختص الفصل الثالث بقبائل مصمودة. ويهم حوالي 140 قبيلة مغربية وما يتفرع عنها من بطون.

عن كتابه يقول المؤلف “قررت إصدار ما تمكنت من إعداده وجمعه وتأليفه بعيدا عن أي نزعة تعصبية قبلية، محافظا على روح المواطنة التي تعلو فوق النسب وتفنيدا لكل المزاعم التي تدعو إلى الإثنية”.

واعترف المؤلف ابتداء أن “موضوع القبائل يتسم ببعض الحساسيات، خاصة أن المجتمع المغربي كبقية المجتمعات العربية له اهتمام خاص بالأنساب”.

يقسم فقيه كتابه إلى قسمين، يتناول في الأول القبائل الأصلية المرتبطة بالتراب المغربي، منذ فجر التاريخ، ومعنى ذلك أن المغرب لم يكن أرضا خلاء قبل وفود هجرات أقوام من الشمال والجنوب والشرق عليه.

كما يناقش الكاتب الآراء المتعلقة بأصول السكان الأوائل ومواصفاتهم ودورهم في التاريخ ومساهمتهم في إعمار الأرض وبناء الحضارة الانسانية.

أما القسم الثاني فخصصه للقبائل العربية الوافدة من المشرق والتي دخلت بلاد المغرب عند الفتح وبعده، وكان لها الشرف في تبليغ رسالة الاسلام إلى هذا البلد، وترسيخ عقيدة التوحيد ونشر التعريب بين القبائل، مشيرا إلى أنه بفضل هذا الدين ذاب الجميع في بوتقة الإسلام وظهر من هذا الامتزاج شعب واحد معتز بمغربيته ووطنيته.

ويذهب الكاتب الذي اشتغل أستاذا للتاريخ بمدينة فاس، إلى أن “القبائل المغربية عاشت في ظل الإسلام وطيلة قرون طويلة موحدة ومتمازجة، مما عمق لديها الروح الإسلامية والوطنية، فأصبح من المستحيل في المغرب اليوم أن يدعي أحد الانتماء إلى سلالة ما أو عرق معين بعيدا عن عناصر التمازج والاختلاط الذي تم عبر قرون”.

ينطلق الكاتب من كون الانسان وجد بالمغرب منذ عهود سحيقة حيث يرجع تاريخه إلى 400 ألف سنة اعتمادا على بعض البقايا التي وجدت في الدار البيضاء (شمال)، أو البقايا التي وجدت بنواحي آسفي (وسط) وتعود لحوالي 250 ألف سنة.

ويدافع الكاتب من خلال ذكره لمختلف القبائل المغربية عن فكرة الوحدة رغم التعدد، حيث يشدد على أن “للمغاربة هوية واحدة هي الهوية المغربية، وأن فكرة الإثنية أو الازدواجية في النسيج البشري المغربي هي فكرة ناتجة عن جهل تام بتاريخ المغرب”.

كما أنه لا يستبعد أن تكون “فكرة زرعتها أياد آثمة خارجية فنبتت وترعرعت في نفوس هدفها خلق بلبلة وتشويش في مجتمع عرف عبر تاريخه الطويل والعريق بمتانة روابطه”.

وعرف عن الكاتب اهتمامه الشديد بتتبع الأنساب المغربية بشكل علمي دقيق انطلاقا من البحث التاريخي الذي تخصص فيه.

وقال محمد فقيه إن علم الأنساب ما يزال في حاجة إلى نَسّابة محترفين ودقيقين ونزهاء داعيا الباحثين إلى “مواصلة البحث في المصادر الموزعة هنا وهناك وفي الوثائق والمخطوطات ودراسة قبائلهم ومحيطهم من أجل تسليط الضوء على النقاط الغامضة، والتذكير بالثغرات المنسية من تاريخ الأمة”.

وتأسف المؤلف على انتشار عدد من الدعاوى التي ارتفعت في السنين الأخيرة لتمجيد عرق دون آخر. واصفا إياها بالدعوة المحمومة التي تسعى للتفريق بين المغاربة على أساس لغوي أو عرقي في الوقت الذي يثبت البحث أن المغاربة انصهروا عبر التاريخ في وحدة متجانسة.

و”الأمازيغ” هم مجموعة من الشعوب الأهلية، تسكن المنطقة الممتدة من واحة سيوة (غربي مصر) شرقا، إلى المحيط الأطلسي غرباً، ومن البحر المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوبا.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى