76 دولة تشارك في مهرجان الكاريكاتير العالمي بدمشق
استقبل مهرجان فن الكاريكاتير العالمي في دورته الـ13 الذي تحتضنه حاليا دار الأوبرا السورية بدمشق أعمالا لفنانين من ست وسبعين دولة، وضم المعرض المهدى لروح رسام الكاريكاتير السوري ممتاز البحرة مشاركة المئات من الرسامين الذين ستقوم لجنة التحكيم بتحديد الفائزين منهم خلال فترة انعقاد الدورة التي تستمر عشرة أيام وتنتهي في نهاية شهر مارس الجاري.
وظهرت مواضيع شتى في الرسوم المشاركة في المعرض، كان أهمها الوضع السياسي العالمي الذي حظي بالنصيب الأكبر من المشاركات، حيث برزت ملامح الصراع السياسي الحالي في العالم وانعكاسات ذلك على حياة المواطنين في العديد من الدول، كما برزت رسومات تعنى بالشأن الاجتماعي اليومي، مظهرة صعوبة وقسوة حياة البعض في ظل سطوة سياسات العولمة والحروب العسكرية والمصلحية التي يعيشها العالم الآن.
ويقول رسام الكاريكاتير السوري رائد خليل، وهو أيضا صاحب فكرة المهرجان والمشرف العام عليه، “كعادته، المعرض يتجه نحو رسامي الكاريكاتير في العالم في أوسع مدى، فهو يستقبل أعمال الجميع في محاولة لكسر حاجز الجغرافيا، فالإبداع يلغي هذا الحاجز، ويغدو الفن هو الهدف الوحيد، لذلك نجد أن المعرض جذب المئات من الفنانين من عشرات الدول، وهو الأمر الذي يعد نقطة التوهج الكبرى فيه، وقد حاول المعرض أن يقدم رؤى مختلفة عن عالم معيش، وهو يحاول أن يوجد مساحة ما للحوار من خلال فن الكاريكاتير”.
وعن سبب إطلاق اسم الفنان السوري الراحل ممتاز البحرة على الدورة الثالثة عشرة الحالية من المهرجان، قال خليل “هي لحظة وفاء له، البحرة فنان كبير، تأثرنا به وتعلمنا على يديه، فقد قدم للفن السوري الكثير في (مجالَيْ) الكاريكاتير ورسوم الأطفال، وقد نشرت رسوماته تكريما له في موقع الكاريكاتير السوري، وكان تفاعل الجمهور كبيرا، وصلت إلينا الكثير من الآراء التي أثنت على الفكرة ورحبت بها”.
يذكر أن الفنان السوري ممتاز البحرة رحل قبل أشهر في عزلة، بعد عمر مديد قارب الثمانين عاما، وكان البحرة أهم رسامي الكاريكاتير في سوريا وصاحب ريادة وبصمة متفردة في الرسوم المدرسية وكذلك المخصصة للأطفال.
ودرس البحرة الفنون الجميلة في القاهرة خلال سنوات الوحدة السورية المصرية، وبسبب الانفصال لم تُتَح له متابعة الدراسة في القاهرة، فأكمل دراسته بدمشق، وهو من أوائل خريجي كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، وعمل مدرسا في محافظة الحسكة في الشمال الشرقي السوري، ثم تفرغ للرسم، وبدأ يرسم الكاريكاتير بأسلوب ساخر وناقد، معتمدا رسومات مرافقة للمواد الصحافية المتنوعة في العديد من المجلات والصحف، منها جريدة “الصرخة” السورية ومجلة “الجندي” وصحيفة “الطليعي”، وهي الفترة التي تصدى فيها لبعض الممارسات السياسية في سوريا في أوائل ستينات القرن العشرين، مما جعله في مواجهة مع الحكومة وقد صدر بحقه حكم بالإعدام آنذاك، لكن المتغيرات السياسية الكبيرة والسريعة حينذاك أنقذته، فعاد إلى الرسم الساخر مجددا، ثم تركه لاحقا لأسباب تتعلق بالرقابة ولم يعد إليه مطلقا.
وكان الراحل من أكبر المساهمين بالرسم في مجلة “أسامة” الشهيرة المخصصة للطفل العربي، والتي أصدرتها وزارة الثقافة السورية في بداية سبعينات القرن العشرين، وكان أول رئيس تحرير لها المسرحي السوري الراحل سعدالله ونوس.
وعمل الراحل أيضا في حقل التعليم رساما لشخصيات المناهج الرسمية الحكومية، وفيها رسم المئات من المواضيع والشخصيات العربية والإسلامية الشهيرة، واستمر في عمله هذا مدة ثلاثين عاما، وتحديدا من عام 1972 حتى عام 2002، وهو من أوجد شخصيات باسم ورباب وماجد وسندباد، وكان من مؤسسي مجلتي “أسامة” و”سامر”.
وجاء تكريم الفنان ممتاز البحرة ليعيد الذاكرة إلى فنان كبير، لم ينل حظا من الاحتفاء المستحق، حيث قام فنانان سوريان سابقا هما موفق قات ومحسن شركس، بإهدائه معرضهما المشترك قبل سنوات، وكتبا حينذاك “إلى الفنان المعلم ممتاز البحرة”، تحيةَ حبٍ وتقدير لمكانته الفنية والإنسانية في الوسط التشكيلي السوري.
(العرب)