لعبة إيرادات الأفلام تثير غضب السينمائيين في مصر

سارة  محمد

رغم ما تشهده السينما المصرية حاليا من رواج كمي ونوعي، فإن القطاع لا يخلو من مشكلات، وهي مسألة طبيعية ومفهومة، في وقت تسعى فيه جهات عديدة إلى إعادة الاعتبار للسينما بوصفها إحدى أدوات القوة الناعمة المصرية.

التخبط الذي عاشته دور العرض السينمائية خلال السنوات الماضية تم تجاوز أجزاء منه، لكن ما زالت ذيوله تحلق على بعض مكونات العملية الإنتاجية للسينما، وفي مقدمتها تزايد الشكاوى من تعرض بعض الأفلام لظلم واضح بسبب سحبها من دور السينما بعد عرضها بأيام قليلة.

ولم يكن الموسم السينمائي الحالي الوحيد الذي فرض هذا المشهد على الساحة، فهناك أفلام حملت أسماء نجوم وكتاب كبار تم سحبها من دور العرض السينمائية عقب عرضها بفترة لا تتجاوز خمسة أيام، بدعوى أنها لم تحقق أرباحا مناسبة، بينما تظل أعمال أخرى متصدرة المشهد لمدة زمنية طويلة رغم أنها دون المستوى ولم تحقق عائدات مادية جيدة، وتستمر لمجرد أنها تحمل أسماء منتجين وأصحاب دور عرض سينمائية معينة.

وعملية الترويج السينمائي لزيادة إقبال الجمهور لها أشكال عدة، وصلت إلى حد قيام بعض المنتجين بتخصيص عدد من العاملين معهم للوقوف أمام دور العرض والترويج لأفلامهم بطريقة تجذب انتباه الناس باستخدام وسائل بصرية وألعاب جذابة أو بالإقناع المباشر، كما يفعل عادة مسؤولو التسويق عن أي سلعة لترويجها.
المشهد تجلى بشكل صارخ مؤخرا، كاشفا أكذوبة الإيرادات الضخمة التي يزعم صناع الأفلام أن أفلامهم حققتها مع رفع لافتة “كامل العدد” على دور العرض رغم أن مقاعد هذه الدور تكاد تكون خالية، لكن وجود اللافتة أمام شباك التذاكر يوحي بزيادة الإقبال وبأن الفيلم جذاب.

وظهرت هذه المسألة مع فيلم “آخر ديك في مصر”، بطولة الفنان محمد رمضان؛ إذ رغم أن عددا كبيرا من النقاد رأوا أنه تجربة ضعيفة ولم يكن الإقبال عليه مكثّفا، فقد ظل بدور العرض على مدار شهرين أملا في تحقيق إيرادات ضخمة كعادة أفلام رمضان.

وقال بعض النقاد إن اقتناع أصحاب دور العرض بعودة منتج كبير مثل كامل أبوعلي في شراكة مع رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة لإنتاج هذا الفيلم، دفع أصحاب دور العرض إلى الرهان على فيلم محمد رمضان واستمرار عرضه لفترة زمنية طويلة، لكن رهانهم خسر.

الأمر ذاته حدث مع فيلم “القرموطي” الجديد لبطله أحمد آدم ومنتجه أحمد السبكي، والذي ظل معروضا لنحو شهرين ولم يتمكن من جذب قطاع كبير من الجمهور إليه، وعرض دون أن يشعر به كثيرون.

في المقابل تعرضت بعض الأفلام التي حظيت بإقبال مكثف لظلم شديد، عندما جرى رفعها من دور العرض بعد وقت قصير، مثل فيلم “يوم من الأيام” الذي أعاد المنتج حسين القلا بعد اختفائه لنحو عشر سنوات، والأدهى أن دور عرض الفيلم خصصت الفترة الصباحية لعرضه، وكأن هناك من يريد قتله معنويا وحرمان عدد كبير من جمهور المساء والسهرة من المشاهدة.

وتم سحب فيلم “يا تهدي يا تعدي” بطولة آيتن عامر ومحمد شاهين بعد مرور ثلاثة أيام فقط على عرضه في القاهرة، وبقي لمدة محدودة في سينمات أخرى في أماكن بعيدة.

ويقارن البعض ما يحدث حاليا مع الممثلين والممثلات من جيل الشباب، بما جرى من قبل مع محمد هنيدي وأحمد السقا وأحمد حلمي ومنى زكي ومنة شلبي وغادة عادل، فقد كانت أفلامهم تمكث وقتا طويلا عن اقتناع بأنهم سيكونون نجوم المستقبل.

وقد أكد المنتج والمخرج السينمائي شريف مندور أنه من الصعب أن تستغني دار عرض عن فيلم ناجح لديها يحقق لها إيرادات ضخمة حتى لو كان مالك دور العرض منتجا لفيلم قليل الإيرادات، لأن المهم المكسب الذي يحققه من عمل ناجح، خاصة أن دور العرض هي الوحيدة التي تقوم بدفع الضرائب يوميا، على عكس أي جهة أخرى في الدولة.

واعترف مندور، وهو عضو غرفة صناعة السينما، لـ”العرب” بأن هناك بالفعل أفلاما تعرضت لظلم واضح خلال عرضها ولم تأخذ حقها في المشاهدة، مشيرا إلى أن الحل الأمثل في الأزمة هو عودة نظام “الهولد أوفر” الذي يعطي حدا أدنى لاستمرار الفيلم بدور العرض، وتقاس هذه المسألة بتحقيق الفيلم 20 بالمئة من إجمالي مقاعد العرض، بما يعادل 600 مقعد في أصغر قاعة عرض في دور العرض الكبرى التي تمتلك أكثر من قاعة.

وألمح مندور إلى أن هذا النظام يتيح لمنتج العمل فرصة شراء ثمن المقاعد الشاغرة في القاعة الصغيرة لضمان استمرار عرض الفيلم فترةً أطول بدور العرض السينمائية، ويحمي المنتج الفرد من نفوذ المنتجين الكبار ويمنع ضياع الحقوق.

وعن مسار عودة نظام “الهولد أوفر” وإمكانية تطبيقه في موسم أفلام الربيع الحالي، أشار إلى أن المشروع تتم دراسته في غرفة صناعة السينما. ورغم أن الموسم الحالي لا يحمل أسماء نجوم كبار، فإنه سوف ينتصر في النهاية لبعض الأعمال التي دخلت في منافسة مع الفيلم الأجنبي الذي لن يكون بديلا عن نظيره المصري.

وعبّر حسين القلا منتج فيلم “يوم من الأيام” عن حزنه الشديد من واقعة سحب فيلمه من دور العرض السينمائية بحجة أنه لم يحقق أرباحا.

وكشف في تصريحات خاصة لـ”العرب” أنه اتفق مع الشركة الموزعة على طرح أربعين نسخة في 40 دار عرض سينمائية، ومنذ اليوم الأول من طرح الفيلم بحث عنه الجمهور ولم يجده، ثم فوجئ بسحب الفيلم بعد ذلك بأيام قليلة بحجة عدم تحقيق إيرادات في وقت كانت تعرض أفلام طرحت قبله بنحو 3 أشهر.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى