نزيه منصور يكتب عن أميركا

مع انتهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وزوال الاتحاد السوفياتي كأحد قطبي هذا العالم، هيمنت الولايات المتحدة الأميركية على المجتمع الدولي، بما فيه المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وأجهزتها المتفرعة عنها. هكذا أصبحث اللاعب الأوحد على المسرح الدولي مستثمرة كلّ التطورات العلمية والبحثية والتقنية، واضعةً التشريعات التي تزيد من هيمنتها، مثل الاتفاقات والمعاهدات الدولية. وانطلاقاً من أهمية هذا الدور الذي تلعبه أميركا في إدارة العالم والعمل الدائم على إحكام سيطرتها عليه، يُقدّم الباحث والنائب السابق في البرلمان اللبناني نزيه علي منصور كتابه بعنوان «الولايات المتحدة الاميركية ومواجهة الأزمات الدولية في ضوء القانون الدولي» (منشورات الحلبي الحقوقية).
ينقسم الكتاب إلى قسمين هما: «بروز الولايات المتحدة على الصعيد الدولي»، «دور الولايات المتحدة في مواجهة الأزمات»، وفي كلّ منهما خمسة فصول تتوزّع بدورها على مباحث ترصد نشأة الولايات المتحدة واستقلالها، وصولاً إلى مشاركتها في الحرب العالمية الأولى والتحولات التي طرأت عليها بعد الحرب العالمية الثانية وامتلاكها شعوراً بأنّها باتت تقود العالم، بالإضافة إلى إنشائها الأمم المتحدة وعصبة الأمم وإمضاء اتفاقات تصون دورها المركزي في العالم، وإبراز تجاوزاتها الدولية وسعيها الى تهميش القوانين العامة وعدم اكتراثها بسيادة الدول واستقلالها وحرية الأفراد أو الجماعات فيها، مستنداً إلى وقائع منذ إبادة الشعوب الأصلية (الهنود الحمر) إلى إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما ونياكازاكي، وصولاً إلى بناء سجن بو غريب، معتقل غوانتنامو، ثمّ غزو العراق، والتدخل في قضايا كوسوفو والصومال وليبيا…
يستعرض المؤلف إذاً واقع الولايات المتحدة وفقاً لتسلسل تاريخي ودستوري وقانوني علاقتها بالقارة الأميركية واشتراكها في الحربين العالميتين، وانقسام العالم إلى معسكرين وانهيار المعسكر الاشتراكي واستفراد الولايات المتحدة بالسلطة العالمية، ودورها في مواجهة الأزمات العالمية عامة، وفي العالم العربي خاصة… والجديد في نتائج هذا الموضوع هو التوصيات والاقتراحات وإدخال التعديلات على المنظمة الدولية ومؤسساتها وأجهزتها، وتشجيع الدول النانية والمتخلفة على التكتّل في ما بينها على أسس من الديموقراطية وحقوق الإنسان والمصالح الاقتصادية للحدّ من هيمنة الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمركية.
يقول الباحث والأكاديمي محمد المجذوب في تقديمه للكتاب: «قدّم نزيه منصور صورة واضحة ومعبّرة عن هذه الدولة التي نشأت في أحضان المقاومة والكفاح ضدّ المستعمرين وانتهت بتبنّي عقيدتهم الاستعمارية وتقليد أساليبهم الوحشية. فالمغلوب كما قال ابن خلدون مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيّه ونحته وسائر أحواله»…

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى