منتدى الفجيرة الرمضاني يناقش تأثيرات ‘التواصل الاجتماعي’ على الأسرة

نظمت جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية مساء الأربعاء، أمسيتها الثانية بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، والتي تأتي ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمنتدى الفجيرة الرمضاني، تحت رعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة.

وتضمنت الأمسية ندوة حوارية نسائية بعنوان “شبكات التواصل الاجتماعي.. اتصال أم انعزال؟”، وتحدث في الندوة كل من: الدكتورة مريم اليماحي، وفاطمة الشاعر، وشيخة الكعبي، بإدارة فاخرة داغر، وذلك في مجلس السيد محمد علي الملا بالفجيرة.

وناقشت الندوة عدداً من المحاور، دارت حول أثر مواقع التواصل الاجتماعي في دعم وزعزعة التماسك والتواصل الأسري، وما لذلك من أثر في إحداث نقلة نوعية فكرية إيجابية أو سلبية، تسهم في إبراز مدى قوة العلاقات بين الأفراد في المجتمع، كما سلطت الندوة الضوء حول التغيرات الزمنية لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي بين الماضي والحاضر، مؤكدة على أن الاستعانة بهذه الشبكات كان له الأثر الإيجابي قديماً والذي اتخذ منحى سلبيا مع تقدم التكنولوجيا وتطور الحياة المعيشية وتغير الفكر وتعصبه، وغير ذلك.

كما أشار المتحدثون إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي وإن كانت لها من الإيجابيات الكثير، إلا أنها أضحت وسيلة للتباعد والتنافر والاستقلال السلبي خاصة للأبناء، مشيرين إلى ضرورة اتخاذ أولياء الأمور التدابير اللازمة لحماية أبنائهم من الانجراف في هذه الدوامة ذات التأثير الكبير والقوي على حياتهم الاجتماعية والنفسية.

وأشارت عضو مجلس إدارة الجمعية ورئيس قسم الأنشطة والفعاليات بالجمعية، فاخرة داغر في بداية الندوة، إلى أن التواصل عبر الشبكات الاجتماعية قديماً كان بغرض التسلية والفضول وحب المعرفة والاطلاع، فلم يكن المجتمع منفتحاً بالقدر الذي يمكن أن تؤثر فيه هذه الشبكات سلبياً، وإن أثرت فيكون مستوى التأثير بنسب قليلة إن وجدت، بينما واقع الحال في العصر الحديث فقد أصبحت هذه الشبكات وسيلة لتغذية الروح واكتشاف الثقافات الأخرى، إضافة إلى التجارة والتسويق وإشباع الحاجات بعًامة، ما أدى إلى اعتبار الشبكات موطناً متكاملاً يقيم فيه الأبناء لفترات طويلة إن لم تكن على مدار اليوم.

واختتمت داغر حديثها مؤكدة بـ “أننا نحتاج لثقافة التواصل الاجتماعي وأولها التقبل، أي تقبل ما تجول به خواطر أبنائنا والاستماع إليهم وتوجيههم ومتابعتهم والابتعاد عن مبدأ الرقابة الذي يعد واحداً من الوسائل التي تسهم في تعصب الأبناء لآرائهم، واتخاذ طرق أخرى لاستخدام هذه الشبكات بدافع الفضول الناتج عن الرفض”، وأضافت بأننا بحاجة أيضاً لتأسيس أبنائنا منذ الصغر بتوجيههم نحو الصواب واحتوائهم ومعرفة احتياجاتهم وتلبيتها بشكل إيجابي.

من جهتها، أكدت المحاضرة في جامعة الشارقة، فاطمة الشاعر، تعددية أسباب استعانة الأبناء بشبكات التواصل الاجتماعي والتي منها: ابتعاد الوالدين عن الأبناء وإهمالهم، وعدم قدرة بعض الأبناء بحكم العادات الاجتماعية على التواصل الخارجي مع الأصدقاء والرفاق فيلجأون بالتالي إلى التعرف على أصدقاء افتراضيين في هذه الشبكات، كما أنها وسيلة للتبضّع والتسوق وتلبية الاحتياجات، فقد أصبحت الشبكات تضم كافة احتياجات الأفراد مما يزيد من تمسك الأبناء بها.

وأضافت الشاعر، بأن انجراف الشباب نحو بعض الشخصيات المعروفة في مواقع التواصل الاجتماعي (المشاهير)، كان له الأثر السلبي من ناحية التقليد الأعمى لهذه الشخصيات واعتبارها قدوة، أدى ذلك إلى مطالبة الأبناء الأهالي بالحصول على مبالغ لتفعيل خدمات الإنترنت للتواصل مع هذه الشخصيات والذي بموجبه أثّر على الناحية المادية والاستقرار المالي.

وقالت الشاعر: “لا بد من إعطاء الأبناء الثقة بأنهم قادرون على تحديد الصواب من الخطأ، فالأهل هم من يتحكمون في ذلك بتواصلهم الدائم ومتابعتهم المستمرة، فللشبكات أيضاً إيجابيات منها التواصل مع الأهل والأقرباء الذين يعيشون في مناطق ودول أخرى، وتحديد الإيجابيات والسلبيات كلٌّ على حِدة يسهم في تحقيق التوازن الفكري لدى الأبناء”.

من ناحية أخرى، قالت ضابط مدير فرع توعية المجتمع بقسم الشرطة المجتمعية بالقيادة العامة لشرطة الفجيرة، شيخة الكعبي: “الأساس في غرس القيم لدى الأبناء هم الوالدين، فلا بد من تعزيز القيم فيهم حول كيفية التعامل مع هذه الشبكات، وقد حرصت الجهات المعنية في الدولة على حظر المواقع غير اللائقة، إلا أن هناك بعضها يكون عرضياً ناتجاً عن الاختراق الإلكتروني وما إلى ذلك، فهنا جاءت الحاجة إلى تكثيف دور الأسرة في تربية الأبناء فكرياً بمتابعتهم بالشكل الصحيح، والبعد عن أسلوب المنع، الذي يؤدي إلى لجوء الأبناء لطرق أخرى سلبية لاستخدام الشبكات بداعي الفضول من سبب المنع والاعتراض، فلا بد من إعطاء الأبناء الثقة وتعزيز الإيجابيات لديهم، لتفادي وصولهم إلى مرحلة التعصب”.

وتطرقت الدكتورة مريم اليماحي مدير عام مؤسسة الدرر للتطوير الإداري وتنظيم الأعمال بالفجيرة، إلى واقع الحال بين الماضي والحاضر، مشيرةً إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي كانت سابقاً إيجابية وسلمية، والآن أصبح الأبناء يستخدمونها بشكل مبالغ فيه، مما يؤثر في صحة الفكر والتركيز وقتل الجانب الإبداعي للأبناء أي البحث والتحري، فكان لا بد من تنشئة عقلية الطفل بشكل صحيح والإشراف والمتابعة وليس المراقبة ذات الناتج السلبي، ومن الضروري وجود شفافية في التعامل بين الأهالي والأبناء، وزرع الثقة فيهم لحمايتهم من أثر الشبكات السلبي.

وجاءت الخلاصة من الندوة لتشير وتؤكد على أن الاهتمام والاحتواء هو أساس نشر الفكر الإيجابي، وأن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تحدد شخصية الطفل وتربيته كذلك، حيث إن التربية وسط أجواء أسرية مستقرة لها الأثر الإيجابي في شخصية الطفل في الكبر، وأكد الحضور على أهمية تعليم الطفل أن الخطأ قابل للتصحيح وتقبل أخطائه، وعدم زرع الشعور بالذنب في نفسه لكي لا يكون شخصية منقادة، مع ضرورة حماية الأبناء من كل فكر متطرف.

وحول أهمية عقد مثل هذه الندوات، قالت نائب رئيس جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، ورئيس مبادرة واحة حواء، صابرين اليماحي: “تأتي أهمية هذه الندوة، في التركيز على ما توصل إليه المجتمع، من فقد قيمة التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، وانشغال الأبناء بالشبكات الاجتماعية منذ صغرهم، فكان لا بد من تسليط الضوء حول ضرورة فتح الآفاق لدى الأهالي بكيفية التعامل الصحيح لأبنائهم مع هذه الشبكات، وكيفية جعل هذه الأداة إيجابية تؤدي غرضها المطلوب منها سواء للابن أو حتى لأولياء الأمور، وزرع الوطنية داخل الأبناء ليتمكنوا من التفريق بين الأفكار الغريبة على مجتماعتنا ووطنيتنا، وبين الذي يمكن له أن يكتسبه منها والذي يمكن أن يفيده ويفيد وطنه، وبين ما يرفضه وطنه ومجتمعه، وذلك بأن يقوم الشخص بتوجيه وطنيته تجاه الأشياء الإيجابية، فهناك ما يؤثر على أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم وهويتهم الوطنية، فزرع الوطنية في الطفل من الأسرة سيجعله في صحة تامة من الانقياد لهذه الأشياء”.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى