رواية حالات عاشها جيل عراقي كامل

لا تقوم رواية “السقشخي” للكاتب العراقي علي لفته سعيد، على موضوع واحد، ولا تهدف إلى إيصال ثيمة محددة للقارئ، إذ هي قابلة لتأويلات متعددة.

يشير عنوان الرواية إلى المكان، وهو بلدة “سوق الشيوخ” بمحافظة الناصرية جنوب العراق، كما يشير مجازاً، حسب رأي البعض، إلى أنه مكان يخصص في مدخل بيوت البلدة لتداول الشعر وقرضه، وهو أشبه بديوان أو صالون ثقافي يحتوي على مكتبة لدواوين الشعر الشعبي.

الرواية، الصادرة حديثا عن دار الفؤاد في القاهرة، تجربة سردية يهيمن عليها وصف لحالات عاشها جيل كامل، إذ تكشف عما صادفه الإنسان من معاناة دالة على قسوة الحكم والتاريخ والواقع الحاضر المتأثر بكل ما جرى في الماضي، كما تكشف عن ظلامية المستقبل لدى الإنسان العراقي.

من خلال الرواية يمكن أن نقر أنه ربما يجد الإنسان في طريقه هذا الاحتشاد من المعاناة التي لا تجعله يتقدّم خطوة إلى الأمام دون مزاحمة الخوف، مثلما هي محاولة لكشف قدرة الحب على صناعة الحياة، وقدرة الجمال على مدّ الديمومة للقلب والعقل معا.

فالحب يواجه الحروب والقسوة مثلما يواجه الخيانات العديدة التي تبدأ من الدواخل الإنسانية والمجتمعية ومن ثم المحيط والعالم، حتى أضحى هذا الإنسان المستل من فضاء اسمه الجنوب العراقي، وبلدة قديمة فيه اسمها “سوق الشيوخ”، على مقربة من “أور” السومرية، التي تتمتع بخاصية عجيبة هي أن أغلب بيوتها الأصيلة تضع في مدخلها “سقشخي”.

ربما هي مكان واقعي، لكنه هنا افتراضي لتقريب الواقع. وربما الراوي في الرواية وبقية الشخوص هم افتراضيون أيضا، لكنهم واقعيون بحكم كل الوقائع التي يصادفها الإنسان من محن السلطة والطغيان والاحتلال والحظ العاثر والقدر المحكوم بالظن والشك والخوف والهلع.

أينما يذهب هذا الإنسان العربي العراقي الجنوبي تصادفه المشاكل، وهو الذي يبحث عن الحب والجمال بموازاة قدرة الفن

والحرف على صناعة كل ما يمكّنه من مواجهة آلات الحرب والدسائس والمخططات، والعالم يمكنه أن يعيش في الجمال والسلام لو انتبه الجميع إلى أن كل موجود هو من أجله، لا من أجل فئة معينة تمتلك القوة، أو التي تبحث عن القوة لتتسيد ولو على حساب الناس.

يُذكر أن الكاتب علي لفته سعيد سبق أن أصدر أربع روايات، وخمس مجاميع قصصية، وثلاث مجموعات شعرية، ومسرحية في فصل واحد.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى