«نور الشكل» … أعمال من 7 دول تعكس بأضوائها أجواء رمضان

ياسر سلطان

يستضيف قصر الفنون في القاهرة حالياً الدورة الثالثة لمعرض «نور الشكل»، وهو من أهم العروض الجماعية التي أقيمت أخيراً في مصر.
يقدم «نور الشكل» نموذجاً مختلفاً للمعالجات البصرية المستوحاة من واحدة من أهم المفردات المرتبطة بشهر رمضان، إذ تبنى النور ثيمة مشتركة بين الأعمال واعتمد في بنيته على الممارسات المعاصرة بعيداً من العروض التقليدية. يضم المعرض أعمالاً لفنانين من مصر والإمارات وسورية وهنغاريا والسنغال وتونس وإسبانيا.
انطلقت الدورة الأولى عام 2004، وأقيمت الدورة الثانية في العام التالي ليتوقف المشروع بعدها لأسباب إدارية كما يقول الفنان محمد أبو النجا. ويأتي «نور الشكل» في دورته الحالية بعد سنوات مليئة بالتحولات التي طرأت على الساحة الفنية المصرية، ومنها ضخ دماء جديدة أكسبت الممارسات البصرية المعاصرة مساحة أرحب، فتنوعت لتشمل صياغات متعددة للعمل البصري.
وتبدو أهمية تلك العروض ذات الثيمة المشتركة في كونها تتيح الفرصة أمام المشاهد للتأمل في صياغات ومعالجات بصرية كثيرة لعنصر واحد، كما تتيح التواصل بين الأجيال والخبرات المختلفة للفنانين من خلال اللقاء والعمل المشترك عبر مساحات متجاورة وثيمات مشتركة. والنور هنا هو عنصر مثير للاهتمام يحمل دلالاته الروحية المباشرة وغير المباشرة، ويستدعي مشاعر البهجة والسكينة والاحتفال ويقارب حالة الخشوع والوجد والتوحد مع الكون، إضافة إلى كونه يعكس حالة الاحتفاء بشهر رمضان، فهو أحد تجلياته ومرادفاته البصرية البارزة.
ويبدو توظيف الضوء كعنصر بصري في العمل الفني موحياً ومثيراً لقريحة الفنان، فالعامل هنا لا يكمن في الضوء كمفردة مستقلة بذاتها بل في تناغم هذه المفردة مع الشكل والفراغ من حولها، أي العنصر المادي الذي يحويها أو يحيط بها. الظل هنا أيضاً يمثل عنصراً رئيسياً في بنية العمل وهو المقابل للضوء في اشتباكه مع الشكل والفراغ، وعليه فلا بد من أن يتحقق ذلك التناغم بين العناصر الثلاثة من دون أن يكون أي من هذه العناصر مقحماً على العمل، أو بمعنى آخر أن يكون كل منها جزءاً أصيلاً من تركيبة العمل وفكرته.
ضمَّ «نور الشكل» أكثر من 40 عملاً بين التجهيز والفيديو والعروض الأدائية والفوتوغرافيا. هو عدد لا بأس به من الأعمال لا بد من أن تتباين خلاله المعالجات البصرية لثيمة العرض بين النأي والاقتراب من المفهوم في تجلياته المباشرة وغير المباشرة. في جانب من الأعمال المشاركة، مثّل الضوء عنصراً ديكورياً ليس أكثر في بنية العمل فبدا مقحماً وفجاً في كثير من الأحيان، فلا تجد على سبيل المثال فارقاً بين حضوره وغيابه. وعلى الجانب الآخر، معالجات بدت أكثر استيعاباً للفكرة في توظيفها الضوء رغم وقوع بعضها في فخ الاستسهال تجنباً للكلفة الزائدة. فالخامات والوسائط المستخدمة في مثل هذه الأعمال، ومعظمها أعمال تجهيزية ومستهلكة، أصبحت باهظة الثمن، وهو الأمر الذي يضيف عبئاً على كاهل الفنان قد يدفعه إلى التحايل على الأمر باستعمال خامات أو أدوات رديئة أو غير مناسبة. وهو أمر بات يؤرق الكثير من الفنانين خصوصاً أصحاب الممارسات المعاصرة، ما يستدعي تدخلاً أكثر إيجابية من المؤسسة الرسمية للحيلولة دون تدهور تلك الممارسات. ففي الوقت الذي تراجع فيه دور المؤسسات المستقلة المعنية بهذا النوع من الممارسة الفنية تحت ضغط القوانين الأخيرة المكبلة لنشاطات الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بدت مساهمة المؤسسة الرسمية ممثلة في قطاع الفنون، وهي الجهة المعنية بدعم الفنون البصرية، هزيلة ومن دون الاستناد إلى خطة واضحة لتعويض هذا التراجع وشح الدعم والموارد.
كل ما قدمه هذا القطاع في سبيل تنظيم معرض «نور الشكل» على سبيل المثال هو تقديم المكان فقط، ولم تكن هناك مساهمة أخرى خلافاً لذلك سوى تبرعه بطباعة الكتالوغ. ولا شك في أن الدعم المادي صار ضرورة للحيلولة دون تردي مستويات تلك الأعمال الفنية البصرية ولتشجيع أصحابها، بدلاً من الرضوخ لمتطلبات السوق أو البحث عن مسارات أخرى للاستمرار.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى