الغُرَاْبُ الزَّاجِلُ ..للشاعر حيدر محمد هوري

(أن تغترب .. يعني أن تعيش الموت في أكثر اللحظات سعادة وأكثرها حزنا وبؤساً … )

( يَبْكِيْ الغَرِيْبُ عَلَىْ الشَّوَاطِئِ)،

مِثْلَمَاْ طِفْلٌ
يُعَاْتِبُ ظِلَّهُ فِيْ الَّليْلِ:
يَاْ ظِلِّي الصَّدِيْقَ تَرَكْتَنِيْ،
أَمْ خَاْنَتِ الشَّمْسُ الحَقُوْدَةُ
وَجْهَكَ الْمَنْقُوْشَ
سِرَّاً فِيْ غِيَاْبِيْ.
فِيْ الأَبْجَدِيّةِ شُرْفَةٌ مَرْصُودَةٌ،
يَأْوِيْ إِلَيْهَا مُثْقَلَاً
بِالْأَمْسِ مَنْ يَجْنِي عَلَىْ تَعَبٍ
تَفَاصِيلَ الشَّوَاْرِعِ،
و الحَكَاْيَاْ،
والبِلَاْدِ
فَكُلُّهَاْ صَاْرتْ حَكَاْياْ /
كُلّنَا صِرْنَا انكِسَارَ الْوَقْتِ
فِيْ صَوْتِ الحَقِيْقَةِ..
كُلُّنَاْ الآَنَ اشتِهَاْءُ المَوْتِ
في نَفَسِ التُّرَاْبِ
(يَبْكِيْ الغَرِيبُ عَلَىْ الرَّسَائلِ)،

بَيْنَمَاْ يَنْأَى ْالحَمَاْمُ عَنِ المَنَازلِ
خَاْئِفَاً مِنْ أَنْ يُرَىْ..
عَسَسُ الخَلِيْفَةِ فِيْ البِلَادِ
سَيَنْتِفُ الرِّيْشَ الَّذِيْ تَعِبَتْ أَنَاْمِلُ أمّهِ
فِيْ غَزْلِهِ لَيْلاً
عَلَىْ ضَوْءِ الهِلَالِ..
لَرُبَّمَاْ أَضْحَتْ زَوَاجلُنَا الغُرَابَ،
فَمُنْذُ أَمْسِ الْقَتْلِ عَلَّمَنَاْ الغُرَاْبُ،
كِنَايَةَ المَوْتَى وقَامُوسَ الخَرَاْبِ.
(يَبْكِيْ الغَرِيْبُ عَلَىْ المَقَابِرِ)،

حَاْئِرَاً..
هَلْ يُفْضَحُ القَتْلى إِذَاْ صَاْرُوا مَرَاْثِيْ فِيْ قَصَاْئِدِناْ
ولكِنَّ المَعَاِبدَ
والشَّوَارِعَ
والحَدَائِقَ
والمَقَابِرَ والصَّوَامِعَ
كُلّهَا صَاْرَتْ تُجِيْدُ الشَّعْرَ فِيْ القَتْلَىْ الّذِيْنَ
تَسَاقَطُوا كَالزَّهْرِ عَنْ شَجَرِيْ
وَعَنْ لُغَةِ الغُرَاْبِ.
(يَبْكِيْ الغَرِيبُ عَلَىْ الحَدَاْئِقِ)،

كُلَّمَاْ مَرَّتْ بِهِ الأُنْثَىْ خَيَاْلَاً،
فَالْحَقِيْقَةُ دَمْعَةٌ غَصَّتْ بِهَاْ الأُنْثَى الّتِيْ
يَخْبُو الحَبِيْبُ كَوَمْضَةِ البَرْقِ السَّرِيْعِ
عَلَىْ بَيَاْضِ زُهُوْرِهَاْ،
فَيَسِيْرُ فِيْ دَمِهَاْ الحَنِيْنُ،
كَأَنَّهُ الأَعْمَىْ..
عَصَاْهُ فَجِيْعَةُ الأَطْلَاْلِ.
حَتَّىْ أَسْتَطِيْعَ الحُبَّ يَنْقُصُنِيْ اﻟﻤَﺠَاْزُ
لِأَسْتُرَ الرّعشَاْتِ فِيْ الأَيْدِيْ الّتِيْ فَقدَتْ بَلَاْغَتَهَاْ
لِيَأْلَفَنِيْ فُؤَاْدُ حَبِيْبَةٍ رَسَمَتْ هُنَاْ
مِنْ طُهْرِ دَمْعَتها سَرَاْبِيْ .

كَتَفَتّحِ الأَزْهَاْرِ تَغْدُو فِيْ يَدِيْ هَذِيْ الجِرَاْحُ
تَبُوْحُ عِطْرَاً كُلَّمَاْ لَاْحَتْ عَلَىْ الأَبْوَاْبِ
ــــ مَاْ سَقَطَتْ عَلَىْ العَتَبَاْتِ هَمْسَاً خَاْفِتَاً ــــ
شَمْسُ الإِيَاْبِ
(يَبْكِيْ الغَرِيْبُ عَلَىْ البُكَاْءِ)،

كَأَنّه امرَأةٌ تكِيْدُ لَهُ المَكَاْئدَ
دَاْئِمَاً كَالذِّكرَيَاْتِ
لِيَرْتَقِيْ جُرْحَ الْبِلَاْدِ،
إِذَاْ تَهَاْوَى مَرَّةً رَجُلٌ أَمَاْمَ الدَّمْعِ،
حَتَّىْ تَنْتَشِيْ
أُنْثَىْ المَشَاْعِرِ بِاضْطِرَاْبِيْ.

( يَبْكِيْ الغَرِيْبُ عَلَىْ النَّوَاْرِسِ )،

والسَّمَاءُ تُبَعْثِرُ النَّاْيَاْتِ فِيْ صَوْتِيْ.
كَأَنّ الرِّيْحَ مَاْضِيْنَا اليَتِيْمُ،
وَلَاْ نُجِيْدُ سِوَاْهُ
قُرْبَ شَوَاْطِئٍ
عَقَرَتْ تَمَاْمَ الْمَوْجِ فِيْ لُغَتِيْ
لِيَكْتَمِلَ اغتِرَاْبِيْ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى