أرمنت مدينة التاريخ … خارج خريطة الأقصر السياحية

حجاج سلامة

إذا زرتَ يوماً مدينة الأقصر السياحية في جنوب مصر وذهبت في رحلة نيلية بين إسنا وإدفو وكوم أمبو وأسوان متجولاً بين آثار المدينة العريقة، مبهوراً بتاريخها وقصصها عن الحياة والحب، وشاهداً على طقوس المصريين القدماء في الأعياد والزفاف، فإن رحلتك لا تكتمل إذا لم تتوقف بواخر المدينة السياحية عند أرمنت التي كانت قديماً مركزاً لعبادة «منتو».
أرمنت، تلك المدينة (جنوب الأقـــصر) التي يرجع تاريخها إلى أكثر من 5 آلاف سنة، ولد فيها المهندس الفرعوني الشهير سنموت الذي شيــــد معبد الملكة حتشبسوت في أحضـــان جبل القرنة (غرب الأقصر)، وكذلك المقرئ الشهير بعد قرون الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (1927 – 1988)، لا تعد قبلة سياحية على رغم ضمها معالم سياحية عــــدة منها معبد أرمنت الأثري ودير مار جرجس التاريخي في صحراء الرزيـــقات الــذي يعود تاريخه إلى 1500 سنة، وفيه تقام احتفالات ضخمة يشـــارك فيها مليون زائر خلال تشرين الثاني (نوفمبر) فقط، وبعده تعود المدينة إلى وضعها الموحش.
كانت أرمنت مقراً للحكم في مصر الفرعونية القديمة حتى انتقل إلى طيبة (الأقصر حالياً) منذ عهد الأسرة الفرعونية العاشرة، فبدأت شهرة طيبة تطغى على شهرة أرمنت حاضرة الإقليم القديم ومسقط كثير من الملوك، وأصبحت منذ الأسرة التاسعة والعشرين جبانة العجل «بوخين» المـــوجودة أطلال معبده في منطـــقة أرمنت الحيط. وكذلك تفيد كتب التاريخ بأن الملك أخناتون ولد في أرمنت وتربى على أيدي كهنتها.
بخلاف النشاط السياحي الراكد في المدينة، تشهد أرمنت نشاطاً ملحوظاً في عمليات التنقيب الأثري التي غالباً ما تسفر عن اكتشافات مهمة، ما يشير إلى دور المدينة التاريخية وكونها تخبئ من الأسرار أكثر مما تفصح، إذ عثرت بعثة المعهد الفرنسي للآثار المصرية برئاسة عالم المصريات كريستوف تيير، على خمسة رؤوس لتماثيل ملكية من الحجر الرملي بطول 35 سنتيمتراً لكل منها. وإلى ذلك، تحبط شرطة الآثار عمليات متكررة للتنقيب السري عن الآثار في أرمنت وتضبط عشرات القطع الأثرية في حوزة منقبين في شكل غير قانوني.
ولا بد من القول أن تحركات مسؤولي الإدارة المحلية في المدينة الأثرية لإزالة تعديات على أراضي المعبد، تمثل بعضها في «بسطات» لبائعي الخضر والفاكهة، تنبئ بتحقق مطالبة أهالي المدينة وخبراء الآثار بوضع أرمنت على الخريطة السياحية للمحافظة، وفق مسؤولة البحوث في «أكاديمية طيبة للتنمية والتطوير» علا محمد سعد الدين التي قالت: «نسعى إلى أن تنضم المدينة إلى قائمة المزارات الأثرية والسياحية في جنوب مصر إلى جانب دندرة وأبيدوس وإسنا، وضخ استثمارات جديدة لتطوير معالمها والنهوض بها عمرانياً وثقافياً ومجتمعياً، والخروج من حال الظلام التي يعيشها المعبد الأثري في أرمنت».
وتحدث النائب عن المدينة أحمد الفرشوطي عن اتصالات تجرى مع وزير السياحة والآثار، للقيام بأعمال ترميم داخل معبد أرمنت وتطوير المنطقة المحيطة به وتأهيلها سياحياً، تمهيداً لبدء وضع المعبد على الخريطة السياحية، إضافة إلى التنسيق مع محافظ الأقصر الدكتور محمد بدر، للعمل على مشروع تجميلي وتطويري للمدينة بما يتناسب ومكانتها التاريخية.
وقال بدر لـ «الحياة»: «يتمّ إعداد مشروع لصيانة مدينة أرمنت ومعالمها التاريخية، مثل دير مار جرجس ومسجد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، إضافة إلى تطوير المنطقة المحيطة بمعبد أرمنت. هو هدف مهم ضمن أهداف تطوير المزارات الأثرية والسياحية بطول الأقصر وعرضها».

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى