رحيل التشكيلي إبراهيم العوام… رسام الهوية السودانية

صلاح الدين مصطفى

غيب الموت أمس الاثنين التشكيلي والناقد السوداني إبراهيم العوام أحد مؤسسي مدرسة الواحد التشكيلية، بعد عمر حافل قضاه في التعليم والفن التشكيلي والنقد.
ولد الراحل عام 1935 في منطقة الزومة في الولاية الشمالية، وتلقى تعليمه الأولي في دنقلا ودرس في مدينة مدني وفي مدارس الأحفاد في أمدرمان وانتقل إلى القاهرة في منتصف ستينيات القرن الماضي. ودرس الأنثروبولوجي في الجامعة الأمريكية في القاهرة. ثم نال دبلوم التربية في معهد بخت الرضا وبكالوريوس كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم.
أقام أول معارضه الفردية في الفاشر عام 1965 عن معاناة أهل دارفور، وأقام عشرين معرضا فرديا وتسعة عشر معرضا جماعيا داخل وخارج السودان، وأبرز معارضه الخارجية كانت في فرنسا والقاهرة والإسكندرية، وألمانيا وكوريا ونادي الشارقة في الأمارات ولندن وطهران. وتزيد لوحاته عن تسعة آلاف لوحة، ونال الوسام الذهبي للآداب والفنون من رئيس الجمهورية 2002.
ظل موجودا في الوسط الثقافي وشغل منصب مدير عام قصر الشباب والأطفال 1984 ـ 1988 ويعنى القصر بتدريس الدراما والموسيقى، وعمل رئيس شعبة الفنون في بخت الرضا وأستاذا مشاركا في جامعة السودان 1999 ـ 2000.
ويعد الراحل أحد مؤسسي مدرسة الواحد التشكيلية، ومؤسس المدرسة الأحدية، وأصدر عددا من الكتب منها كتاب عن الفنان إبراهيم عوض بمناسبة اليوبيل الذهبي لعطائه الفني، وله ديوان شعر «الدرب»، وأربعة دواوين شعر معدة للطبع، وكتب مقدمات لعدد من إصدارات الكتاب والشعراء. ومن آخر إصدارته كتاب «نسق الفكر في الجمال» الذي صدر عن هيئة الخرطوم للصحافة والنشر ضمن مشروعها الموسوم بـ»سلسلة الـ100 كتاب في الثقافة السودانية» وهو من جزئين الجزء الأول 321 صفحة من الحجم المتوسط. والجزء الثاني 237 صفحة من القطع المتوسط، مرفقة بلوحات عديدة لعدد من الفنانين التشكيليين في حقب مختلفة منذ جيل الرواد السودانيين. ويعد هذا الكتاب بحسب الباحثين أحد أهم المراجع لخريطة الفن التشكيلي في السودان.
ورسم بورتريهات بأحجام كبيرة لعدد من المبدعين السودانيين، أبرزهم الشاعران محمد المهدي المجذوب وإسماعيل حسن، وساهم في تخليد ذكرى الكثير من الفنانين بتسليط الضوء عليهم، من خلال كتاباته وأحاديثه في المنتديات الفنية والأدبية. وأسس منتدى زهاء الطاهر الثقافي وغاليري العوام وجماعة الغاليري الثقافية، وعرف عنه اهتمامه بالشباب وتشجيعهم.
وكان يحرر عموداً يومياً في مجلة الجامعة الأمريكية في القاهرة، ونشر شعره في معظم الصحف السودانية، وحرر ملفات ثقافية في صحف «أخبار اليوم» و«الرأي الآخر» و«الرأي العام» و«الوطن» وشارك في الملف الثقافي لصحيفة «الأيام»، وأشرف فنياً على عدة صحف منها صحيفة «الأضواء» وصحيفة «الأحرار» التي حرر فيها صفحة تشكيلية 1969 ـ 1970. وساهم في التصميم الطباعي لعشرات الكتب وصمم شعارات العديد من الشركات الخاصة والحكومية، وتوجد أعماله بوصفها مقتنيات ثقافية في وزارة الثقافة السودانية، وزارة الثقافة المصرية، الجمعية الإفريقية في القاهرة، المتحف الملكي الأردني، وشارك في تحكيم العديد من المسابقات الفنية داخل وخارج السودان.
وللراحل رؤية فكرية حول الهــــوية السودانية ويقول في ذلك: «لابد من الإشارة إلى الوعي بأننا تكوين ثقافي حضاري إسلامي عربي تضــــــرب جذوره في تربة إفريقية. كان لنا في تراثنا وتاريخنا دور رائد في إذكاء مشاعل الـــــنور عبر القارة، وكنّا البوتقة التي انصهرت فيها ـ بنجاح- الثقـــــافة الإسلامية العربية مع المزاج الإفريقي، حيث حافظت على أصالته وانطلقت بقدراته الإيجابية».

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى