‘أحياء على بحر ميت’ .. صورة واقعية عن بطولات الإنسان الأردني البسيط

في إطار سياستها القائمة على الاحتفاء بالأعمال الإبداعية التي تنشرها، وبالمبدعين، نظمّت “الآن ناشرون وموزعون” أمسية ثقافية حول رواية “أحياء على بحر ميت” للروائي الأردني عبدالحافظ الحوارات، أدارها القاص والمترجم الدكتور باسم الزعبي وبمشاركة الناقد الدكتور عماد الضمور، والكاتب نفسه.في إطار سياستها القائمة على الاحتفاء بالأعمال الإبداعية التي تنشرها، وبالمبدعين، نظمّت “الآن ناشرون وموزعون” أمسية ثقافية حول رواية “أحياء على بحر ميت” للروائي الأردني عبدالحافظ الحوارات، أدارها القاص والمترجم الدكتور باسم الزعبي وبمشاركة الناقد الدكتور عماد الضمور، والكاتب نفسه.
بدأت الأمسية بتقديم من الدكتور باسم الزعبي أشار فيه إلى أن الآن ناشرون وموزعون آثرت أن يكون حفل الإشهار برعاية مدير عام الدفاع المدني الأردني، تكريما للكاتب وللبطل الحقيقي ولرجال الدفاع المدني، الذين يعملون بصمت ويسطّرون بطولات يوميّة، دافعهم في ذلك هو الحفاظ على حياة وممتلكات أبناء المجتمع، مشيداً بالرواية وبالكاتب الذي استطاع أن يقدم صورة حقيقية وواقعية عن بطولات الإنسان الأردني البسيط، الذي رغم مناكدة القدر لحياته، ورغم تلوث وانحدار القيم من حوله، إلا أنه ظلّ محافظاً على روحٍ حيّة، عمادها قيم أصيلة.
ثم قدّم الدكتور عماد الضمور ورقة نقدية عن الرواية استعرض خلالها أبرز المفاصل الفنية والتقنيات السردية فيها، مشيراً إلى أن الكاتب استمد روايته من قصة بطولة حقيقية قام بها أحد أفراد الدفاع المدني الأردني، كان قد قام بواجبه دون أن يدرك أنه يقوم بعمل بطولي حقيقي.
وأوضح الناقد أن المكان المحتفى به في الرواية هو الأغوار ببيئتها الصعبة وبساطة روحها المانحة للحياة، مبيناً أن فضاء النص قد تشكّل وفق نسقٍ جمالي خاص، شرعت فيه الأنا الرّاوية بتصعيد فعلها الحكائي، لترسم مشهدية المكان، وتصعِّد من فعل التصوير الاسترجاعي للمكان؛ الذي وفّر طاقة سردية، أفصحت عن روح الطبيعة الغورية.
وأضاف أن اللغة السردية كشفت عن الأبعاد النفسية والجمالية، وما يحيل إليه النص، إذ أمكن من خلالها رصد جوانب أسلوبيّة للنص الروائي المتضمن للسرد، حيث وظّف الكاتب طاقات اللغة في إنتاج دلالة نصّية تحمل الحب والانتماء للمكان.
وأوضح الدكتور الضمور أن أهمية الرواية تكمن في ترسيخها لمفهوم البطولة وسموِّ أثرها وعمق رؤاها، فضلاً عن أنها مستمدة من بيئة أردنية، ومنتمية لهوية ذات طابع نضالي .
وحول المضامين الفكرية والقيمية التي حملتها الرواية قال الضمور، إنها حملت بعداً أخلاقيا إنسانياً واضحاً، فالرّوائي نهل أفكاره من واقع الحياة الاجتماعية في الغور وقيم المجتمع الأصيلة، مما يؤكّد واقعية الرواية وانتماء الروائي له انتماء جعله يرسخ المكان ترسيخاً قادراً على سرد الأحداث بوصف أحد شخوصه الفاعلين والصانعين لفاعليتها الفكرية وتشكّلها الفني، فالمكان والبطل متحدان في إنتاج الرؤيا التي يركّز فيها الروائي على أمرين مهمين هما: وصف البيئة الطبيعية للأغوار ومدى التهميش الذي تعرضت له، وتصوير الشخوص بحالتها الانفعالية ومعاناتها المستمرة، مما جعل الوصف والتصوير عنصرين فنيين لاصقين بالرواية.
وختم الناقد كلمته بتسليط الضوء على العنوان، مؤكداً أن الرواية حملت معنى العنوان: أحياء على بحر ميت، مما أسهم في إنتاج معنى إنساني عميق برز من خلال حوارات مليئة بالمشاعر والقيم النبيلة، التي تنتشر في ثنايا السرد وحركة الشخوص وحالتهم النفسية، بما يعتريها من خوف وقلق وصراع مؤثر يُعلي من قيمة الحياة، ويمنحها طابعاً مقدساً وفق منظومة سردية قادرة على إبراز البطولة وفعلها الإنساني الرفيع.
أما الكاتب عبدالحافظ الحوارات فقد قدّم شهادة بيّن فيها أن الرواية لم تكن سيرة ذاتية للبطل الحقيقي، فهو لم يعرف الرجل قبل كتابة الرواية، لكن بطولته التي وصل صداها إلى أماكن الاغتراب، أيقظت في نفسه بطلاً لروايته، والرواية، بالنسبة له، كما قال، ليست محاكاة للحياة الخاصة للبطل الحقيقي، بل هي استضاءت من وحي بطولته.
وأشار إلى أن راشد العبد الله بطل الرواية حمل على جناحيه هموم الغور وأحلام ساكنيه ورفرف بهما عالياً من بطن ذاك المنخفض السحيق في حفرة الانهدام، إلى ما فوق مستوى سطح البحر لعلّها تصل بعيداً بعيداً، موضحاً أن أهالي الغور، الذين يغرقون بالمفهوم الجغرافي تحت مستوى سطح البحر بمئتي متر، غرقى الديون، والإحباط، والفقر، هم أنفسهم الغارقون بحب الوطن والتضحية في سبيله.
ثم تحدث من وحي الأمسية، كل مِن المدير العام للآن ناشرون وموزعون القاص جعفر العقيلي، الذي أكّد على أهمية توجيه الكتابة الأدبية للواقع وتسليط الضوء على تجارب ملهمة وبطولات فردية، وكذلك الشاعر محمود فضل التل الأمين العام الأسبق لوزارة الثقافة، الذي كشف عن أن وجدانه أبى عليه أن لا يتحدث في هذه المناسبة، مشيداً بدور الآن ناشرون وموزعون، التي تحرص على الوقوف إلى جانب الأدباء والكُتّاب لنشر إنتاجهم وإبداعاتهم بما يليق بهم وبإنتاجهم الثقافي، وبرجال الدفاع المدني الذين لخصهم بكلمتين هما: التضحية والحياة، ومندوب راعي الحفل العميد أيمن الشراري، الذي شكر الجهة المنظمة، وأشاد بالكاتب، وذكّر ببطولات جهاز الدفاع المدني التي لا تنقطع سواء في الظروف الطبيعية، أو الطارئة، لافتا الانتباه إلى أهمية أن يتناول الكتاب والمبدعون هذه البطولات، كوسيلة لتربية الأجيال على قيم البطولة الحقيقة.
هذا وقد جرى تكريم مديرية الدفاع المدني لجهودها في الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين، والوكيل عمر يوسف البلاونة صاحب المأثرة التي ألهمت الكاتب عمله الروائي، وأيضاً الروائي عبدالحافظ الحوارات.
يذكر أن الكاتب الحوارات من مواليد 1969، الأغوار/ ديرعلا، وتحديداً على ضفاف نهر يبوق (سيل الزرقاء) الذي يمرّ في منتهاه بالقرية الوادعة الجميلة مسقط رأسه «وادي الحوارات». درس الفيزياء في الجامعة الأردنية وتخرّج فيها عام 1991، ودرس دبلوم التربية في الجامعة نفسها، ثم حصل على شهادة الماجستير في المناهج وطرق تدريس العلوم من الأردن أيضاً عام 2007. عمل بوزارة التربية والتعليم الأردنية مدرّساً للفيزياء، ثم انتقل لوزارة التربية والتعليم الإماراتيّة في مطلع العام 2000 وما يزال يعمل هناك مدرّساً ومُدرّباً فيها. نال جائزة الشارقة للتميّز التربوي عن فئة المعلّم المتميّز، 2005. وهو عضو في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات. صدر له كتابان، هما: «الثميد.. وجدانيات وذكريات مع صحراء الشارقة»، 2015، والمجموعة القصصية «على ضفاف القصباء»، 2017.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى