ثلاثة مشاهد قبل الطوفان .. ل “فايز العباس”

-فايز العباس – خاص (الجسرة)

 

(1)

لم أكنْ جنيناً،
لا أذكرُ أني تكوّرتُ على نفسي،
كنتُ سهمًا أطلقه الخالق إلى ما يعلمه ، وتجهله الخلائق،
وترًا وحيدًا للغناء الحزين،
مشهدًا قصيرًا لرسالة كالماء في فيلم الحياة الطويل،
ثغرةً في النظام الكوني “ربما لن تُرى بالعين المجردة”،
انتصارًا يتيمًا من بين ملايين الحيوانات المنوية،
هزيمةً مؤقتةً للموت
وجرحًا دائم التكوّرِ على ذاته كجنين.
لم أكن قبلك جنينًا!

 

(2)

نمضي ليكتملَ الفراغُ
كأننا – في جسم حاضرنا – جراحُ
.
ما عاد يدهشنا الغيابُ… ولا التّذكّرُ
فالأساطير احتوتنا،
صيّرتْنا خيمةً للحزنِ تعرفُها الدموعُ
وينثني عن ليل غربتِها الصباحُ.
.
نمضي لأن حنيننا وطنٌ تسيِّجه المواجعُ
هجرةٌ نحو الشمال
نبوّةٌ مفتونةٌ بالأمنياتِ
مراكبٌ مهجورةٌ
قلقٌ على الباقين من ألمِ البقاء
فراشةٌ للشعرِ تخطفها الزهور
وغيمةٌ
و وشاحُ.
.
نمضي
كجسرٍ
ضفَّتاهُ
توجُّسٌ و نواحُ.
.
ليلٌ طويلٌ عمرُ مَنْ عشقوا البقاءَ
كأنّهم لخلاصِ قاتِلهم جناحُ.

 

(3)

أيها الطوفان؛
حين سألتْني أنثى : من أنت؟
أدركتُ أنكَ لم تكن بعدي.
أيها الطوفان؛
السفينة التي صنعناها بأعيننا لم تحمل سوى الموت،
ظلت الحياة واقفة تمسح بلور نوافذها بينما نتهيّأ مثل كل الغرقى أنها تلوّح لنا.
أيها الطوفان؛
كن بعدي لأكون أنا ولو مرة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى